اعمدة

سلمى الشيخ .. تكتب.. النساء والشباب يدفعون ثمن حرب السودان،،

 

 

 

 

    تعاني بلادنا منذ الإستقلال من خلل واضح في النسيج الإجتماعي ، وازداد هذا التمزق خلال الثلاثين سنة الأخيرة، أصبح السودانيون يعانون بصورة واضحة من نسيج إجتماعي ممزق وخطابات كراهية وعنصرية أرهقت السودان وأهله، وظهرت تخبطات في مفهوم الهوية. نحن الآن ندفع ثمن هذه المعضلة في شكل حروب أهلية ونزوح وشتات يكاد يعصف بالسودان.

على مر الزمان، تعتبر النساء أساس المجتمعات الصالحة والمحبة للسلام والداعية إليه، شهد لهن التاريخ في مواقف عديدة بقدرتهن على صناعة السلام وإبتعادهن الشديد عن تكوين وإشعال الحروب، وذلك لأنهن دوماً هن المحافظ الأول على سلامة أسرهن الصغيرة والمربيات للأجيال التي نطمح أن تنشأ معافاه وخالية من كل العلل وتكرار تجارب الماضي المريرة.

بعيداً عن ذكر الويلات التي تكبدتها النساء بسبب الحروب وإنتهاك الحقوق الإنسانية وإستباحة الأعراض واستخدامهن كأداة من أدوات الحرب الرخيصة وفقدان الابن والأخ والأب والسكن وحقوقهن في الحياة الكريمة، ظلت النساء في بلادي يحلمن بوطن تُسترد فيه إنسانيتهن وكرامتهن، صابرات صامدات داعيات إلى السلام وسلامة مجتمعاتهن. لذلك، فإن رسالة النساء في السلام هي رسالة حقيقية نابعة من وحي المعاناة والتجربة.

أما الشباب، فهم عمود هذا المجتمع وركيزته وشعلة المستقبل الحية، وذلك لأن الشباب هم مستقبل البلاد وأصحاب المصلحة. وفي نفس الوقت، لديهم كل المؤهلات والقدرات لبناء المجتمعات الناهضة والمترابطة اجتماعياً، وهم قريبون جداً من كل فئات المجتمع، قادرون على نشر ثقافة السلام والمحبة والتسامح مستخدمين كل السبل معرفياً ومواكبة تكنولوجيا.
على النقيض من تلك السبل الداعية للقتل وإبادة أبناء وطنهم وتسليحهم بخطابات الكراهية والعنصرية البغيضة، يجب علينا تمكين الشباب من نشر عبارات الاحترام والتقدير التي تمكنهم من الحفاظ على الأرواح، كما شهدت بعض الدول التي مرت بتجارب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي.

لذلك، فإن اجتماع النساء والشباب وإشراكهم كفاعلين أساسيين لتوحيد الرؤى السياسية والاجتماعية يُعتبر من الخطوات الإيجابية والمسرعة نحو سلام نسعى لأن يكون مستداماً في وطن ينزف وشهد الكثير من النزاعات والحروب الأهلية ونسيج اجتماعي ممزق. حان الوقت لنصحوا من غفوتنا ونلملم أطرافنا ونضمد جراحنا. كفانا كل هذه الدماء والتمزق، وعلينا نحن أصحاب المصلحة الوقوف موقفاً للتاريخ والإنسانية والسودانية والتحرك نحو سلام ينسى جراح الماضي ويداوي تعب السنين، رافعين رايات السلام والمحبة والوحدة والتصالح والتسامح، مع إحياء روح القومية ونبذ العنصرية وخطابات الكراهية.

زر الذهاب إلى الأعلى