قطعا العلاقة بين السودان ومصر أو مصر والسودان ليس لها شبيه في أي بلدين في العالم ، رغم ذلك الحديث عنها بالغ الحساسية وأعتقد تأتي أهميتها من أن كثير من بلدان المنطقة ترسم استراتيجيتها وتكون العلاقة بين من مصر والسودان احد معطياتها ، ولكن دائما الرأي العام لدى شعبي البلدين متقدم على الحكومات سواء على مستوى التعايش أو تبادل المصالح ، وما بين الشعبين والحكومتين طرف ثالث هو الاعلام الذي يكون على ” دين حكامه ” وأحيانا كثيرة يغرد خارج السرب ‘ حيث في العهود السابقة كان من السهولة جدا ” عمود ” صحافي من هنا أو هنالك ولو كان من كاتبا مغمورا يمكن أن يزعزع هذه العلاقة ، لأن هذه العلاقة دائما نجدها بين الحكومتين تقف على عبارات المجاملة مثل قولهم ” نحن بلد واحد ، نحن ايد واحدة ، يربطنا مصير مشترك ، تاريخنا ودمنا وشريانا كلها كما يقول المثل السوداني ” يربطنا حبل ويقطعنا سيف ” ، وهي فعلا عبارات حق أريد بها إلهاء الشعبين .. لكن الان ورغم أن السودان يمر بمرحلة خطرة جدا وحالة من عدم الاستقرار لكن الحكومة الانتقالية فطنت لأهم ثغرة يمكن أن تأتى منها المنطقة كلها وليس مصر أو السودان فحسب ، وهي إهتزاز العلاقة بين البلدين إذا صلحت صلح سائر جسد المنطقة وإن فسدت لا قدر الله يعني الانزلاق أو التهديد المستمر بالانزلاق .
أسوق هذه المقدمة وكما أسلفت انا لأول مرة أزور القاهرة وأول حقيقة استوثقت منها هي بأن أي سوداني في أرض الكنانة كأنه يعيش في أرض السمر كما يعيش أي مصري في الخرطوم وبالطبع لكل قاعدة شواذ والشاذ لا حكم له . أما النقطة الثانية التي دعتني للكتابة عن هذه العلاقة لقاءنا مع سفير السودان بالقاهرة امس محمد الياس محمد والذي امتد لاكثر من ثلاثة ساعات ، صحيح كان همنا مناقشة غرضنا الاساسي هو البحث عن فرص تدريب لعضويتنا في جمعية الصحافة الالكترونية لكن ٨٠% من حديثنا كان يتركز على العلاقة بين السودان ومصر لأن هذا السفير ” المتزن ” واعتقد أنه يدرك مهامه جيدا ويعرف كيف يتعامل بفن الممكن وفقا للعرف الدبلوماسي زائدا المهارات الشخصية التي يتمتع بها سعادة السفير محمد الياس .. الرجل كشف لنا ما اقنعنا بأن نكتب تحت العنوان عاليه وبشرح اكثر بأنه ولاول مرة العلاقة بين الحكومتين السودانية والمصرية تتجاوز الرأي العام في البلدين ، حيث الشاهد في الامر لهما بأن أي تقارب بين الحكومتين كان في الماضي لا يفرح به كثيرا كما ذكرت ويمكن نسفه بكتابة مقال وكذلك توتر العلاقات الذي في الغالب يصطدم بالروابط الازالية ، كما اتفقنا في جلستنا مع سعادة السفير على وصف العلاقة بين مصر والسودان كما وصفها بعض الكتاب المصريين المهتمين بالشأن السوداني ، الأساتذة هاني رسلان ، اسماء الحسيني وأماني الطويل وغيرهم والذين يرون بأن هذه العلاقة تلف في دائرة محددة صعودا وهبوطا .. لكن الآن ومن خلال بعض الشواهد التي اصبحت واقعا ملموسا وما كشفه لنا سعادة السفير الياس نستطيع أن نقل بملء الفاه بأن هذه العلاقة دخلت مرحلة غير تقليدية وقد تخرج من دائرة التشاؤم قريبا .. والسر في ذلك كما كشفه السفير هو ” الشفافية ” والوضوح وإقبال الحكومة المصرية بقلب مفتوح وجدية لم يسبق لها مثيل ، أهم ما في ذلك تقبل مصر للسودان وحكومته بوضعهم الحالي وثقة في التعامل جعلت العلاقة تتحول من علاقة أمنية وأن السودان حديقة خلفية لمصر حسب نظرة البعض وكذلك نظرة بعض السودانين لمصر بانها لا تريد خيرا للسودان ، الآن هذا المفهوم تحول الى علاقة تبادل المصالح وهي تعزز كل اشكال العلاقة بين البلدين ، وهنالك بيان بالعمل كما اطلعنا سعادة السفير منها تطابق وجهات النظر وتوحيد الموقف حول قضية سد النهضة هذا الموقف اصبح محصن من الانتكاسة ، ايضا هنالك مصالح اقتصادية اصبحت واقع مثل مشروع الربط الكهربائي والطرق البرية وكذلك الشركة القابضة والتي تجعل مصر تستفيد من الثروة الحيوانية في السودان وكذلك يستفيد الاخير من سبعة مليار دولار تستهلكها مصر في استيراد لحوم من دول اخرى واهم نقطة بأن مصر ستحارب تهريب الثروة الحيوانية اليها حتى لا يخسر السودان دولار واحد هو يحتاجه للدواء أو الغذاء ايضا المكاتبات التي اطلعنا عليها في التعاون في مجال التعليم العالي والفرص الكبيرة للطلاب السودانيين في الجامعات المصرية والازهر الشريف بل هنالك فرص من الروضة وحتى الدكتوراة ، ايضا هنالك لجنة مشتركة ستباشر عملها قريبا لتحسين اداء المعابر سواء كان عبر ارقين او وادي حلفاء وغير ذلك ما ستكشف عنه الايام ..
من جانبنا نرى بأن هذا التحول الكبير سيواجه بأعداء كثر والوقاية له هو الاعلام الحر النزيه الذي يريد الخير للبلدين والشعبين .. بل لا بد من تضافر الجهود بين الاعلام المستقل والرسمي حتى نصل لمرحلة التحصين الشامل لهذه العلاقة من اي انتكاسة .. وبالله التوفيق ..
داء الكوليرا يهدد قرى البزعة شمال شرق ام روابة ووفاة طفلين خلال (24) ساعة
متابعة : محمد أحمد الدويخ انعدام الأدوية والرعاية الطبية وأتيام التوعية أبرز النواقص للحد من انتشار المرض.. الأطفال وكبار...
Read more