حيدر الفكي .. يكتب.. ” حتى الآن ” .. الحاج محمد عبد الباقي (خيره يتبعه كظله)
إِنَّ لِلَّه عِباداً فُطنا
تركوا الدُنيا وَخافوا الفِتَنا..
نظروا فيها فلما عَلِموا
أَنَّها ليست لِحَيٍّ وطنا..
جعلوها لُجَةً واتَّخَذوا
صالِح الأَعمال فيهاسُفُنا..
*************************
ربما هذه الأبيات أنسب مدخل للولوج الى عالمه
رجل جعل مشوار حياته باب خير وصلاح تعلَّق قلبه بالذكر ومجالسة العلماء وإقتفاء اثر الصالحين حباً ومودة وإكرام ولا غرو أنه من سلالة الصالحين الأخيار أهلي اليعاقيب اهل العلم والقرآن أهل الضيوف اهل المكارم كابر عن كابر.. وهو علم من أعلام منطقتنا كنور وعطبرة بل على مستوى ولاية نهر النيل .. ساهم الحاج محمد عبد الباقي مساهمة فعَّالة في كثير من اعمال الخير بعضها معلوم وبعضها خبيئة بينه وبين ربه يؤديها في خلوته بينه وبين ربّه جلّ وعلا وهي زاد للإنسان في آخرته.. وقد قام بعمل عظيم على مدار السنين وهو أنه أسس منبراً وصرحاً مهماً في مسجد اليعاقيب للتدريس وتفقُه الناس في أمور دينهم علي ايدي كبار العلماء والفقهاء الشئ الذي أدى الي رفع مستوى الوعى والتنوير وسط الواردين من منهل حلقات العلم العذب حيث وجد فيه الكثير ضالتهم المنشودة ولعمري أنه عمل عظيم وأحسب ان أجره أعظم في ميزان حسناته حيث كان ينفق عليه بسخاء فأنعِم به من عمل وكذلك اسس جانباً مهماً في نفس المسجد عبارة عن قاعة للمذاكرة للطلاب مُجهَّزة بالإجلاس والكهرباء (مولد كهربائي) وكانت الكهرباء على درجة من السوء تقترب الى العدم فنزل هذا العمل برداً وسلاماً على طلبة العلم وأهلهم.. فهو رجل إختصه الله بخدمة اهله ومنطقته بكل الحب من غير من ولا أذى فلا يكون هنالك عمل خير او مشروع إلا وتجده أول المبادرين بنكران ذات وتفانِِ وسخاء.. لم يقف أمامه صاحب حاجة إلا ورجع مسروراً محبوراً منشرحاً بتمام امره.. هناك أُناس إختصهم الله بقضاء حوائج الناس ويجدون فيها راحة وسلوى.. وقد كان متجره بعطبرة قبلة ومجلس للعلماء والأهل وقضاء الحوائج مما اضفى عليه هالة من البركة حيث صاحبه التوفيق والنجاح ثم نقل عمله التجاري الى الخرطوم وصاحبه نفس المناخ وكان إمتداداً طبيعيا وبكل تفاصيل أعمال الخير.. وأحسب أن هذا توفيقا إلهيا وإختصاصاً ربانياً.. وكم حدَّثني كثيراً عن والدي حديث المُحب الصادق المُخلِص نعم والدي خاله ولكنه دائماً يتحدث عنه كأيقونة للخير والصلاح وكل إناء بالذي فيه ينضح لأنه من ذاك النسل الطيب طبت وطابت ايامك سعادة انت واسرتك الكريمة وذريتك……
وكلما جالسته ازداد يقيناً على يقيني بأن هذه الدنيا اتخذها طريق سلام قوامه صلاح العمل وحسن السيرة وهذا من الفلاح والتوفيق الرباني فهو صاحب وجدان عامر بالمودة والشفافية والدفق العاطفي يروي إحساسه الأخضر فتراه مشغولاً بالذِكر ومِحور حديثه عن محبة الحبيب المصطفى صل الله عليه وسلم وكم تمنى ان تكون خاتمة حياته بجواره شوقاً اليه ومحبةً فيه وإن شاء الله بعد عمر مديد وصحة وعافية وثباتاً على عمل الخير والطاعة .. وهو رجل قلبه مُعلَّق بالمساجد محباً لدور العلم وتحفيظ القرآن ويختم المصحف في ايام معدودة وبإنتظام دون إنقطاع حيث كان أحد حيران خلوة الفكي العوض (عطبرة) البارزين وكان شيخهم جدي سليمان محمد الطيب شقيق جدي الطيب محمد الطيب (صاحب البرنامج التلفزيوني المشهور .. صور شعبية)
ومن الاشياء الغريبة التي حدثت قبل إندلاع هذه الحرب اللعينة أنه جهَْز منزله بقريته (كِنور) تجهيزا كاملا وتمت صيانته على اكمل وجه وكان مهتماً به واقفاً علي اعمال صيانته بالمتابعة وبهمة عالية وكأنه في سباق مع الزمن وقد إستغرب الناس في حينها حيث تم صرف عالي على اعمال الصيانة وقد درج الناس علي إهمال منازلهم واكتفوا بمنازلهم بالخرطوم.. وما ان تمت اعمال الصيانة واصبح المنزل جاهزاً حتى إندلعت الحرب وفقد الناس المأوى وعادوا أدراجهم الى مسقط رأسهم وعندما عادت أسرته الى البلد كان البيت جاهزاً وكان هوالملاذ الآمن.. سبحان الله وكأنه كُشِف له الحجاب وأحسب أن هذا من علامات الصلاح !!! وعلى ذكر داره العامرة به وبأولاده وأحفاده فهنا لابد من كلمة شكر وعرفان وامتنان له ولأسرته الكريمة ولِحرمِه الفُضلى بنت العمة فاطمة قاضي شيخ طه ولأولاده ولأحفاده حيث أن هذه الدار أصبحت مُتَنَفَّس وجمعت الأهل والأحباب في امسياتها المخملية الندية وأصبحت المُنتدى الجامع بسعة نفوس أهلها وطيبة معشرهم وكرمهم الفياض ورغم أن الدار دارنا والاهل أهلنا ولكن لابد من بوح الحروف بالإمتنان وان تلهج الألسنة بالشكر والعرفان..
وهذا قليل من كثير في بحره الطامي الذي لا ساحل له.. اللهم متعه بالصحة والعافية واجعل كل ما قام به من عمل خير في ميزان حسناته واجزه خير الجزاء وأجعل البركة في ذريته وعَقِبِه إلى يوم الدين