الخرطوم. تقرير. ترياق نيوز : عبدالباقي جبارة
تصاعد أسعار السلع الاستهلاكية وخاصة المواد الغذائية في السودان بصورة جنونية ‘ تكاد تقبض انفاس الشعب السوداني’ وخاصة الشرائح الضعيفة ‘ وهؤلاء هم الذين يمثلون السواد الأعظم من الشعب السوداني . من المفارقات الغريبة تتصاعد الاسعار في اليوم الواحد أكثر من مرة. وهذه الوتيرة ظلت على مدى سنوات حتى قبل سقوط النظام البائد مع ثبات دخل الفرد غير الذين لا دخل لهم بسبب البطالة بل حتى اصحاب الدخل والمدخرات تآكلت قيمتها بسبب التضخم حتى وصل درجة صفرية . نتيجة لذلك طفت على سطح المجتمع كثير من الظواهر السالبة. مثل حالات الغش والتلاعب والاحتيال مثل بيع السلع الفاسدة والمنتهية الصلاحية والاستخدام السيئ للمواد الفذائية بصورة مضرة بصحة الانسان. مثل تكرار الزيوت في المطاعم واعادة تعبئة الالبان الفاسدة بتواريخ جديدة وكذلك الصلصة وبيع الدجاج واللحوم الحمراء الفاسدة وغير ذلك. مع غياب تام للاجهزة الرقابية في الدولة كل ذلك وغيره جعل المعاناة أشد وطاة مع كثرة الأمراض وخلو المستشفيات من أبسط مقومات الرعاية الصحية بجانب الجشع الكبير في المستشفيات الخاصة والدواء الذي حتى اذا وجد يكون لدى التجار وجشعهم المعروف. مع العلم تجارة الدواء تكاد تحل في المرتبة الثالثة من حيث طرق الثراء السريع بعد المضاربة في العملات الاجنبية وتجارة المخدرات والسلاح بل تجارة الادوية تتفوق علي هذه المجالات بأنها يتم التعامل فيها ” على عينك يا تاجر” وبمزاج المتحكمين فيها… هذه الأزمة المستفحلة الثابت أنها موروثة بلا شك وكل الشعب السوداني يعلم ذلك. لكنه كان يمني النفس أي هذا الشعب المغلوب على أمره بأن الفاعلون الجدد في المشهد السياسي بأن يتبنوا خطوات توقف هذا التدهور المريع في الحالة المعيشية ولو الى حين حتى يلتقط المواطن انفاسه ويستعيد الامل في حياة كريمة. لكن يبدو أنه مع التخبط الذي قد يكون مقصود في حد ذاته بتنازع مراكز القوة المتعددة داخل حكومة الفترة الانتقالية. كل يريد ان بنجح ” يكبر كومه” على حساب الآخر أو يريد أن بفشل الطرف الآخر ليكبر هو في نظر الشعب.. في حقيقة الأمر أغلب الشعب السوداني يدرك وممسك بكل خيوط هذه “الألاعيب”. لكن فشل كل المحللون بأن يعرفوا حدود صبر هذا الشعب. رغم إشارات بدأت التعبير بها بوضوح عن ضجر المواطن من مسؤلين داخل الجهاز التنفيذي للدولة يعتقد أنهم سبب معاناته والشقاء الذي يعيشه. كما عبر عن ذلك صراحة احد الاساتذة الجامعيين من خلال مداخلة من على منصة المؤتمر الاقتصادي القومي الذي عقد أخيرا والذي قال خلاله بأن وزير الصناعة والتجارة مدني عباس مدني هو سبب كارثة “حمدوك” وحكومته. حيث دوت القاعة بالتصفيق تعبيرا عن تطابق وجهة نظرهم مع هذا الذي صدح بكلمة امام سلطان ينقسم الناس حوله. بعضهم يراه أمل منشود أي ” حمدوك” والبعض الآخر لا يرى غير أنه سلطان جائر بما عليه من وهن.. وبعد هذه الحادثة التي شغلت الرأي العام حيث انقسم الراي العام حولها هنالك من رأي بان الاستاذ الجامعي عبر عن وجهة نظر كل الشرائح المطحونة. بينما شريحة الصفويين وحواري السلطان كما يصفهم البعض و الذين في يدهم الآلة الاعلامية سرعان ما حولوا تصرف الاستاذ الجامعي الي “سبة” وخروج عن المهنية والموضوعية.. في المقابل الهدف المختلف حوله ألا وهو وزير الصناعة والتجارة مدني عباس مدني عبر ببرود شديد في رده على رأي الاستاذ فيه. وحاول أن يكون سياسي حصيف ومتمسك بالديمقراطية . وهذا الموقف يعتقد أنه سيجنبه مواصلة الهجوم عليه وخاصة علي نسق حديث “الأستاذ” .. لكن يبدو بأن ما يظهر من أداء ” مدني” كله ليس ضده فقط. بل قد يدينه بمحاكمة تاريخية قد لا تتمحي بتقادم الايام. هذا اذا لم تصل به الي منصات القضاء او شيعته لعنات الجوعى والمرضى والضعفاء. والأخيرة هذه تبدو الأقرب والحتمية إذا نظرنا الى آخر ما جادت به عبقرية وزارة التجارة والصناعة التي يقف على رأسها مدني عباس مدني فالنتابع في المساحة التالية :
” اشترطت وزارة الصناعة و التجارة الحصول على تصديق الوزارة للاستيراد.
دخل هذا القرار حيذ التنفيذ منذ حوالي اسبوعين
دخل هذا القرار حيذ التنفيذ منذ حوالي اسبوعين
كل الطلبات التي تقدم بها المستوردون ظلت منذ ١٠ ايام طرف مكتب الوزير نفسه دون ان يصدق لاحد حتى الان
التقطت الاسواق المحلية نية الوزارة لتحجيم حصة الاستيراد اًو منعه فبدات الاسعار تتصاعد في السوق المحلي بدرجة تنذر بانضمام سلعة السكر الي قائمة السلع التي اصبحت مستحيلة على المستهلك .
ربما تكمن حجة الوزارة في امرين اساسين
الاول ان الوزارة ترى ان الكميات المستوردة كبيرة و تزيد عن حاجة الاستهلاك و ان استيراد السكر قد شكل ضغطا على الدولار في ظل عرضه الضعيف بسبب ضعف الصادر و انها اي الوزارة تريد التخفيف على طلب الدولار بغرض الاستيراد .
الثاني ان الوزارة ربما ترى ان مساهمة او حجم المستورد ربما ياتي خصما على الانتاج المحلي الذي يشكو من ضعف قوته في المنافسة.
بالتالي ان الوزارة ترى ان الانتاج المحلي يكفي لسد حاجة الاستهلاك
يمكن ان تتعلل الوزارة بان كميات كبيرة من المستورد يتم تهريبها الي دول الجوار
عموما سلعة السكر ستتصدر المشهد في مقبل الايام ان لم تكن الساعات اذا لم تتدارك الوزارة الامر و تخلق التوازن المطلوب . ” لكن قبل ذلك على السيد وزير الصناعة والتجارة مدني عباس مدني أن يجاوب علي الاسئلة التالية حتى يدرك المتابع لأداءه بان قرارته هذه مدروسة :
حجم الانتاج المحلي ؟
حجم الاستهلاك الكلي ؟
حجم المستورد ؟
حجم التهريب ؟
الاسعار العالمية ؟
تدخل الدولة بالشراء زي الدقيق مثلا ؟
علي كل حال خلال الساعات القادمة وتحديدا غدا السبت ٣ أكتوبر ٢٠٢٠م تستقبل البلاد حدث مهم ألا وهو توقيع إتفاقية السلام الشامل بين الحكومة الانتقالية والجبهة الثورية.. لكن حقيقة الأمر الشارع السوداني غير مكترث لما يحدث ولا يحدوه الأمل في تغيير لوضعه “المايل” يلوح في الأفق.. فهل يضيف اللاعبون الجدد مشهدا مبشرا ينقل المواطن من هذا المسرح العبثي أم يكونوا كسابقيهم يتسابقون للمناصب والمغانم الشخصية قليل من الأيام تكشف ذلك .. لنرى !!