مأساة القرن بإمتياز هي حرب السودان الدائرة الٱن دون منازع، المقاييس التي جعلتها تتبوأ هذه المكانة المساحة لا تسع لها، و السرديات المأساوية لم يحن الوقت لطرحها بالترتيب، لسبب بسيط لأن بين الفينة والأخرى هنالك مشهد تراجيدي جديد، لعل الاقلام ظلت تقف حائرة لعجزها عن الإحاطة بما يقع على الانسان السوداني جراء هذه الحرب اللعينة..
في هذه المساحة يمكننا نشير الى حدثين اثنين من خيارات الموت التي واجهها السودانيين، الحدث الاول هو وضع اللاجئين السودانيين في اثيوبيا وتحديدا في غابات ” اولالا ” حوالي ستة الاف سوداني رمي بهم في غابة الخطورة الامنية فيها تتحدى القبضة الامنية لحكومة أبي احمد ، فلم يشكي اللاجئ هنالك من سوء احوال الطقس ولا الخدمات الصحية المعدومة ، وكذلك مياه الشرب او الاكل بقدر ما هو وجد نفسه كأنه قدم لقمة صايغة لحيوانات مفترسة هذا هو الشعب السوداني الذي كان يخالف قوانين بلده ليحمي اللاجئين الاثيوبين ويتنازل لهم عن الاحياء الراقية في الخرطوم والوظائف ليستمتع الاثيوبي بما لم يجده في بلده فهكذا جزاء الاحسان.. نعم الدرس قاسي ولكن صرخة احد النساء وهي تقف بجانب الجرحى وتنعي الموتى وبأعلى صوتها ( قتل منا اثنين ام واب وتركوا اطفالهم يتامى وهم فروا بهم لينجوا من القتل في الداخل.. وهؤلاء الجرحى لا نعلم من يموت فيهم او يحى.. لكن رسالتنا للعالم شكرا لكم حين تصلوا غابة اولالا ستقفون على تلال قبورنا رغم عجزنا حتى الان عن دفن الموتى الٱن فشكرا ليكم ايها العالم) .. انتهى حديث السيدة ولم تنته المأساة والعبرة من حديثها ليس المشاهد التي تتحدث بجانبها ولا روايتها التي تدمي القلب بل في رسالتها البليغة والتي لم توجهها لحكومة بلدها ولا قادتها ورموزها والفاعلون في المشهد السوداني الٱن.. لانها ادركت أنه قاتلها الذي انتزعت منه الرحمة وهو من غرر بها فلا يمكن ان تطلب منه انقاذها.. من هو ؟ هو القابض على زمام الامور في حكومة السودان هو الذي اشعل الحرب ليحقق طموحه الشخصي ببناء مجد من السلطة وهو الذي قابض على الزناد ليقتل شعبه تحت شعار ( الكرامة او تحقيق الديمقراطية) ، والأسوأ منهم جميعا جوقة ( البلالين او جماعة بل بس) ادعياء الشرف والوطنية وهي الشعارات التي يستخدموها للمزايدات في مواجهة من ينازعهم السلطة وعندهم الاغتصاب في معسكرات اللجوء لا يمس الكرامة والقتل في دول الجوار لا يهز مشاعرهم والجوع والنزوح هو فعل الزاهدين وثمن استرداد ” الكرامة ” فمن هم تحديدا : بل بس الذين اشعلوا الحرب ( يا نقتلكم ويا ندمركم) واوفوا بما وعدوا، بل بس انصاف السياسين ” المقطورين ” عودة نظامهم البائد فقط التي تتيح لهم فرصة التصدق بالمناصب.. بل بس المجرمين الذين وجدوا منفذا عبر الحرب ليفروا من العدالة . بل بس هم التجار المسترزقين من فوضى الحرب وغياب الرقابة ودمار المؤسسات..بل بس هم المستوزرين وكبار الموظفين في حكومة الامر الواقع ونهاية الحرب تعني قطع شريانهم..بل بس هم الطبالين دخلاء الاعلام الذين كلما سقطت مدينة او حدثت مجزرة ارتفع متابعيهم وزادت ارباحهم..بل بس هم من بالداخل ولا حول لهم ولاقوة لازم يرددوا بل بس بل بس حتى لا يعدوا في خانة المتعاونين والمتمردين .. وبل بس هم المغيبين الذين يظهر عليهم امراء الحرب في ثوب ملائكة ودليلهم الثعالب في ثياب الواعظين من اكابر المجرمين ، في المقابل من هم جماعة لا للحرب ساسة حرية وتغيير او تقدم من اجل العودة السلطة فما هو العيب في ذلك اذا تم بسلام؟! لا للحرب هم ٱخر العقلاء لان في نهاية الحرب سيفر المجرمين ويختبئ مشعلوها في جحورهم.. لا للحرب تعني عودة مؤسسات العدالة التي سيقف امامها القتلة والمغتصبين والنهابين، لا للحرب نهاية دولة الطغاة والمتجبرين لا للحرب تعني تبرأة المأخوذين بالشبهات.. لا للحرب نهاية مأساة معسكرات اولا لا وادري وسيعودوا لمواجهة من ظلمهم بحق وحقيقة.. لا للحرب تعني نهاية معاناة نازحو كسلا والقضارف الذين جرفتهم السيول وهذا هو نموذج الداخل المغرر من ذوي القربى وليس افضل حالا من لاجوء غابة اولالا حيث في نفس وقت موت اثنين بالغابة لاعتداء العصابات مات اثنين في كسلا ج جراء السيول والامطار تتعدد الاسباب والموت واحد ، لا للحرب تعني انهم سيغادروا برك المياه تجنب السيول والامطار والعودة لمنازلهم والاقتصاص من الذين شردوهم ومن الولاة الذين اهانوهم واخرجوهم حتى المدارس المتهالكة ليرضوا سادتهم بانهم يعملون.. لا للحرب هي انتزاع السلطة من الرغائبين ونزع سيوفهم المسلطة على البسطاء والمساكين.. اوقفوا الحرب ايها الاوغاد.. مصيركم بايديكم افضل لكم .. فاقتربت ساعة ايقافها بايد غيركم!!!