مثيرون للرثاء وللشفقة، هؤلاء الذين يلوون السنتهم للحديث بصفة الثورة، التي يظهرونها للناس، ويضمرون سواها في خاصة انفسهم.
يتحدثون بها من طرف السنتهم، ويروغون عنها حين ينكسر الهواء على رؤوس الناس من عبء الدخان.
فالثورة رسالة سماوية غير مكتوبة، تتنزل على الارض بيد الصادقين، لتوافق من بعد، مكنون القدر.
ولذلك فإن شأنها شأن الرسالات التي يؤمن بها البعض حقا وصدقا، ايمانا لا ريب فيه.. وقر في القلب، وصدقه العمل، حتى لو ادي مثل هذا العمل للمجازفة بالحياة.
بل قد جازف بالفعل تسع وتسعون من الصادقين منهم بحياتهم، ارتقوا الي بارئهم بعد اسمائه الحسنى، في سبعة أشهر، في كل شهر منها سرا طباقا، من أسرار سماواته السبع العلا، في الملأ الأعلى.
لكن هنالك ايضا من تسوروا المحراب، لكي ينافقوا بالثورة كما يحلو لهم، رياء الناس.. مثلهم مثل من.. (إذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا، وإذا خلوا الي شياطينهم قالوا انا معكم إنما نحن مستهزئون) .
فالثورات لا تعرف برجالها ونسائها واحزابها، إنما هؤلاء الرجال والنساء والاحزاب، هم الذين يعرفون بثوريتهم، متى ما ظلوا متمسكين بها، أوفياء لها.
وكما ان للثورة “غربال” ذاتي، عالي الحساسية، والة فرز داخلية دقيقة، من شأنهما ان يعيدا رسم خارطة طريق الثورة، حينا بعد حين، ومرحلة بعد مرحلة، وفرزا بعد فرز.
فإن فرزا حقيقيا اخر يقوم على مبدأ القذف بالحق على الباطل فيدمغه، لكي يتجلي الحق صافيا نقيا رقراقا، في أبهى صورة واجملها، ويزهق الباطل، كما ينبغي أن يكون زهوقا وفقا لموعود الخالق.
المهم فإن جدلية العلاقة بين الحق والباطل، والخير والشر، تظل سنة ماضية الي ان يرث الله الأرض ومن عليها، وفق قانون ازلي جعل شاعرا ملهما يسأل حائرا: (ايكون الخير في الشر انطوي
والقوي
خرجت من ذرة
هي حبلي بالعدم).
وبالطبع فقد اجترح جيل خارج من هذا العدم، بسلميته الباهرة، معجزةً لا مثيل لها في عصرٍ أضحى فيه الحصول على السلاح أيسرَ من الحصول على شربة ماء.
هي سلمية جسّدها والتزم حدّها بصرامة هذا الجيلُ الباسل، عن قوة، لا عن ضعف.
لقد كانوا “هابيليون” بمعنى الوصف القرآني على لسان هابيل لأخاه قابيل “لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك”.
او ترجمة لما قال المهاتما غاندي: (انا على استعداد للموت، لكن لا يوجد سبب، من اجله انا على استعداد لان اقتل).
فيما لا تزال عصبة من الاشرار على ضلالها القديم، تقنص كتائبها التي نعرفها جيدا، شبابا عزلا أبرياء كما الطير، على مرأي العالم وسمعه، دون ان يطرف له او لها جفن.
لام.. الف
نحن الضحية التي جربت فيها كل أنواع القتل، وباحدث الأسلحة، لكننا الاعجوبة التي لا تموت، ولا تستطيع أن تموت.
حالتي
اشهد الا انتماء الان
الا انني في الآن لا