تقاريرفنية

فرفور ، الجبل وجبرة نموذجا .. من المسرح إلى الشِتَائم: خطاب الكراهية يتمدد للوسط الفني السوداني … ما يحدث من انقسام مجتمعي نتيجة طبيعية لافرازات الحرب وأهل الفن ليس إستثناء !

ما يحدث من انقسام وسط المجتمع السوداني بسبب حالة الاستقطاب الحادة وخطاب الكراهية الذي يغذي استمرار كل ذلك تقف وراءه جهات تتغذى من هذا التشظي

 

 

ترياق نيوز – تقرير : عبدالباقي جبارة

 

 

 

 

  ما يحدث من انقسام وسط المجتمع السوداني بسبب حالة الاستقطاب الحادة وخطاب الكراهية الذي يغذي استمرار كل ذلك تقف وراءه جهات تتغذى من هذا التشظي ، حرب السودان منذ اندلاعها في ١٥ ابريل مرت بتمظهرات شاذة ولم يشهد العالم مثيلا لها ، وبصورة أدق إعداد المسرح العبثي لهذه الحرب كان قبيل الطلقة الأولى بحشد الاقلام لوضع مسوح قدسية هذه الحرب وبالتالي شحذ همم نجوم الفن والإبداع ورموز المجتمع للانسياق وراء السرديات لتجهيز اكبر طاقة دفع لتكون جزء من أدوات هذه الحرب . ولعل السلوك الإجرامي لا بد أن يترك ثغرة ينفذ منها الحق ولو كره أهل الباطل ، ولذلك نجد اول انتصار للحقيقة وظهورها للعلن هو الصراعات داخل الجبهة الواحدة ما حدث بين المجموعات السياسية في بورتسودان ، والمجموعات الإعلامية في الداخل والخارج وأخيرا مجتمع أهل الفن والذي نتابع تفاصيله في هذا التقرير كنموذج لنضوب وعاء داعمو الحرب :

خلال الأسابيع الأخيرة تفاقمت حالات الانقسام داخل الوسط الفني السوداني وتحول الخلاف بين فنانين إلى مواجهات علنية على منصات التواصل وحوارات تلفزيونية، كان ذلك مؤشر واضح لانتشار خطاب الكراهية من خلال الإساءات المتبادلة. أحدث هذه التطورات قرار اتحاد المهن الموسيقية بفصل الفنان جمال مصطفى «فرفور» بتاريخ 8 أكتوبر 2025، في خطوة اعتُبرت تصعيدية ومثّلت انعكاساً لمعاناة الوسط من تراكم النزاعات.

خلافات علنية بين فنانتين هما هبة جبرة وعائشة (عشة) الجبل ، تحوّلت إلى تراشق عبر منصة (تيك توك) ووسائل أخرى، وأثارت ضجة واسعة ومطالبات بحظر منصاتهن على وسائل التواصل الاجتماعي أو تدخل تنظيمي يحسم هذه الفوضى .

من ناحية ومن خلال مقابلة تلفزيونية على فضائية «البلد» ظهر الفنان جمال فرفور بتصريحات تضمنت إساءات فُسّرت على أنها تطاول على الوسط الفني، ما دفع اتحاد المهن لاتخاذ قرار فصل الفنان «فرفور» من عضويته وإيقاف مزاولة العمل داخلياً. القرار نشرته عدة وسائل محلية بتاريخ 8 أكتوبر 2025.

نتيجة لذلك كانت هنالك ردود فعل متباينة شملت دعم جمهور للفنانين المُفصَلين، واعابوا على فرفور تعميم الإساءات على كل الوسط الفني كما جاء من ما خطه الصحفي والناقد الفني ايمن كمون الذي عدد رموز الفن السوداني من لدن عهد الحقيبة مرورا بجيل الحداثة امثال وردي وودالامين ومحمدية وإسماعيل عبد المعين وعاىشة الفلانية والكاشق وغيرهم في المقابل أيضا وجهت انتقادات لقرار اتحاد المهن الموسيقية برئاسة الفنان نجم الدين الفاضل من جانب صحفيين وشخصيات عامة وصفهم البعض بأنهم منحازين للفنان جمال فرفور المحسوب على الأحهزة الأمنية على حد زعمهم ويدعم ذلك ظهور فرفور أكثر من مرة وهو يرتدي الزي العسكري ويحمل بندقية آلية ، ولكن هنالك مجموعة معتدلة رأت ضرورة وجود معايير واضحة للتعامل مع التجاوزات ، ولكن يؤكد بعض أعضاء الاتحاد بأن نظامهم الأساسي ولوائح اتحاد المهن الموسيقية واضحة ولا لبس فيها لذلك كانت القرارات الأخيرة تستند لشرعية قانونية تنفذ عبر قيادة الاتحاد .

من ناحية أخرى يرى البعض بأن مثل هذه الإشكاليات تحدث في كل المجتمعات لكن المنصات الرقمية وانتشار تطبيقات مثل تيك توك وفيسبوك و«اللايف» جعل أي خلاف يتحول بسرعة إلى أزمة وطنية صغيرة كانت أم كبيرة مع تسريع تداول المقاطع القصيرة التي في الغالب تخرج الكلام من سياقه. هذا يسهّل استثارة الجماهير وتجنيدها في معسكرات تأييد أو شتم.

ايضا مثل هذه الصراعات تأتي ضمن حالة الاستقطاب الاجتماعي والسياسي وخاصة بأن الخلافات الفنية غالباً ما تُستغل أو تتشابك مع مواقف سياسية واجتماعية، ما يجعل التصعيد أكثر حدة ويزيد من أثره على الجمهور والمؤسسات نسبة لشعبية المشتغلين في هذا المجال .

ولكن دائما يصعب السيطرة على مثل هذه المشاكل بسبب ضعف الأطر التنظيمية والمهنية: بينما تحاول اتحادات مثل اتحاد المهن الموسيقية ضبط السلوك، مع غياب أي سياسات واضحة للوساطة، وللتعامل مع الترهات الإعلامية والشتائم دون الإضرار بحرية التعبير أو توقيع عقوبات تعقّد المشهد. وخاصة بأن مثل هذه الاتحادات ليس لديها آلية تنفيذ لقراراتها .

في حالة الفنانين المذكورين أعلاه اتحاد المهن الموسيقية السوداني : اتخذ قرار الفصل والإيقاف استناداً إلى لائحته الداخلية ونشر صورة لخطاب القرار؛ القرار اعتُبر من قبل بعض الأطراف ضرورياً لحماية سمعة المهنة، وبواسطة ولكن آخرين يروه كإجراء تعسفي.

الإعلام والصحفيون: تباينت المواقف؛ صحفيون وقيادات إعلامية انتقدوا قرار الفصل ووصفوه «تربصاً» أو «تسرعاً»، فيما رآه آخرون تحركاً ضرورياً لردع التجاوزات. تصريح صحفية بارزة على قناة «البلد» أبرز الجدل.

الجمهور ومواقع التواصل: انقسام بين مؤيد للفنانين المتهمين بارتكاب إساءات، ومطالب بمحاسبة من يسيئون. تداول مقاطع «اللايف» والـshorts عزّز الحملة من الطرفين.

الأثر المتوقع على الوسط الفني

تفكك الانسجام المهني: استمرار العقوبات وردود الفعل المتشددة قد يزيد من تفكك «التحالف المهني» داخل الوسط ويحول ممارسات العمل إلى ساحة خلافات شخصية.

تجميد الفعاليات: قرارات منع وإيقاف التراخيص قد تؤدي لانسحاب فنانين أو لمنع إقامة فعاليات وحفلات، ما يؤثر اقتصادياً على العاملين في القطاع.

تدهور صورة المهنة: الاحتكاكات المستمرة تُضعف ثقة الجمهور وتُشوّه صورة المهنة أمام الداخل والخارج.

وضع آلية وساطة مهنية داخل الاتحاد: تشكيل لجنة تحكيم/وساطة متخصصة تتلقى الشكاوى وتطبّق إجراءات تصعيدية متدرجة (تحذير — وساطة — عقوبات) قبل الفصل.

إطلاق مدونة سلوك واضحة: بروتوكول سلوكي يُنشر ويُوقّع عليه جميع الأعضاء يتضمن حدود التعبير على الهواء ومنصات التواصل والعقوبات المترتبة.

حملات توعية رقمية: شراكات مع منظمات المجتمع المدني لتنظيم ورش عن خطابات الكراهية وإدارة الخلاف المهني وكيفية استخدام المنصات الرقمية بمسؤولية.

تنظيم محتوى البثّ الحي: تشجيع الفضائيات والقنوات على تطبيق قواعد نشر وعدم السماح بالتجريح بدون مساءلة المذيع والمعدّ.

آليات استردادية للمؤذَى: توفير سبل اعتذار علني ومصالحة رسمية تُعيد الحقوق وتحد من التصعيد القانوني أو الجماهيري.

دعم اقتصادي للفنانين: تقليل الحوافز للتصعيد عبر تحسين فرص العمل والمشاركة، لأن الضغوط الاقتصادية تُسهِم في التوترات والانقسامات.

الأدوات التقنية وسهولة الوصول إلى الجمهور قد حولت الخلاف الفني من اختلاف في الأذواق إلى نزاع يؤثر على سمعة المهنة واستقرارها الاقتصادي والاجتماعي. قرار فصل «فرفور» في 8 أكتوبر 2025 هو حلقة جديدة في أزمة أكبر تتطلب تحركاً منظماً ومتوازناً من الاتحادات الإعلامية والقنوات والفنانين أنفسهم، عبر مزيج من القواعد المهنية، وآليات الوساطة، وحملات التوعية الرقمية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى