اخبارتقارير

جريدة سعودية : بورتسودان تخسر الهدوء

شملت الاعتداءات محطات الوقود والكهرباء والميناء والمطار والفنادق… والبرهان: هجمات “الدعم السريع” لن ترعبنا.

عانت مدينة بورتسودان، العاصمة الإدارية المؤقتة للبلاد (شرق)، يوماً صعباً ومليئاً بالرعب، إثر هجوم واسع قامت به طائرات مسيّرة في وقت مبكر من يوم الثلاثاء، حيث استهدفت عدة مناطق استراتيجية وحيوية في المدينة، بما في ذلك مطار المدينة، ومستودع للوقود، ومجمع للحاويات في الميناء، بالإضافة إلى المحطة الرئيسية للكهرباء. وقد أدى ذلك إلى انقطاع كامل للتيار الكهربائي عن المدينة التي تعرضت للشلل التام.
شملت الضربات أيضاً فندقاً بالقرب من القصر الرئاسي المؤقت، بالإضافة إلى قواعد عسكرية ومناطق حيوية أخرى، مما أدى إلى اندلاع عدة حرائق وأثار حالة من الخوف والذعر الشديد بين السكان، الذين تركوا منازلهم القريبة من مناطق الانفجارات واتجهوا إلى مناطق آمنة في المدينة، التي تُعتبر البوابة الرئيسية لإدخال المساعدات الأجنبية.
البرهان: لن تخيفنا
قال رئيس مجلس السيادة السوداني وقائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، يوم الثلاثاء، إن ما وقع من تدمير للمنشآت العسكرية والمدنية في مدينة بورتسودان “لن يزيدنا إلا قوة”. وأضاف في كلمة ألقاها عبر التلفزيون: “الشعب السوداني سينتصر، ولا تخيفه هجمات (الدعم السريع)… ونؤكد لكل من اعتدى على الشعب السوداني أن ساعة الحساب ستأتي، وأن النصر سيكون حليف الشعب في النهاية”. وأوضح قائد الجيش السوداني: “الشعب السوداني هو شعب مناضل ومقاتل، لا تهزّه الحوادث ولا تزعجه المصائب، ولن تخيفه هذه الأفعال”.
وأفاد البرهان، أثناء تواجده أمام ميناء بورتسودان، حيث تتصاعد سحب الدخان الأسود من الحريق الذي نشب في مستودع الوقود بالميناء، أن “هذه المنشآت التي تخدم المدنيين قد بناها الشعب السوداني، وهي ملك له، وسيعيد بناءها من جديد، وأي تدمير أو خراب للمنشآت المدنية أو العسكرية لن يزيد الشعب إلا قوة وتلاحماً”. وأكد أن القوات المسلحة والمقاومة الشعبية والقوة المشتركة التي تقاتل مع الجيش السوداني، تقف حالياً صفاً واحداً لمواجهة هذا العدوان. وقال إن “الشعب السوداني لا يُهزم ولا يُقهر، إنه شعب صابر وصامد، وسنسعى جميعاً لتحقيق أهدافنا في هزيمة ميليشيا (الدعم السريع) ومن يدعمها”. وأضاف: “نوجه رسالة لكل من اعتدى على الشعب السوداني أن لحظة القصاص قادمة”.
أوضحت شركة أمبري البريطانية المتخصصة في الأمن البحري أن الضربات شملت هجماً بطائرات مسيّرة استهدفت منشآت الميناء في بورتسودان، حيث تم تركيز الهجوم على محطة الحاويات. وتعتبر هذه الضربات الأكثر كثافة منذ بداية الهجوم على بورتسودان يوم الأحد، في صراع يتزايد فيه استخدام الطائرات المسيّرة.
تضرر مستودع الوقود
قال وزير الطاقة والنفط السوداني، محيي الدين النعيم، في تصريحات لقنوات فضائية، إن المستودع الاستراتيجي الذي يسع نحو 120 ألف طن من المواد البترولية قد تعرض لأضرار جسيمة، ولا تزال النيران مشتعلة حتى مساء الثلاثاء. وأشار إلى أن بلاده تفتقر إلى القدرات اللازمة للتعامل مع مثل هذه الأحداث. كما من المرجح أن يؤدي تدمير منشآت الوقود والأضرار التي لحقت بالمطار والميناء إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في السودان، والتي تصفها الأمم المتحدة بأنها الأسوأ على مستوى العالم، مما يزيد من الضغوط على عمليات تسليم المساعدات على اليابسة ويؤثر على إنتاج الكهرباء وإمدادات غاز الطهي.
قال مدير مطار بورتسودان يحيى أحمد لـ«الشرق الأوسط» إن المطار لم يتعرض لأضرار كبيرة تعيق حركة الطيران، مشيراً إلى أن الجهود جارية لاستئناف الرحلات في وقت قريب. وأشارت مصادر محلية إلى أن سحب الدخان الأسود الناتجة عن اندلاع النيران في مستودعات الوقود بالمطار والميناء لا تزال تغطي سماء المدينة، مما دفع بعض السكان للانتقال إلى الأحياء المجاورة خوفاً من وقوع مشاكل صحية بسبب الانبعاثات أو التعرض للقذائف.
شهدت مدينتا بورتسودان وكسلا في ولاية البحر الأحمر ازدحامًا كبيرًا في محطات الوقود، حيث اصطفّت السيارات منذ صباح يوم الثلاثاء في طوابير طويلة للحصول على الوقود. وطمأنت وزارة الطاقة والنفط المواطنين بأن إمدادات المشتقات البترولية مستقرة ومتوفرة في جميع محطات الخدمة. وأوضحت في بيان على موقع «فيسبوك» أن شرطة الدفاع المدني تعمل على إخماد الحرائق في مستودعات الوقود لمنع انتشارها وتفادي حدوث كارثة في المدينة. وأضافت أن تدفق الوقود يسير بشكل طبيعي، ولا يوجد ما يستدعي القلق.
بورتسودان تخسر الهدوء
تمكنت مدينة بورتسودان من الحفاظ على هدوء نسبي منذ اندلاع الحرب الأهلية في أبريل 2023، حيث أصبحت مركزًا للحكومة المتحالفة مع الجيش بعد أن فقدت القوات المسلحة السودانية السيطرة على جزء كبير من العاصمة الخرطوم في بداية الصراع مع “قوات الدعم السريع”. ولجأ إلى المدينة مئات الآلاف من النازحين، كما انتقل إليها المسؤولون والدبلوماسيون ووكالات الأمم المتحدة، مما جعلها القاعدة الرئيسية لعمليات الإغاثة.
ذكر الشهود أن الهجوم على محطة الكهرباء في بورتسودان تسبب في انقطاع التيار الكهربائي في جميع أنحاء المدينة، بما في ذلك مقر الحكومة المؤقت، في حين انتشرت وحدات الجيش حول المباني الحكومية.
شهد الصراع في السودان فترات من التوتر والهدوء، لكن من غير المتوقع أن يحقق أي من الطرفين نصراً حاسماً، وفقًا لمراقبين. وتفتح الهجمات بالطائرات المسيّرة جبهة جديدة في النزاع، حيث تستهدف القاعدة الرئيسية للجيش في شرق السودان. وكان الجيش قد تمكّن في مارس (آذار) من طرد “قوات الدعم السريع” من معظم مناطق وسط البلاد، بما في ذلك العاصمة الخرطوم، ودفعها نحو الغرب.

واتهمت مصادر عسكرية “قوات الدعم السريع” بشن هجمات على بورتسودان منذ يوم الأحد، رغم أن هذه القوات لم تعلن مسؤوليتها عن ذلك حتى الآن. وجاءت الهجمات بعد أن أفاد مصدر عسكري بأن الجيش دمر طائرة ومستودعات أسلحة في مطار نيالا الذي تسيطر عليه “قوات الدعم السريع” في دارفور، المعقل الرئيسي لها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى