طبيعة عمل الإعلامي،تفرض عليه،أن يكون متواجداً،في أي مكان وزمان..
وهذا،بالضرورة لا يتعارض مع مبادئه الخاصة.
إنَّ قناعتي،منذ أن ولجت(عالم الصحافة والإعلام)، قبل نحو “٣٠”عاماً، أنَّ الإعلامي يجب :
-أن ينحاز لقناعات وتطلعات وهموم المواطن..
من هنا،كان إنحيازنا الكامل،
ل(الديمقراطية).. وللثورات التي أطاحت بالفراعنة المستبدين،من لدُن عبود،مروراً بنميري، وإنتهاءً بالطاغية المخلوع عمر البشير..!
- أنْ الإعلامي،تحتم عليه،(أخلاقيات المهنة)،أنْ يتحلي بالمهنية العالية
،القائمة على خدمة الحقيقةالمجردة،في كافة المجالات.
،،،،،،،،
الأُستاذ جمال عنقره وجه دعوة للإعلاميين،فحضر إليه رؤساء تحرير ومدراء فضائيات وكُتاب،من كافة الطيف الصحفي.
كانت الجلسة بحضور الفريق أول شمس الدين كباشي، عضو مجلس السيادة..
في العام
عند بداية المنتدى، قدمني مديرها الصحفي،علم الدين، لأبتدر النقاش.. فقلت الآتي: - الثورة السودانية العظيمة،مهرها أبناؤنا بدمائهم،فقدموا مُهجهم وأرواحهم
،في سبيلها..وهم الذين قادوا الملحمة،المتفوقة على أكتوبر ٦٤،وأبريل ٨٥..ففي (ثورة ديسمبر) المجيدة،كان الشباب،في المقدمة،بينما النُخب مُستتبِعة هذا الشعب العظيم..
وما كان أمام الجيش،إلا أن ينحاز للشارع..
ولا مجال لعودة عقارب الساعة للوراء..وليس أمامكم – يا كباشي – إلا تلبية رغبات السودانيين، والتنسيق مع قوى الحرية والتغيير،وكافة المؤمنين بالديمقراطية،لبناء سودان الحرية والسلام والعدالة.
الطبول
مع بداية المداخلة الثانية،من الصحفي “مبروك”،بدأنا نسمع أصوات طبول،تتعالى،كلما إقتربتْ من منزل عنقرة بالحتانة..بيد أنّ أحد أقاربه،همس في أُذنه..
وعندما تصاعدت الإمور أكثر،حيث تنادى عدد من أبناء الحي،والأحياء المجاورة،أمام الباب،وهم يهتفون بشعارات الثورة..
بالتركيز على(قضية الشهداء)،
والهتاف ضد النظام المخلوع.
فما كان من صاحب الدار،إلا وأنْ طلب من كباشي أن يقول كلمة مقتضبة..شكرَّ فيها الضيف مُضيفه.
ثم أعطى تنويراً،حول قضايا البلد،في المعاش وملف السلام.
ماذا جرى؟؟
بدأ عدد الشباب يتزايد..والهتافات تتعالى..
و أصلاً،فإنَّ الشارع ضيق..والخروج صعب،حيث لا توجد(أزقة فرعية)..مما صعبَ من مهمة(الخروج الآمن)..!
خرجتُ للشباب
..بادلتهُ بالتحية..ثم دخلت معهم في الرقص،على إيقاع الدفوف،والشعارات الوطنية الخالدة..
ثم هتفنا للشهداء الأبرار..
ورددت خلفهم الشعارات،ضد نظام الطاغية البشير.
ثم طلبت منهم أن يستمعوا إليَّ قليلاً..
فقلت لهم: - لن نساوم،في دماء الشهداء،والقصاص لدمائهم الزكية.
- لن نفرط في ثورتكم،ومبادئها وأهدافها.
ثم شرحت لهم طبيعة هذه الدعوة
،أنها لقاء بين صحفيين ومسؤول
،حول قضايا الوطن..
ثم إتفقنا أنَّ من حقهم التعبير السلمي..
والحقيقة إنهم ظلوا ملتزمين بالسلمية،إلا من (شاذين)،قد يكونوا (مندسين)
،وربما أُرسِلوا ليقوموا ب(المديدة حرقتني)..!
والشاذ،لا حُكم له..!
ثم جاء(ضابط كبير)يتبعع – فيما يبدو – لشرطة محلية كرري)
..وتعامل بحكمة وموضوعية..حيث تحاور مع الشباب..
ثم طلبَ من كباشي، أنْ يتحرك نحو عربته..فخرج،بعد أنْ أحاط المتظاهرون بسيارته..تابعوه،
حتى غادر المنطقة، دونما أن يتعرض له أحد، اللهم إلا من تصرفات مُستنكَرة ومعزولة،ناهضها الشباب،أنفسهم.
حوار رغم الحصار..!
إنتهزتُ فرصة (الحصار)،ل”حوار” مع كباشي حول
(تأخر لجنة نبيل أديب، في ملف الشهداء)..و(البطء في محاكمات رموز النظام السابق)
..والسؤال حول كيفية هروب شقيق المخلوع(العباس).
فرد بأنٌّهم(لم يتدخلوا في عمل لجنة أديب)..وأنهم يشعرون بأنَّ (محاكمة رموز النظام القديم،قد تأخرت)..وأنه قد أعلن(إلقاء القبض على العباس،بعد أنْ تلقى المعلومة من الإستخبارات، بحضور ياسر العطا)..!
ثم أما بعد
وضح جلياً،من خلال(حادثة الحتانة)،أنَّ هناك(هوة كبيرة) بين كباشي،وشباب الثورة..ولعل مرد ذلك ل(المؤتمر الصحفي الذي عقده كباشي،عقب جريمة فض الإعتصام)..!
هذه الهوة،لن يردمها – أو يخفف آثارها – إلا (نبيل أديب)..
وهي من القضايا التي لا رهان على نسيانها بالزمن..ولا سبيل لسقوطها بالتقادم.
كما أنه يتعين على كباشي،أنْ يكف عن التصريحات المستفزة،التي تُوغِر الصدور وتُلهِب المشاعر،في شأن هذه الثورة.
ذلك لأن الجديد في أمر (إستدامة الحكم المدني)،أنه
(محروس)،بواسطة شباب الثورة..
بيد أنَّه ثبت عملياً، أنَّ(لجان المقاومة)
،لديها قدرة فائقة،
وآلية دقيقة، للحشد
(والمتاريس)،وفي زمن قياسي.