الحمداب . ترياق نيوز _ عبدالباقي جبارة
ثورة ١٩ ديسمبر تعتبر ثورة تراكمية ، حيث مرت بمراحل متعددة وكذلك اتخذت اشكال متعددة من اشكال النضال الجماهيري حتى اصبح لها بصمة في كل بقعة من بقاع السودان المترامي الاطراف ، ابتداءا من الاحتجاجات المطلبية والتظاهرات السلمية بجانب حركات الكفاح المسلح التي خاضت غمار الحروب في الجنوب حتى انفصل واصبح دولة قائمة بذاتها ثم انتقلت الحرب في جنوب كردفان والنيل الازرق وقبلهما اقليم دارفور الذي ظهرت فيه عشرات الحركات المسلحة .
وكانت النتيجة مئات الالاف من القتلى وملايين النازحين داخليا وخارجيا .. حتى انطلقت الثورة السودانية واتخذ لها تاريخ ١٩ ديسمبر كرمزية وهو التاريخ الذي اعلن فيه استقلال السودان من داخل البرلمان ١٩ ديسمبر ١٩٥٥م .
المتاريس :
كما معلوم في سبتمبر من العام ٢٠١٣م انطلقت الثورة السودانية بصورة قوية ووجهت بقمع مفرط من النظام راح ضحيته مئات الضحايا بين قتيل وجريح ، ونجح النظام في اخماد الثورة او خيل له ذلك وتراجع الثوار ” تكتيكيا ” فاعادوا ترتيب صفوفهم .. ثم انطلقت ثورة ديسمبر ابتداءا من الدمازين ١٣ ديسمبر وعطبرة ١٩ ديسمبر ثم انطلقت المواكب السلمية في الخرطوم بشكل منتظم يقودها تجمع المهنيين ، وبما أن النظام ايضا لم يبال من القمع الا ان ” تكتيك ” الثوار افشل كثير من خطط القمع او افشال المواكب والتي كان احد ادواتها وضع المتاريس في ازقة الاحياء لاعاقة سيارات الدفع الرباعي ” تاتشرات ” التي كانت تلاحق الثوار داخل الاحياء بل يدخل الجنود على الاسرة بحثا عنهم .. فكانت المتاريس فكرة ناجحة لحمايتهم .. ثم امتدت الفكرة حتى اعتصام القيادة العامة ستة ابريل ٢٠١٩م ، بل استمرت المتاريس بعد سقوط البشير في ١١ ابريل ٢٠١٩م وذلك لحماية المرابطين في ميدان الاعتصام وجعله منطقة آمنة ..
أكثر الايام تتريسا :
في ٢٩ رمضان الموافق ٣ يونيو قررت اللجنة الامنية برئاسة الفريق اول عبدالفتاح البرهان والتي هي نفسها اطاحت بالبشير قررت فض الاعتصام وبالفعل تم فض الاعتصام بالقوة المميتة وراح ضحية المئات من الشهداء والجرحى والمفقودين .. وفي ذات اليوم اعلن البرهان الانفراد بالسلطة فاذاع بيانا اعلن فيه إلغاء التفاوض مع قوى اعلان الحرية والتغيير واعتزم تشكيل حكومة لمدة عام تعقبها انتخابات .. واعلن حالة الطوارئ وقطع الانترنت واطلق يد القوات النظامية تلاحق المدنيين في الشوارع .
في المقابل قام الثوار ب ” تتريس ” كل شوارع العاصمة الخرطوم بمدنها الثلاث واعلنت القوى الثورية احزاب ولجان مقاومة وتجمع المهنيين العصيان المدني الشامل بجانب التتريس المستمر .. واستمر البرهان ونائبة في كسب التأييد الشعبي بخطب ود الادارات الاهلية والطرق الصوفية ومنسوبي النظام البائد .. بينما بدات القوى الثورية تعد لأكبر مليونية وهي كانت في ال ٣٠ من يونيو ٢٠١٩م والتي خرجت فيها جميع مدن السودان وكانت كفيلة بتراجع العسكر من المضي في الانقلاب وعليه خضعوا للحوار عبر وسطاء الاتحاد الافريقي والمجتمع الدولي والذي افضى الى الوثيقة الدستورية ووقعت في ١٧ اغسطس ٢٠١٩م وقضت بشراكة المكونيين المدني والعسكري .. هذه الشراكة التي اعتبرت شراكة ضرار حاول العسكر استخدام ” تكتيكات ” الثورة وشعاراتها لافشال المدنيين والانقلاب على الثورة بثوب المدنية ..
ترس شرق السودان :
قفذا على كثير من الاحداث نقول : آخر ما توصلت اليه عبقرية المكون العسكري في حكومة الفترة الانتقالية هو التحالف مع زعيم البجا القبلي باغلاق الشرق وهو ترس اغلاق ميناء السوداني الرئيس ببورتسودان والطريق القومي بورتسودان الخرطوم تحت مزاعم قضايا مطلبية لاهل الشرق يرى الجميع انها مطالب عادلة لكن في باطن الامر كان الاساسي هو التحالف مع العسكر للاطاحة بالمدنيين وقد كان لهم ذلك من خلال الانقلاب الذي قام به البرهان بقراراته في ٢٥ اكتوبر ٢٠٢١م واطلق عليها القرارات التصحيجية .. حيث زج بشركاءه المدنيين واعلن عن تشكيل حكومة وانتخابات بعد “١٧” شهر وهذا ما فشل فيه حتى الان بعد مضي اكثر من ثلاثة .. وصمت اهل الشرق عن قضاياهم الاساسية مع الحديث عنها على استحياء تاركين للعسكر تحديد مصيرها بل تحدث الزعيم سيد محمد الامين ترك عن ضرر المتاريس ورفضه لها باعتبارك مضرة بالوطن والمواطن رغم انه نفى ذلك الحديث الا ان الصحيفة اكدت انها محتفظة بالتسجيل .
ترس الشمال :
الانقلاب فرض واقع جديد خاصة على مستوى الاقتصاد حيث وقفت كافة اشكال الدعومات الخارجية الامر الذي دعا الحكومة للجوء لجيب المواطن لسد عجزها فلجات لزيادة اسعار تعرفة الكهرباء الامر الذي اضطر فيه مزارعي الولاية الشمالية لاغلاق الطريق الدولي الرابط بين السودان ومصر حيث حاولت الحكومة التراجع عنها وقد كان وفتح الطريق الا ان التراجع لم يصمد اكثر من اسبوع فعادت الزيادات وعاد ” ترس الشمالية ” بصورة اشرس حيث ارتفعت المطالب الى عشرة اخفها وطأة تعريفة الكهرباء ..
تباينات ترس الشمال :
” ترياق نيوز ” كانت حضورا في المؤتمر الصحفي الذي عقده تجمع مزاعي الولاية الشمالية ب ” ترس الحمداب ” حيث تتلخص مخرجات المؤتمر الصحفي في الخبر التالي :
أعلن تجمع مزارعي الولاية الشمالية توقف أكثر من(٥٠) مشروعا عن الزراعة بسبب زيادة تعرفة الكهرباء.
ورسم رئيس تجمع مزارعي الولاية الشمالية محمد الأنور الادريسي في مؤتمر صحافي بموقع ترس إغلاق الطريق القاريء ام درمان القاهرة في منطقة الحمداب اليوم ( الخميس) ” امس الاول ” ،رسم صورة قاتمة للموسم الشتوي وقال إن أكثر من خمسين مشروعا توقفت عن الزراعة واضاف أن المزارعين نثروا تيراب القمح في الأرض لكنهم لم يتمكنوا من ري المساحات.
ونبه الادريسي لانعدام سماد اليوريا في مخازن البنك الزراعي وقال إنه تم نقله إلي جهات غير معلومة.
بدوره أكد القيادي بتجمع مزارعي الشمالية عبدالحميد قسم الله التوافق التام بين التجمع ولجان المقاومة .
وفي سياق متصل قال مسؤول الترس محمد حسن طه مختار أنه تم إبعاد السياسة من تجمع مزارعي الولاية حفاظا على وحدته.
ترس الشمال بين المطالب والسياسة :
رغم ان تجمع المزارعين بالولاية الشمالية رهنوا فتح الطريق بالتراجع عن تعرفة الكهرباء الا ان شبابهم من لجان المقاومة المرابطين على التروس لهم رأي غير ذلك حيث قالوا في تصريح ل ” ترياق نيوز ” بان مطالبهم عشرة آخرها تعرفة الكهرباء ومنها حقهم في التعدين وكذلك حقهم في سد مروي وغير ذلك ..
مشاهدات :
على ارض الواقع بان تجمع المزارعين له ترسين اثنين واحد في منطقة الحمداب والآخر في القرير بينما هنالك حوالي اربعة الى خمسة تروس خاصة بلجان المقاومة .. هذه التروس في مجملها تشربت بروح الثورة وتجاوزت المطالب المحدودة وحتى الخدمية منها اذا ابعدنا السياسية هي اصبحت ” هجمة ” مرتدة على الذين تبنوا او دعموا ترس الشرق .. واصبح الانقلابيون في وضع لا يحسدون عليه ..
تروس الشمال اصبحت تستقطب دعم كبير وخاصة الدعم المعنوي من اهل السودان في الداخل والخارج واصبح الحل لقضاياهم هو حل لقضايا جميع اهل السودان فبالتالي انتهى سلاح الحلول بالتجزئة .. وكذلك انتهى عهد اللعب على عامل الزمن الان هنالك كثير من المشاكل التي برزت على ضوء ترس الشمال وستتفاقم المشاكل يوما بعد يوم خاصة بعد اعلان تجمع المزارعين التصعيد .
الاغلاق الشامل وتضجر المحجوزين :
اعلن جمع المزارعين بان غدا الاحد ٦ فبراير ٢٠٢٢م سيكون هنالك اغلاق شامل للولاية ويشمل البصات والسيارات الصغيرة بجانب الشاحنات واكدوا بانهم ابتداءا من الاحد لن يسمحوا بالمرور الا للاسعاف بجانب ايقاف التحصيل بالمحليات وتعطيل الخدمة المدنية بالولاية ..
تتضجر سايقو الشاحنات السودانية والمصرية :
حتى اليوم احتجاز الشاحنات دخل يومه الحادي عشر حيث شكى سايقو الشاحنات من تتضرهم صحيا بانقطاع ادوية المرضى وكذلك الاكل والشرب .. وشكى السودانيون بان احتجازهم خلق ارتفاع في اسعار السلع وانعدام بعضها في مدن مثل الدبة التي تبعد فقط عشرة كيلو متر من منطقة الاحتجاز .. وفي راي السايقين السودانيين بان يسمح لهم بالمرور لانهم مؤدين للاغلاق للشاحنات العابرة للحدود وليس التي يتضرر منها مواطن الولاية .. بينما يرى المصريين بانهم لا ذنب لهم ولا دخل لهم بالحراك السوداني وخاصة بعضهم يريد الرجوع لاهله بشاحنته الفارغة ..
من المحرر :
في رأينا الخاص بان الوضع في الولاية الشمالية لا يحتمل التسويق او الرهان على عامل الوقت من قبل السلطة الحاكمة وفي تقديرنا لا يستطيع انسان الولاية الصمود اسبوع او اقل فاما الصدام مع الحكومة او صدام انسان الولاية مع بعضه البعض .. وهذا او الطوفان .. ونسأل الله العبور بامان ..