عقدت الحركة الإسلامية التابعة للمؤتمر الوطني بقيادة السيد على كرتي اجتماعا مهما لا يخصها وحدها بل يخص الثورة والدولة ومستقبل السودان.
انعقد الاجتماع في مزرعة بمنطقة العيلفون تابعة لامراء الجماعة في شهر يونيو المنصرم. وقد حضر الاجتماع اثنان من نواب الرئيس السابق عمر البشير وعدد من حكام الولايات السابقين من اشهرهم اثنين من حكام ولايات دارفور وواحد من ولايات شرق السودان ولواء سابق في جهاز الأمن كان مدير مكتب أحد قادة الجماعة السابقين، وقد اتي من تركيا، وعدد كبير من قادة الجماعة.
وضع الإجتماع اللمسات الأخيرة للخطة الشاملة لتخريب الثورة واستعادة الاستحواذ على الدولة سيما بعد أن تم احياء الاجهزة الخاصة كالامن الشعبي و تم اعادة تنظيمها، وتم مناقشة الإمكانيات و الفرص التي اتاحها انقلاب ٢٥ اكتوبر.
وأبدى قادة الجماعة غضبهم من بطء المكون العسكري في اخذ خطوات سريعة في تنفيذ انقلاب كامل واكدوا على ضرورة الدفع بهم في هذا الاتجاه، وإن الجماعة محيطة باجهزة الدولة وبامكانها أن تستخدم قادة المكون العسكري لاستعادة فردوسها المفقود.
أكد قادة الجماعة العمل في إتجاه انتخابات مبكرة في ٢٠٢٣ للعودة بإسم الديمقراطية، ووضعوا خطة للاستمرار في تخريب لجان المقاومة وزرع الفتن بين قوى الثورة ومنعها من التحالف والاتفاق في ما بينها وبناء منابر مصنوعة داخل قوى الثورة وتاجيج الخلافات بينها بدعاوي ثورية والدفع بمبادرات بالتعاون مع الطرق الصوفية لصرف الأنظار وتخريب اي إمكانية للوصول لحل سياسي.
ركز الإجتماع على ضرورة إرجاع الأموال والممتلكات العامة والخاصة التي تخص الجماعة وتخص منظماتها وأفرادها وضرورة إرجاع المفصولين من قبل لجنة التفكيك سيما في الوظائف العليا، واعطوا اهتماما خاصا للمنظومة العدلية ووزارة الخارجية والقطاع الاقتصادي والاعلامي. وناقش الاجتماع كيفية خداع المجتمع الداخلي والقوى الإقليمية والدولية المناوئة لعودة الجماعة.
ومن المفارقات إن داء العنصرية والكراهية الذي نشرته الجماعة في المجتمع العريض حصدته في اجتماعها وانتقل إلى صفوفها واختلف أعضاء الجماعة حول التجديد لاميرها لمدة اربع سنوات وانقسم الاجتماع على اساس جهوي وجغرافي واثني و (التسوي كريت في القرض تلقاهو في جلدها).
تعمل الجماعة على احكام السيطرة على القوات النظامية واحداث الوقيعة بين الجيش والدعم السريع وتواجه تحدي حقيقي في كيفية السيطرة على الدعم السريع.
تعمل الجماعة على تخريب اي عملية سياسية منتجة بين المكون العسكري والمدنيين لاسيما مع قوى الحرية والتغيير وتتخوف بشدة من عودة الحكم المدني الديمقراطي كاكبر (بعبع) يواجه الجماعة. ومن الملاحظ عدم مشاركة شخصيات مهمة في الاجتماع من الذين هم خارج السجون من ضمنهم رئيس معلن للمؤتمر الوطني مما يضع علامات تساؤل حول وحدة صف الجماعة. كما أن هنالك حديث يدور إن أحد النافذين في الجماعة وكان سفيرا في دولة عظمى يعمل على بناء تنظيم جديد ويمتلك مصادر عديدة.
مهما يكن فإن الجماعة لم تعي دروس الماضي سيما ثورة ديسمبر المجيدة، ولا تريد تجديد نفسها بمعالجة قضايا حقيقية تواجهها وتواجه كل السودان، وتسعى إلى السلطة التي استولت عليها لمدة ثلاثين عاما، واورثتها والسودان اوضاعنا الراهنة وهي اليوم لا تمتلك امكانيات دكتور حسن الترابي وإمكانيات قياداتها السابقة التي صعدت بها نحو الاستحواذ على الدولة، وتواجه رفض وحركة حية من الشارع يشارك فيها ملايين الشباب تجعل الردة مستحيلة. وفي ظل واقع محلي واقليمي ودولي شديد التعقيد.
السيد علي كرتي يحتاج لتجديد الجماعة وتركها لجيل جديد متصالح مع نفسه ومع الديمقراطية والحرية والعدالة، ومع حقيقة أن الجماعة افسدت امر الدولة وتحاصرها الثورة وتحتاج لهدنة مع نفسها قبل الآخرين.
إن افضل محاولات الاسلاميين الحالية- رغم تحفظ البعض- هو موقف الدكتور على الحاج الذي اختار من داخل السجن الوقوف مع استعادة الديمقراطية، ودكتور علي الحاج صاحب شرعية تاريخية بعد غياب دكتور الترابي.
اذا كانت القوى المضادة للثورة لديها خطة واضحة فمن باب أولى أن تكون خطط قوى الثورة أكثر وضوحا وخلفها ارتالا من وحدة الشهداء، وتلوح الآن فرصة كبيرة لوحدة قوى الثورة تبدأ بتعزيز فرصة بناء قيادة ميدانية لاحكام التنسيق الميداني بين قوى الثورة اساسها الموضوعي الذي يمكن أن يقبل به الجميع متوفر، فإن هنالك وحدة فعلية في اوساط الاطباء ومحامو الطوراىء وتنسيقيات لجان المقاومة واساتذة الجامعات والمعاهد العليا وقوى عديدة من المهنيين التي تضم كل الوان الطيف المتنوع من قوى الثورة ولا تفرق بين احد من قواها، وبامكانها أن تتولى التنسيق الميداني إلى حين الوصول الى تنسيق سياسي مكتمل وفق برنامج الحد الأدنى المتمثل في الوصول إلى حكم وسلطة مدنية ديمقراطية.
من الملاحظ إن قوى الثورة أكثر توحدا في الولايات والاقاليم وتوصل بعضها لتكوين جبهة مدنية موحدة، ووحدة قوى الثورة في تلك الولايات أقل تعقيدا من العاصمة، وهذا امر جيد ومبشر.
٢ أغسطس ٢٠٢٢