عام منذ توقيع الاتفاق بين طرفي الخلاف، العسكر وقوى إعلان الحرية والتغيير والمتعلق بتقاسم السلطة بعد مفاوضات مضنية لعبت الوساطة الأثيوبية والافريقية دوراً كبيراً في الوصول إليه بعد عمليه قمع قذرة لاعتصام كان يطالب بتسليم السلطة لحكومة مدنية راح ضحيته المئات في مشهد حزين انهمرت فيه الدموع وخرج فيه القلب من الضلوع.
فترة انتقالية مدتها ثلاث سنوات، وحكومة “كفاءات” نالت ثقة الشعب حتى قبل تشكيلها!، ولجنة تحقيق مستقلة للتحقيق في أحداث فض الاعتصام تعد أبرز بنود الاتفاق.
تحول بعدها المشهد في السودان بعد توقيع الاتفاق من حزن إلى “فرح السودان” وبعد عام.. مشهد آخر.
مضى الآن عام كامل من عمر الفترة الانتقالية وكأنها لم تبدأ بعد!، الوضع في حاله، بل أكثر سوءا من الوضع الذي قامت بسببه الاحتجاجات في ديسمبر 2018، مشهد الحياة في السودان الآن أكثر بؤساً من أي وقت مضى، احباط أصاب الشعب من أي تحسن ممكن، صفوف الخبز والوقود تزداد رقعتها يوماً بعد يوم، أزمة غاز الطهي لم تراوح مكانها بعد، بعبع المواصلات بالمرصاد في كل الأوقات، الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي لساعات طويلة يزيد من صعوبة الحياة، ارتفاع أسعار الدولار بصورة يومية كالنار التي تسكب فيها الوقود أثقل كاهل المواطنين، ولسان حالهم يقول “قد عجزنا حتى شكا العجز منا، وبكينا حتى ازدرانا البكاء” !.
إذاً، الفشل هو العنوان الأنسب لوصف هذا العام، ولكن السؤال لماذا على الرغم من الدعم الكامل الذي وجدته الحكومة الجديدة منذ بداية تشكيلها؟ لماذا فقدت الدعم بهذه السرعة؟ الإجابة ربما تكون واضحة ولا تحتاج إلى الكثير من التفكير.
أولاً: وجود العسكر في المشهد السياسي كون قوة مؤثرة اغتالت حلم الشعب في تحقيق الديموقراطية، السودان وطوال تاريخه السياسي حكم من العساكر والنتيجة واحده انهم متشابهون!
ثانياً: الصراع المستمر بين الأحزاب والاقتتال فيما بينهم للوصول إلى كرسي الحكم وتقديم مصلحتهم الشخصية على مصلحه الوطن والنفاق الفكري والانتهازية التي تشوب مواقفهم السياسية في قضايا كثيرة.
بداية العام الثاني للفترة الانتقالية سيكون الأصعب في ظل الاحتجاجات التي انطلقت مؤخراً والمطالبة بتصحيح مسار الفترة الانتقالية، إنني ومنذ بداية الحراك الثوري في السودان وحتى الإطاحة بالبشير كنت على دراية باستحالة تحقيق مطالب الثوار نظرا للدمار الذي خلفه نظام البشير مرورا بواقع الأحزاب المتهالك وسعيهم فقط نحو السلطة لكنني وفي الوقت نفسه لم أتوقع ان يصل الفشل بعد الإطاحة بالبشير إلى هذه الدرجة.
أخيراً، لم تستطع النخب السياسية والعسكرية طوال تاريخها أن تقدم نموذجاً مثالياً على الرغم من العلم والثقافة التي يتمتع بها أهل السودان، هي بالتأكيد دعوه لاستخلاص العبر من تاريخنا السياسي ومحاوله لحل الصراعات الأيديولوجية والتوافق على ميثاق واحد يلتف حوله جميع أطياف الشعب.