كشف تحقيق إستقصائي سينشر لاحقاً عن حقيقة مفادها ان وزير المعادن محمد بشير أبو نمو قام في الفترة الماضية بتعيين العشرات من أقربائه وأسرته في وزارة المعادن والشركات والمؤسسات التابعة لها، وأكدت مصادر واسعة الإطلاع ان التعيينات ازدادت بوتيرة متسارعة بعد انقلاب 25 أكتوبر وبلغت بحسب بعض الإحصائيات أكثر من (100) موظف في مؤسسات الوزارة المختلفة، بينهم أكثر من (20) مدير إدارة، ومن بين الذين قام وزير المعادن بتعيينهم في الوزارة والشركات التابعة لها عناصر يتبعون للنظام البائد والأمن الشعبي، ووصف بعض المتابعين الخطوة التي قام بها الوزير بأنها محسوبية وتمكين قبلي واسري استغل فيها وزير المعادن محمد بشير ابو نمو نفوذه التنفيذي وغياب رئيس الوزراء والفراغ الدستوري والتنفيذي الذي شهدته البلاد منذ إنقلاب 25 أكتوبر.
وتتكون وزارة المعادن التي تم إنشاءها في العام 2010م من ستة مؤسسات هي رئاسة الوزارة، والهيئة العامة للأبحاث الجيولوجية، والشركة السودانية للموارد المعدنية، وشركة سودامين المحدودة، وشركة أرياب للتعدين، وشركة معادن السودان للتدريب والإنشاءات.
وفي رئاسة وزارة المعادن يجلس محمد بشير أبو نمو في كرسي الوزير، ويشغل الرجل ثلاثة وظائف هي وزير المعادن، ورئيس مجلس إدارة الشركة السودانية للموارد المعدنية، ورئيس مجلس إدارة شركة أرياب للتعدين المحدودة، فيما يشغل أحد أقارب الوزير وابن أسرته الصغيرة ويدعى أحمد هرون التوم، وهو من عناصر النظام البائد وأحد عناصر الأمن الشعبي، يشغل ثلاثة وظائف مهمة وهي مدير المكتب التنفيذي الوزاري لوزير المعادن، ومقرر مجلس إدارة الشركة السودانية للموارد المعدنية، وعضو مجلس إدارة شركة سودامين المحدودة.
وكشف التحقيق الاستقصائي عن أكبر عملية محسوبية وتمكين قبلي وأسري لم يشهدها حتى عهد النظام البائد وبحسب إفادات مصادر من داخل وزارة المعادن فإن وزير المعادن محمد بشير ابو نمو قام بتعيين العشرات من أقربائه وأبناء أسرته الصغيرة برئاسة الوزارة في وظائف قيادية عليا بالوزارة، وبحسب المصادر فان الوزير قام بتعيين جعفر محمد حقار، وهو من أسرة الوزير، مديرا للشؤون المالية والإدارية، وتعتبر هذه الإدارة من أهم الإدارات في الوزارة بعد الوكيل.
ولم تقف المحسوبية والتمكين القبلي والاسري عند هذا الحد بل تجاوزها، واتضح ذلك عندما قام الوزير بتعيين العشرات من أقربائه وأبناء أسرته في رئاسة الوزارة وعلى سبيل المثال لا الحصر قام الوزير بتعيين محمد حسين مندوبا للوزير بشركة أرياب، ومهند يعقوب مديرا لمكتب الوزير، ووجدان إبراهيم سكرتيرة بمكتب الوزير وفاطمة سكرتيرة بمكتب الوزير، وعلي محمد سكرتير بمكتب الوزير، وعلي محمد ادومة سكرتير بمكتب الوزير بالاضافة إلى العشرات من أقرباء الوزير وأبناء أسرته الذين قام بتعيينهم بالوزارة والذين سنكشف عن أسمائهم في التحقيق الذي سينشر لاحقاً.
ومن أهم المؤسسات التابعة للوزارة هي الهيئة العامة للأبحاث الجيولوجية والتي تأسست في العام 1900م تقريباً وتقوم هذه الهيئة بإعداد الدراسات الجيولوجية والبحوث، ولم يتحصل المحقق على معلومات موثقة عن التعيينات التي قام بها وزير المعادن في الهيئة، ولكن هناك وثائق ستنشر لاحقاً أكدت وجود علاقة وطيدة بين مدير المكتب التنفيذي لوزير المعادن أحمد هرون التوم ورئيس الوزراء في عهد النظام البائد معتز موسى، والذي قام بانتدابه وقتها من الهيئة العامة للأبحاث الجيولوجية إلى الشركة السودانية للموارد المعدنية، وسيكشف التحقيق عن الملفات التي كان يديرها والعمليات التي قام بتنفيذها.
ومن بين المؤسسات التابعة لوزارة المعادن الشركة السودانية للموارد المعدنية والتي تأسست في العام 2014م وهي معنية بالإشراف والرقابة على الشركات والتعدين التقليدي، وتعتبر هذه الشركة معقل المحسوبية والفساد والتمكين القبلي والاسري، وفي هذه الشركة يشغل وزير المعادن محمد بشير ابونمو رئيس مجلس إدارة الشركة، بينما يشغل مدير مكتبه التنفيذي أحمد هرون التوم مقرر مجلس إدارة الشركة، فيما يشغل محمد عيسى مناوي، ابن عم مني اركو مناوي، مدير إدارة السلامة بالشركة السودانية للموارد المعدنية وبحسب المصادر فإنه لا يمتلك شهادات تؤهله للحصول على هذه الوظيفة الكبيرة والمرموقة.
ولم تقف عملية التمكين القبلي والاسري التي قام بها وزير المعادن عند هذا الحد بل امتدت لتشمل تعيين الصحفي ( م، ع، م) مديرا لمكتب وزير المعادن بالشركة السودانية للموارد المعدنية، بجانب تعيين عدد من أبناء أسرته وقبيلته بالشركة منهم الحاج أحمد أبكر (روما) الذي تم تعيينه موظف بقسم الحماية فضلاً عن تعيين زوجته فاطمة صبي موظفة بالشركة، وشمل التوظيف بالشركة كل من مهند مصطفي قاسي، وعبدالله محمد هنو، وعباس أبو سكين، و(م، س) وعثمان عرجة الذي تم تعيينه مندوبا للشركة السودانية للموارد المعدنية بعمارة الذهب.
وتشير المتابعات إلى وجود فروع للشركة السودانية للموارد المعدنية بعدد من الولايات منها جنوب وشمال دارفور، ونهر النيل والشمالية، والبحر الأحمر وكسلا، وجنوب وشمال كردفان وولاية النيل الأزرق، فضلاً عن وجود مناديب للشركة بشركات القطاع الحكومي والخاص التي تعمل في مجال التعدين، وبحسب المصادر فإن وزير المعادن قام بتعيين العشرات من أقربائه وتوزيعهم على فروع الشركة بولايات السودان المختلفة، وتعيين آخرين كمناديب للشركة في الشركات العاملة في مجال التعدين.
ومن بين الشركات التابعة لوزارة المعادن، شركة سودامين المحدودة، وتعمل هذه الشركة في مجال خدمات التعدين واستيراد المواد الكيميائية التي تستخدم في معالجة الخامات، بجانب مواد ومعدات إنتاج الذهب الأخرى، وبحسب إفادات المصادر فان أكبر عمليات التمكين القبلي والاسري تمت في شركة سودامين والتي يشغل فيها الدكتور جبريل إبراهيم وزير المالية منصب رئيس مجلس الإدارة، فيما يشغل أحمد هرون التوم مدير المكتب التنفيذي لوزير المعادن عضو مجلس إدارة بشركة سودامين، ويشغل الدكتور سليمان أحمد حامد الشهير بلقب (كنج) منصب المدير العام لشركة سودامين وهو من قيادات النظام البائد المشهورين بولاية جنوب دارفور بجانب إنه من كوادر الامن الشعبي، وينحدر الثلاثة المذكورين أعلاه من قبيلة واحدة وربما من أسرة واحدة.
ومضى وزير المعادن دون تردد أو خجل في تمكينه القبلي والاسري وقام بتعيين عدد كبير من أقربائه وأبناء اسرته مدراء إدارات بشركة سودامين وجاء بمدير إدارة التدريب ومدير الشؤون المالية والإدارية من أسرته، وعين مهدي حسين مديرا لإدارة المشروعات بالشركة، وعبد الجبار قادرية مديرا للإدارة التجارية بالشركة.
فيما وجد تعيين صالح منصور مطر مديرا لإدارة الإعلام والعلاقات العامة بالشركة انتقادات واسعة لجهة أن الرجل لايمتلك شهادات أكاديمية تؤهله لهذا المنصب، وبحسب مقربين منه أنه لا يملك حتى الشهادة السودانية، ولكنه تربطه صلة قرابة بمناوي، ووجد تعيينه احتجاج من قبل مدير إدارة الموارد البشرية بالشركة، ولم يقف الامر عند هذا الحد بل تم تعيين كل من فاطمة عجب الدور موظفة بالمكتب التنفيذي، ورضوان موظف بقسم الاستشكاف وأدم موظف بقسم الاستكشاف، وزهراء موظفة بقسم المشروعات، وجميع هؤلاء الموظفين الذين تم ذكرهم ينحدرون من قبيلة واحدة وربما أسرة واحدة.
وكانت شركة ارياب للتعدين الفرنسية من الشركات الخاصة، ولكنها مؤخراً وبعد خروج الفرنسيين أصبحت شركة حكومية بنسبة 100% ويترأس مجلس إدارتها وزير المعادن محمد بشير أبو نمو، وتمتلك شركة أرياب مربعي امتياز في ولاية البحر الأحمر وتعتبر من أكبر الشركات المنتجة للذهب في السودان، وكشف التحقيق الذي سينشر لاحقاً وبالمستندات تورط جهات نافذة في وزارة المعادن بالتورط في توزيع مربعات لشركات تتبع لنافذين ساهموا في دعم إنقلاب 25 إكتوبر حول مربعات شركة أرياب دون اتباع الاجراءات القانونية المعروفة.
ومؤخرا تم تأسيس شركة معادن السودان للتدريب والإنشاءات، وتعمل هذه الشركة الوليدة على تأهيل الخريجين في مجال التعدين واعدادهم وتقديمهم للعمل في الشركات الخاصة والعامة، وتم تعيين عدد من الموظفين في الشركة التي لاتزال تحت التأسيس.
وأفاد خبراء قانونيين أن كل التعيينات التي تمت في وزارة المعادن والمؤسسات والشركات التابعة لها مخالفة لقانون الخدمة المدنية، وكان يجب أن تطرح للمنافسة العامة عبر مفوضية الإختيار للخدمة المدنية القومية.
وظل رئيس حركة تحرير السودان مني أركو مناوي ينتقد حكومة الفترة الانتقالية برئاسة الدكتور عبدالله حمدوك وحاضنتها السياسية قوى الحرية والتغيير ويتهمها بأنها اختطفت الثورة واستبدلت التمكين بتمكين جديد وكان يطلق عليها فرية (أربعة طويلة) وهو الأمر الذي دفعه للمشاركة الفاعلة في اعتصام القصر (الموز) وإنقلاب 25 أكتوبر الذي كان يهدف بحسب من قاموا به إلى تصحيح مسار الفترة الانتقالية وإصلاحها ومحاربة التمكين.
ويذكر أن قطاع المعادن في الحكومة التنفيذية كان من نصيب حركة مناوي بجانب رئاسة حكومة إقليم دارفور، ولكن رئيس الحركة مني أركو مناوي عمل بخلاف ما كان يدعو له في السابق، واستبدل التمكين بتمكين أسوأ وأقبح من تمكين النظام المدحور، واستبدل التمكين بتمكين قبلي وأسري في قطاع المعادن وجاء بابن قبيلته وأسرته محمد بشير ابو نمو وزيرا للمعادن ليقوم هو الآخر مع الدكتور جبريل إبراهيم وزير المالية بهندسة عملية التمكين القبلي والاسري الذي كشف عنه التحقيق الاستقصائي عن الفساد بوزارة المعادن ومؤسساتها والذي سينشر لاحقاً.