الخرطوم _ ترياق نيوز
كشف السودان أنه يمضي قدما في محادثات مع دولة الإمارات من أجل الاتفاق على تمويل مشروع بناء ميناء جديد على البحر الأحمر، في رد على الشكوك التي برزت في الفترة الماضية بأن ثمة عراقيل قد تعيق إتمام الصفقة.
ويأتي هذا المشروع بينما تكافح السلطات من أجل دعم البنية التحتية المهترئة للنقل والخدمات اللوجستية، والتي من بينها تطوير مطار الخرطوم باستثمارات تبلغ قرابة مئتي مليون دولار.
وأكد وزير المالية جبريل إبراهيم خلال مقابلة مع وكالة بلومبرغ من العاصمة واشنطن، وجود اتفاق “من حيث المبدأ” مع دولة الإمارات لبناء الميناء وإدارته لفترة معينة.
وقال إبراهيم، الذي احتفظ بمنصبه الوزاري بعد حل الحكومة الانتقالية قبل عام، “نحتاج إلى الاتفاق على المدة الزمنية، وعلى كيفية تقاسم العائدات”.
جبريل إبراهيم: نحتاج إلى الاتفاق على مدة التشغيل وتقاسم العوائد
ولم يذكر الوزير المزيد من التفاصيل، بما في ذلك التكلفة المحتملة. وكانت رويترز قد نقلت عن مصادر قولها إن الإمارات ستبني ميناء جديدا على البحر الأحمر في السودان، في إطار حزمة استثمارية بقيمة ستة مليارات دولار.
وقال أسامة داود عبداللطيف، رئيس مجلس إدارة مجموعة دال السودانية، إن “الميناء الذي تبلغ تكلفته 4 مليارات دولار، وهو مشروع مشترك بين دال وموانئ أبوظبي، سيكون قادرا على التعامل مع كل أنواع السلع ومنافسة الميناء الرئيسي في البلاد بورتسودان”.
وأوضح أن المشروع في “مراحل متقدمة” مع استكمال الدراسات والتصاميم.
والمجموعة شريك في الاتفاق الذي يمثل أول استثمار أجنبي كبير منذ إزاحة الجيش الحكومة الانتقالية قبل عام من الآن.
والميناء المزمع بناؤه يقع على بعد مئتي كيلومتر إلى الشمال من بورتسودان، وسيشمل أيضا منطقة تجارية وصناعية حرة على غرار جبل علي في دبي، بالإضافة إلى مطار دولي صغير.
وكانت شائعات عن استثمارات خليجية في بورتسودان، وفي مشاريع زراعية بمناطق أخرى بالبلاد، قد قوبلت في السابق بمعارضة واحتجاجات في بعض الأحيان.
والصيف الماضي قال مسؤولان سودانيان رفيعا المستوى لرويترز إن “الخطوط العريضة للاتفاق الجديد تم الاتفاق عليها بين الزعيم عبدالفتاح البرهان ورئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، خلال زيارته في وقت سابق من هذا العام إلى أبوظبي”.
وفي إفصاح لسوق أبوظبي للأوراق المالية في يونيو الماضي، قالت مجموعة موانئ أبوظبي إنها “لم توقع أي اتفاقيات تتعلق بمشروع مشترك لبناء ميناء في السودان”، لكنها أضافت “هناك مناقشات أولية تجري مع الجهات ذات الصلة مع السلطات في السودان”.
ولطالما ابتليت البوابات التجارية البحرية بالتحديات، ففي أواخر العام الماضي تعرض ميناء بورتسودان إلى الإغلاق الإجباري لمدة ستة أسابيع، مما أدى إلى خسارة أعمال من شركات الشحن الدولية الرئيسية.
وفي خضم ذلك، أوضح إبراهيم على هامش حضوره الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي، أن بلاده تقوم بجمع الأموال اللازمة لتطوير مطار الخرطوم، “بشكل رئيسي من مصادر سودانية”، على الرغم من أنّها منفتحة على تلقي التمويل الأجنبي.
أسامة داود عبداللطيف: الميناء سيكون قادرا على التعامل مع كل أنواع السلع ومنافسة الميناء الرئيسي في البلاد بورتسودان
ومن المتوقع أن يستفيد الاقتصاد السوداني من مثل هذا الإنفاق على نطاق واسع بعد تولي الجيش السلطة العام الماضي، وتعليق المانحين الغربيين مساعداتهم، وهو ما أسفر عن حدوث أزمة تمويل.
ويواجه السودان، إحدى أكثر الدول العربية والأفريقية مديونية، ضغوطا من مجتمع الأعمال والأكاديميين والخبراء لإظهار أنه مستعد لتنفيذ الإصلاحات، التي يبدو أنها أعاقت انفتاح مناخ الأعمال بسبب الظروف السياسية والاقتصادية المتداخلة.
ويتوقّع صندوق النقد الدولي أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للسودان بنسبة 0.3 في المئة خلال هذا العام، قبل أن ينمو بنسبة 2.6 في المئة في عام 2023.
وتعرضت جهود الحكومة الانتقالية لانتكاسة في أكتوبر الماضي بعد تجميد مهامها، وهو ما أعطى فكرة للمحللين بأن الطريق أمام البلد لا يزال طويلا لجذب الاستثمارات أو حتى إغراء المغتربين بإقامة مشاريع لهم بالبلاد.
وسعت الحكومة منذ العام 2019 إلى إصلاحات بدت متقطعة لتنفيذ سلسلة من الإجراءات الهيكلية لتهيئة مناخ الأعمال، عبر سياسة تحرير سعر الصرف الذي يعد إحدى الخطوات المهمة لجذب المستثمرين.
كما أجازت قانونا جديدا للاستثمار، وآخر للشراكة ما بين القطاعين الخاص والعام، وثالثا وهو قانون النظام المصرفي المزدوج.
وقال إبراهيم إن “السودان لم يتلق أي دعم في الميزانية من أي دولة منذ تولي الجيش السلطة، كما أنّ الدولار الأميركي القوي أمام العملات الأخرى، كان له تأثير سلبي على الاقتصاد”.
وأشار إلى أنّ “الأمن الغذائي يمثل مشكلة بسبب ارتفاع أسعار النقط والأسمدة والقمح”.