عبد الباقي جبارة .. يكتب .. ” فزع الحروف ” .. الى شركات الاتصالات قبل مثواها الأخير !
واحدة من أهم القطاعات التي أهتمت بها حكومة الانقاذ البائدة هو قطاع الاتصالات هذا القطاع الذي يرتبط ارتباطا وثيقا بأمن الدولة وفوق ذلك يعبر عن هوية الوطن لكنه كان هدفا أساسيا ووسيلة من وسائل تكريس الحكم الدكتاتوري الشمولي وأيضا ارتبط بملفات خطيرة لم يتم التطرق لها حتى بعد سقوط حكومة البشير ابتداءا من ملف الخصخصة والتغول على منشئات دار الهاتف وكل ما ألتحق بهذا المجال الذي يمثل تقدم وحضارة الدولة السودانية ورغم أن الخصخصة في أهدافها الظاهرة تعني تطوير هذا القطاع ومواكبة النهضة في قطاع الاتصالات وقد حدث ذلك بلا شك، لكن هذا التطور كان ثمنه غالي جدا حيث لعب قطاع الاتصالات دورا كبيرا في سياسة التمكين باستئثار فئة معينة بالوظائف محسوبين على الموالين للتنظيم الحاكم وخاصة الوظائف العليا ، وكذلك الفساد المالي والإداري الذي جعل هذا القطاع دولة داخل دولة وعطفا على ذلك وعلى هامش إجراء تحقيق قمت به العام ٢٠١٠م يتعلق بفساد احد رموز الانقاذ وفي أثناء أخذ بعض الإفادات من مسئولة كبيرة بوزارة المالية فقالت ” انتوا الفساد في شركات الاتصالات دا ما بتشوفوا جاي تحقق ليك في مبلغ بضعة آلاف من الدولارات يمكن يشيلها الوزير كنثرية ” فقلت لها فساد مثل ماذا فقالت لي : ” كسر الثواني في المكالمات بياكلوه في الدولة دي خمسة رجال فقط ” والذين لا يعرفون شئ عن كسر الثواني هو زمن لا يتجاوز سبعة الى عشرة ثواني تخصم قيمتها ولا تحسب في المكالمة الاساسية كلفتها المادية تخصم من المتصل ، لكنها تذهب لصالح هؤلاء الرجال الخمسة وذلك على ذمة هذه المسئولة وهي موجودة يمكن الرجوع لها ، فقلت لها نحن كصحفيين نكتب ما نمتلك له دليل سواء كان مستند أو تصريح من مصدر معروف . تخيل عزيزي القارئ سبعة او عشرة ثواني في كل مكالمة يرمي عدادها في جيوب اشخاص هم نيام او في الحمام او بلعبوا كتشينة، الجانب الآخر شركات الاتصالات متهمة بإمتصاص العملات الصعبة من السوق السودانية وهي عامل اساسي في المضاربات السوق السوداء وارتفاع سعر الدولار وخطورة ذلك تفاقمت عندما اصبح قطاع الاتصالات فيه ايادي أجنبية وخدمة تحويل الرصيد حتى تم تحديد سقف لها ولكن يتم التحايل عليه بعدد الشرائح، أما الأذى المباشرة للمواطن هو رداءة الخدمة والاستقطاعات والضرائب الباهظة من جيب المواطن الغلبان بل الاتصالات استخدمت في التنكيل بإصحاب الرأي العام والخصوم السياسين عبر الأجهزة الأمنية والتحكم فيها ايام المظاهرات وفض الاعتصام وغير ذلك، وعليه انقطاع الاتصالات ليس بجديد لكن الجديد في الأمر بأنه وصل اللحم الحي ودخل عش الدبابير وبما أن الله يمهل ولا يهمل هذه المرة لم تسلم الجرة يا شركات الاتصالات ويجب أن لا تمثلوا فيها دور الضحية، وكما ظل يردد الجميع بأن السودان لم يعد كما كان قبل ١٥ ابريل أي تاريخ اندلاع الحرب لكن اقول وبالفلم المليان قطاع الاتصالات لن يعد كما كان قبل الانقطاع العام للاتصالات الماثل الآن.. وكل آفة لها آفة ويضع سره في اضعف خلقه هذا الجهاز الصغير المسمى ” استار لنك ” يعد بداية انهيار هذه الشركات وعلى موظفي هذه الشركات أن يتحسسوا مواضعهم ، صحيح هنالك قرارات تكافح هذه الأجهزة وقوانين تردع مستخدميها لكنها ستكون تحصيل حاصل والمثال بسيط الانقاذ في عشريتها الاولى حاربت ” الدش ” أي الاطباق الفضائية ” وكانت محرمة على المواطنين إلا ذوي الحظوة من أهل السلطة والرأسمالية التمتع بخدمة الفضائيات ومع تزايد استمرارها أصبح لها تصديق ثم أصبح في كل بيت يلتقط عدد من الأقمار وحتى الخيام في الخلاء والدهابة ينصبون الخيام ويزينونها بالاطباق الفضائية.. وعليه الآن فالتستعد شركات الاتصالات للاستفادة من مبانيها الفخمة لمشروعات جديدة ومن كان يتحكم في خلق الله عليه أن يبحث له عن وسائل أخرى فالاولى للدولة محاربة انتشار السلاح الناري الذي يحصد الارواح والعمل على وحدتنا لنسد هذا الفتق الذي سببته هذه الحرب اللعينة ولنستفيد من الاستار لنك وغيره بتنوعنا وتميزنا عربا وافارقة وأي زمان وأي مكان وانا سوداني وخليك سوداني ….