المغرب تستنكر ظاهرة “تهجير النخيل” بأراضيها
“أوقفوا تهجير النخيل” بهذه العبارة نادت فعاليات جمعوية في مدينة زاكورة بأعلى صوتها تعبيرا عن استنكارها لما تتعرض له واحات الجنوب الشرقي للمغرب، من استنزاف بسبب اقتلاع أشجار النخيل وتنقيلها إلى المدن الكبرى في ظاهرة أطلقوا عليها اسم ” تهجير النخيل” فما هي التفاصيل؟
ظاهرة جديدة قديمة
ليست ظاهرة “تهجير النخيل” بجديدة على ساكنة الجنوب والجنوب الشرقي المغربي، بل إن أولى تجلياتها بدأت منذ سنة 2000 إلى 2006، وتقول مصادر مطلعة في تصريح لموقع العربية إن هذه الجريمة الإيكولوجية ازدهرت بسبب توالي سنوات الجفاف واستنزاف الفرشة المائية، وفقر الفلاحين في المنطقة، حيث استغلت اللوبيات الجشعة هذه الظواهر لاقتناء النخيل من الفلاحين بأثمنة زهيدة لم تتجاوز 10 دولارات.
وتؤثر هذه الظاهرة بشكل كبير على عدد من جوانب الحياة في المنطقة، إذ يقول الخبير الفلاحي رياض أوحتيتة إن سلبيات هذه العملية تمس البيئة أولا، إذ أن نقل أشجار النخيل من بيئتها الطبيعية يؤدي إلى اختلال التوازن الإيكولوجي، لأن النخيل يلعب دورا مهما في حماية التربة من الانجراف، ومحاربة ظاهرة التصحر، ويحافظ على جودة الهواء المحلي”
وتابع الخبير الفلاحي، في تصريحه لموقع العربية، إن هذا التنقيل يؤدي إلى فقدان الغطاء النباتي في هذه المناطق، مما يزيد من خطر التصحر، وكما يؤثر على التنوع البيولوجي”
كذلك، أوضح ذات المتحدث أن لهذه الظاهرة تأثيرا اجتماعيا واقتصاديا، بما أن ساكنة المنطقة تعتمد على النخيل كمصدر للدخل، من خلال إنتاج التمور ومشتقاتها، فإن تهجير هذه الأشجار يقلل من إنتاجيتها الأراضي المزروعة، هذا فضلا عن تراجع التراث الثقافي المرتبط بزراعة النخيل”
وعزا الخبير الفلاحي أسباب تنقيل النخيل إلى مناطق أخرى، هي بعض الصفقات التي يحصل عليها بعض المقاولين والتي تطلب الحصول على نوع معين من النخيل، فيقوم هؤلاء بشرائه بأسعار جد منخفضة قد لا تتجاوز 20 دولارا للنخلة الواحدة، فيما يعمدون إلى بيعها وفقا لطولها، وليس للوحدة، وهو ما يمكنهم من تحقيق أرباح خيالية في وقت قياسي، دون أن يكونوا قد استثمروا في هذه النخيل أو اعتنوا بها مع ما يتطلب ذلك من التزام ومراقبة ورعاية.
بين الديكور والقانون
دفعت ظاهرة تنقيل النخيل جمعيات حماة البيئة إلى الخروج عن صمتها والتنديد بهذه الجريمة في حق البيئة، حيث عبر جمال أقشباب رئيس جمعية أصدقاء البيئة بزاكورة، في تصريحه لموقع العربية، عن غضبه من عودة هذه الجريمة إلى الظهور، إذ يلاحظ خروج شاحنات محملة بأشجار النخيل من واحات إقليم زاكورة، في اتجاه المدن الكبرى، حيث يتم استغلالها لتزيين الأرصفة، وتأثيث حدائق الفيلات والفنادق، والمنتجعات السياحية في مدن كبرى”
وتابع أقشباب بنبرة حزن واضحة، أن بعض اللوبيات استغلت فقر الفلاحين وتوالي سنوات الجفاف لشراء عز ما يملكه هؤلاء، وبثمن زهيد، يعادل حوالي 10 دولارات” ويضيف” قد يصل عمر النخيل إلى أكثر من 100 سنة، بطول يتجاوز ستة أمتار، لكنه يباع بثمن بخس، فيما يستفيد الآخرون الذين يبيعونه لأصحاب الفيلات والفنادق من مضاعفة الأسعار، لتصل إلى 500 دولار للشجرة الواحدة.
واعتبر ذات المتحدث أن هذه الجريمة البيئية، ستساهم في القضاء على ما تبقى من النخيل، إلى جانب الجفاف واستنزاف الفرشة المائية، التي أدت إلى هلاك آلاف أشجار النخيل، كما وستهدد هذا التراث الإنساني والحضاري الذي عمر طويلا وساهم ويساهم في لعب أدوار اقتصادية وبيئية”
ودقت جمعية أصدقاء البيئة ناقوس الخطر، مطالبة جميع الجهات المعنية بضرورة التدخل لوقف هذا الفعل الشنيع الذي يعاقب عليه القانون، إذ يمنع قرار عاملي صادر منذ 2004، هذه الممارسات، كما يجرمها القانون الوطني 01/06 المتعلق بالتنمية المستدامة لنخيل التمر الصادر سنة 2007 الذي يمنع منعاً كليا اقتلاع وتهجير النخيل من موطنه، كما يفرض على المتسببين في اجتثاث النخيل دون الحصول على ترخيص من المسؤولين، عقوبات زجرية تصل إلى 5000 درهم في حالة اقتلاع شجرة نخل مع تشديد العقوبة في حالة تكرار هذا الفعل.