الشيخ عبدالرحيم الشيخ محمد وقيع الله البرعي،
أحد أبرز أعلام التصوف في السودان..
– هو السلطان الذي تحلى بالآدابِ ومكارمِ الأخلاق والانسانيةِ..
• أحيا أثر من سبقوه من أهل طريقته بهمته العاليه، يسقي بكأس المحبه ليلاً ونهاراً، يذكر بالأذكار ويجود بالأسرار والأنوار، قبل الأكل والشراب….
• كان صاحب منهجاً معتدلاً متماسكاً مترابطاً متجانساً، يفيض ذوقاً وحباً وحنان. يعي ما يقول وما يفعل، متحلياً بالعبودية الكاملة التي تُورِث صاحبها السلطان والحكمة….
• عاش بين الناس للإصلاح والترقية والترقي ونشر الفضيلة….
• خلف لنا إرثاً تاريخياً إسلامياً إجتماعياً فكرياً ووهبنا نجوم مشرقةٍ من أبنائه وأحبابه…
*بقلم: الشيخ الطيب الشيخ برير الشيخ الصديق*
تفردت مدارس أهل التصوف بتفرد قادتها، متشبعة ومتوجهة بالهُدى والإرشاد والتزكيةِ والتربية للإنسان والإنسانية بمعانيها السامية وأسرارها العميقة بعمق معرفة مُمِدوها وحاملوها بحكمة إرادتهم البالغة في الإهتمام بالإنسان وقضاياهُ ومشكلاتهُ وثقافاته ونفسياته. فالعارف بالله هو صاحب مدرسة صوفية ربانية، داعياً إلى اللهِ بأحواله قبل أقواله، وإشاراته قبل كلماته، هكذا كانت الحكمه التي رفع أعلامها الشيخ عبدالرحيم محمد وقيع الله البرعي ليربط القديم بالحديث، بنى المجتمع بأفراده وأصلح الإنسان بالحكمة والموعظة الحسنة. ربط بين المدارس الفكرية وعرَف حقوقها وأجيالها.
كان الشيخ البرعي متشرباً ومتدرعاً بأسرار العبودية الكاملة، يحدثك بما في نفسك، ويصلحك بما تريد وما يريد، أراد الشيخ عبدالرحيم أن يحمي المعاني المتوارثة بإرادته وأسراره التي استلهمها واستخلصها من أهل السبق الذين سبقت لهم الحسنى، مؤيداً وشارحاً لها، متحققاً بها في ذاته ليضيء نوره لمن حوله من أهل التسليم والقلب السليم.
لقد أدرك شيخنا من زمن بعيد أن هذه الحياه رسالة، رسالةُ بين أن تكون لله مراقباً ومشاهداً في كل مراحل حياتك، ومحاسباً ومجاهداً بين الحكمة والمعرفه في أدبٍ جمَّ، وإنسانية كاملة، ومعرفةٍ حقيقيةٍ بالله. هذه الملكات أوهبته خبره واسعة، وفهمٍ عميقٍ في كل ميادين المعرفة الدنيوية والأخروية.
لقد كان مدركاً إدراك تاماً لمقامات الرجال، يحترمهم ويحبهم، عاش محترماً ومحبوباً بين الناس، مسلماً ومسالما، متعمماً بعمامة الرضا، متوجاً بتاج الكرامة، متدرعاً بقهريةِ السلطان، وحاكميةِ الإِنصاف، لا يعادي ولا ينتقم لنفسه، ولا يجامل، له دعابة حاضرة تعكس أسرار باطنه النقي التقي، الذي تجلى عليه الله بصفاته وأسمائه! عاش مدركاً لعظمة الخالق الذي ينزل عطاءه لمن دنا منه.
هو الدولة بذاتها، هو السلطان الذي تحلى بالآدابِ ومكارمِ الأخلاق والانسانيةِ. هو ذلك المعنى الذي يفيض نوراً، ويتجلى حكمة، آخذ بيد الكلِ بحكمته وفطنته ودعابته وظرفه وطرفه اللماح الذي يقرأ به أسرار ودقائق الكون والإنسان، متأملاً مبتهلاً مناجياً لله في كل أوقاته، لا يشغله شاغل، ولا يحجبه حاجب، بل نظم وقته وفنى عمره لآداء رسالته المحمدية الخالدة التي جمعت ودانت لها كل العقول السليمه.
كان صاحب منهجاً معتدلاً متماسكاً مترابطاً متجانساً، يفيض ذوقاً وحباً وحنان. يعي ما يقول وما يفعل، متحلياً بالعبودية الكاملة التي تُورِث صاحبها السلطان والحكمة. كان شيخنا وأستاذنا نوراً يمشي في الأرض، عاش بين الناس للإصلاح والترقية والترقي ونشر الفضيلة، يحدثك بما تحتاجه، يرفع قدرك إذا نظر إليك، يمحو عنك الشقاء اذا لمحك، يؤيدك إذا ما اعتنى بك، له منهج يكفي ويسد حوجه الإنسانيه من قيم ومُثُل وآداب إذا ما اتبعوه، له نور يضيء في الكون يشرق على أهل التسليم وأهل القلب السليم، له جاه واسع وعريض أشرقت أنواره في كل العالم، ولمعت بروقه في سودان أهل المعرفة والحب.
قاد مجتمعاته بلين ورفق إلى مكارم الأخلاق وسبل المعرفةِ، وجه وأرشد أحبابه ومريدوه إلى الأدب مع الآخرين ومعرفه أهل الفضل منهم، أحيا أثر من سبقوه من أهل طريقته بهمته العاليه، يسقي بكأس المحبه ليلاً ونهاراً، يذكر بالأذكار ويجود بالأسرار والأنوار، قبل الأكل والشراب، إهتم بالأذكار طول عمره حتى ألبسه الله ذلك الثوب الزاهي الباهي، خلف لنا إرثاً تاريخياً إسلامياً إجتماعياً فكرياً ووهبنا نجوم مشرقةٍ من أبنائه وأحبابه، ورًث أبنائه الحب ومعانيه وورث أحبابه الإرادة وقوتها لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا.
بارك الله لنا في قائد ركبه، وحامي حما فكره، خليفته الهمام المقدام، وإخوته الكرام البرره الأعلام وجعلهم قنديلاً يضيء ويشرق على مر الدهور والأعوام، وحفظ الله قادتنا ومشايخنا أهل الذوقِ والمعرفةِ والوعي السلوكي، وحفظ الله رجال الفكرِ الإسلامي الذين اعطوا وما زالوا يقدمون العطاء وبارك الله لنا في كل من نشر لنا هذا الدين بمعانيه وأصلح أمتنا بكل ما يحويه الإسلام من فكر وذكر.
وحفظ الله لنا سودان المعرفة والحكمة، سودان الحب والتسليم، سودان الفكر والهدى، سودان المروءة والشهامة، والتي ألهمونا لها أهل السبق عنايةً من الله له الشكر والمنه.
وحفظ الله أهل الطرق وحفظ الله الأمه بأهل الطرق والخصوصية والسر والمزية من كل المشارب، في مختلف الأزمة والأمكنة التي أوصانا الله بمعرفتها (الوقت وضرورة الوقت) وألهمنا الله الصواب والحكمة، وبارك لنا في نبينا وسنته وصحابته وأهل وده ومن نصروه ووأحبوه وحفظوا وده في آله صلى عليه الله وعلى آله كلما أشرق كوكب وسار موكب إلى يوم الدين..
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ..
29 يوليو 2022م