شرق السودان –
تقرير – سلمي أحمد
فاقمت الحرب في السودان من مستويات العنف ضد النساء بصورة غير مسبوقة، وقد اتخذت أبعاداً مروعة، وحدثت انتهاكات عديدة من بينها اعتداءات جنسية على الفتيات وإخفاء قسري وقتل ونزوح وتشرد وفقدان الأزواج وغيرها.
أجساد النساء والفتيات، خصوصاً في أماكن الصراع المسلح تتحول إلى “أرض معركة”، ومنها ما يتم الدفع به ليكون حلبة صراع موازية للحرب.
الاختفاء القسري
وردت تقارير عديدة عن حالات لضحايا الاختفاء القسري، خصوصاً في العاصمة الخرطوم وإقليم دارفور، المنطقتين اللتين تشهدان أعنف المعارك.
في هذا الصدد تشير مديرة وحدة مكافحة العنف ضد المرأة، سليمى إسحق، إلى أن “تقارير وردت للوحدة في شأن ازدياد حالات الاختفاء القسري للنساء والفتيات في مدينة نيالا بإقليم جنوب دارفور، فيما تذكر إفادات الناجيات وشهود العيان وجود محتجزات لدى قوات (الدعم السريع) في أماكن مختلفة”.
وأضافت “تتواتر الإفادات في شأن احتجاز نساء وفتيات في مخازن وفنادق بالعاصمة الخرطوم ومدينة نيالا بغرض استغلالهن جنسياً بواسطة (الدعم السريع)، فيما يشبه اختطاف النساء الإيزيديات في العراق من قبل عناصر تنظيم (داعش)”.
تزايد حالات الاغتصاب
حملة “معاً ضد الاغتصاب الجنسي”، وثقت خلال الفترة ما بين الـ 30 من يونيو والـ 30 من يوليو من العام الحالي 54 حالة اغتصاب بينها خمس لطفلات، منها 28 حالة في الخرطوم وولاية الجزيرة، و19 بمدينة الفاشر في إقليم شمال دارفور، وكذلك سبع حالات بولاية النيل الأبيض.
ودعت الحملة إلى “حظر سلاح الاغتصاب والعنف الجنسي في حرب السودان مع ضرورة التنسيق والتعاون مع الأفراد والجماعات المحلية والإقليمية والدولية”، وأعلنت الحملة عن دعم الناجيات وتوفير الحماية للضحايا وتحسين الظروف الاجتماعية والقانونية للمتضررين وتحقيق العدالة على المستويين المحلي والدولي
وخلال الأسابيع الأخيرة كشفت اختصاصية في علم الأوبئة وعضوة اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان أديبة إبراهيم السيد عن ارتفاع حالات الاغتصاب التي سجلت في المرافق الطبية المختلفة منذ بداية الحرب وحتى الآن إلى 481 حالة، كما أشارت إلى أن هذه هي الحالات التي وصلت إلى المستشفيات فقط مع الأخذ في الاعتبار أن هناك حالات كثيرة لا يتم تسجيلها ولا تصل إلى هناك.
وبحسب وكالات مختلفة فقد سُجلت 54 حالة اغتصاب جديدة خلال الأسابيع القليلة الماضية في أربع ولايات بينها خمس طفلات، ومن بين هذه الحالات 35 حالة بمستشفيات بحري وشرق النيل و15 حالة بمستشفيات التركي وبشائر وثمان حالات في أم درمان وأمبدة، وطفلتان بمستشفى النو، بينما سجلت ولايتا غرب وجنوب دارفور 40 حالة اغتصاب منها 25 حالة في الجنينة و15 حالة في نيالا.
زواج القاصرات
ونتيجة لتطاول أمد الحرب في السودان تضاعفت وتفشت ظاهرة زواج القاصرات، جراء الأوضاع الكارثية التي خلفها الصراع المسلح على نحو قد يدفع إلى إحداث تغيير في تركيبة أسر ذات طابع اجتماعي محافظ.
ودفعت الحاجة إلى حماية الفتيات من العنف الجنسي المتصل بالنزاع المسلح بعض العائلات إلى تزويج بناتهن ليصبحن ضحايا صاغرات لظروف عيش لم يخترنها.
في السياق، وصفت ووصفت الباحثة الاجتماعية ندى الشيخ هذه الظاهرة بقولها “زواج القاصرات جريمة بكل المقاييس، إنسانية وحقوقية واجتماعية، وأسهمت آثار الحروب في تزايد نسبة زواج اليافعات، بخاصة في المدن التي تشهد نزاعات وانتقال الأسر من المناطق الحضرية إلى مخيمات النزوح من دون النظر إلى العواقب، بل إن مجتمعات ريفية يندرج ضمن عاداتها وتقاليدها الاجتماعية تزويج القاصرات”.
ونبهت الشيخ من أن “آلاف الفتيات حرمن من حقهن في التعليم والاختيار في ما يخص شريك حياتهن، وأن معظم هذه الزيجات تتم خارج المحاكم وبعقد زواج معتمد فقط من مأذون شرعي، بالتالي يتحول معظمها إلى حالات طلاق”.