و”نقابة” إسم له خصوصية وقدسية وإعتبار كبير أعاده الصُحفيون الأحرار إلى دائرة الضوء بدلا عن (الاتحاد العام)، فالنقابة هيبة ووقار وإنتماء مهني صادق فيه من الديمقراطية لون وطعم وممارسة راشدة..
عملت الأجسام الصحفية المستقلة التي قادها الأحرار طوال فترة الإنقاذ وهي تناضل من أجل الديمقراطية والعدالة والحرية، تصارع في فضاءٍ ضيق اتسم بالرقابة والوصاية، ولم تتراجع الأقلام الحرة والكيانات التي بدأت بصورة سرية وانتشرت بين أصحاب المهنة الذين كانوا عمودا مهما وترسا فعالاً في المقاومة ضد نظام الوصايا الذي يتحكم في كل الاتحادات والنقابات واللجان.
لم يجد الصحفي السوداني أجواءً ديمقراطية حرة طوال الثلاثة عقود التي تحكم فيها النظام السابق عبر عضويته في حكم الاتحادات إلى أن جاءت ثورة ديسمبر المجيدة التي حررت الجميع من وضع يد المؤتمر الوطني على كل شيء.
أنجزت الأجسام الصحفية المشتركة مهمتها على أكمل وجه وهي تصارع الانقلاب من جهة وتحمي حقوقها من جهة أخرى في العمل النقابي وتحديثه والخروج به إلى فضاء أرحب يسع الجميع، فتكلل ذلك بنجاح الجمعية التأسيسية التي انتخبت اللجنة التمهيدية لنقابة الصحفيين السودانيين بعد توافقٍ تاريخي بين كل الأجسام الصحفية وبمشاركة واسعة دون تقييدٍ لأحد، لتنجز الخطوات قبل الأخيرة في مشوار استعادة النقابة بعد اختطافٍ دام طويلاً.
توافق الصحفيين الذي حدث في يوم امس السبت الماضي كان مثالياً ويؤكد أن النقابات الحرة هي مطلب لا تراجع عنه وتتويج لعزيمة وصبر استمر طويلاً، هذا الترابط القوي والعزيمة التي أنجزت بها الجمعية التأسيسية ستكون نواة حقيقية لقادم أفضل وواقع أجمل في تنظيم المهنة وممارستها واقتلاع حريتها.
كان عملاً شاقاً وضعت أمامه المتاريس ولكن عزيمة الأحرار هزمت التربص والترصد من قبل بقايا النظام السابق وشركاء الإنقلاب وداعميه، فهو نصرٌ كبيرٌ للإرادة والوحدة والنضال الطويل للصحفيين السودانيين، لذلك سيقدم هؤلاء نموذجا للعمل النقابي وتطويره والقادم أجمل..
الاخوة الصحفيون المنتخبون لإنجاز تكليف كبير ومهام جسام انتم أمام تحدٍ أوله الحفاظ على هذا التماسك والإرادة الصلبة للقاعدة الصحفية وثانيها ترتيب وإنجاز التحضير للجمعية العمومية للإنتخابات بعد ثلاثة أشهر من الآن وهو عمل يحتاج لمجهود كبير وتفرغ مع الظروف الحالية ولكن نحن نثق في همتكم وعزيمتكم وانكم اقدر على التكليف بلا شك وطريق الحرية الذي ناضلتم من أجله لم يكن سهلا والآن تضاعفت عليكم المسؤولية في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد..
إنجاز العمل الضخم والذي استمر لسنوات من الترتيبات لم يجد دعما من أي جهة حكومية أو خيرية، فلم يجد أحرار الإعلام أمامهم ملايين من الأموال تتدفق من حزبٍ حاكم لتسيير المهام ومن ثم استلام النقابة وتسليمها للحزب، لم يكن ذلك في اجندتهم، صرفوا من قوت أسرهم وخصموا من وجباتهم لنيل حقهم، لذلك فإن مثل هذا العمل سيصمد ويتطور بنفس الإرادة التي سهلت من إجراءات الجمعية العمومية التأسيسية دون تكتلٍ حزبي أو جهوي بل كانت إرادة الروح الواحدة والنفس طويل وتحمل المشاق، فكان النجاح والتوافق..
*خط عرضي*
هذا الإنجاز والذي اكتمل بعزيمة الرجال والنساء من أهل الصحافة والتكاتف والوحدة سيجني المجتمع الصحفي ثماره قريباً ليصبح حرا شامخاً لا يكسره خوفٍ ولا وجل.