“السيسي” إسمٌ لعلمٍ من أشهر اطباء العيون في السودان، لكن في ظني المتواضع، أن “السيسي” ليس مجرد طبيب شهير، حاز أرفع الدرجات العلمية من “جامعة الخرطوم” التي درس بها.
فهو فوق تفوقه العلمي، وبراعته العملية، ظل كما هو إنسانا سودانيا قحا، تتجلي فيه أسمي سمات الشخصية السودانية.
بل ربما أني أجد في طب “السيسي” الذي يمارسه بما يشبه الطقوس التعبدية، شيئا من طب العارف بالله “البرعي” الذي يلخصه في قوله:
(بوريّكَ طِبك
أحسِنْ فيمن عاداك
ومن يحبك
أذكر إلهك يوت
لا تنس ربك
أكثر لذكر الموت
تلقاهو طِبَك
بل أنِـسي إحسانك
فيمن يحبك
وتناسى يوت
لإساءة من يسبك
فيما يَهِمَك
أجعل جميع فكرك
شُغلك وهَمَـك)
والي أن يقول شيخنا الراحل:
(الزم محلك
وتحلى بالآداب
حرمك وحلك
واصبر لأمر الله
حين يمتحن لك
من رِبقة الأسواء
والشر يحِلك
جود إن دعَنَك
بمالك الأيام
أو وَدَعَنَك
إن رُمتَ من خَلاقَك
يرضى عنك
لأحِبَتك وأعدَاك
كن بيضا سِنك).
ولأن بحري هي “سِّرٌ الهوي” فإن لعيادة “السيسي” بها.. سِّرٌ، وروحٌ، وعبق، ومددٌ من عبقريات عين المكان.
أذ ليس من قبيل الصدفة ان تفحص هذا النطاسي البارع صباح اليوم، عيني التي أكل عليها الدهر وشرب، الي أن إبيض ماؤها، وعين ابني “الفاضل” التي سرق جند سلطان مستبد غاشم، شيئا من نورها.
شكرا اولا لعين المكان، بل و”المكنات” وسائر الأمكنةِ “بحري”، التي باحت لي هذا الصباح الجميل، بشيء من سِّرها، وبدفق من سحرها.. ولا ازيد.
لأجد نفسي بين طبابةِ “السيسي”، وطبابة “البرعي” اقول:
طِبانِ لما إستُجمعا حسُنا
والطبُ يُظهرُ حُسنهُ الطبُ.