لماذا وزارة التجارة تربك سوق السكر.. وتسعى لتدخل السلعة ” بيت الطاعة بعد أن تخلصت منها الحكومة؟!
الخرطوم. تقرير : ترياق نيوز
الطاقة التصميمية و الانتاج الفعلي
بدات صناعة السكر في السودان منذ الستينات عبر المصانع السودانية الاربع المعروفة وهي الجنيد ( ولاية الجزيرة ) جلفا الجديدة (ولاية كسلا ) سنار ( زلاية سنار ) عسلاية ( ولاية سنار ) ثم لحق بها مؤخرا شركة سكر النيل الابيض ( ولاية النيل الابيض ) كلها تقع تحت ادارة شركة السكر السودانية و تبلغ طاقتها التصميمية مجتمعة 805,000 طن سنويا يساهم في هذا الكمية مصنع سكر النيل الابيض ب 450 الف طن اضافة الي مصنع سكر كنانة بطاقة تصميمية 380 الف طن سنويا جملة الانتاج بحسب الطاقة التصميمة لكل مصانع السكر في السودان تبلغ 1,185,000طن سنويا المرجع http://www.tpsudan.gov.sd/index.php/ar/home/show_export/80 لكنه من المعروف ان تحقيق الطاقة التصميمة هدف لا يمكن تحقيقه الا اذا توافرت ظروف انتاج مثالية وهذا بالتاكيد غير موجود عندنا في السودان على الاقل في الوقت الراهن.
واقع الانتاج الحالي و لسنوات عديدة بحسب خبراء و متاعبين و تقارير متخصصة لا يتجاوز ال 400 الف طن لكل المصانع السودانية مجتمعة مع العلم ان مصنع سكر النيل الابيض لن يساهم بطن واحد هذا الموسم على الرغم من ان طاقته التصميمة هي الاكبر من بين جميع المصانع السودانية (450 الف طن )
الاستهلاك
تصاعد حجم الاستهلاك تدريجيا من 120 الف طن سنوي في العام 1960 م حتى وصل الي 1.2 مليون طن العام 2010 م يححسب موقع نقطة التجارة السودانية نفسه و يتوقع خبراء ان يكون حجم الانتاج قد بلغ 1.4 مليون طن العام السابق هذه الزيادة تتناسب مع الزيادة في حجم الاستهلاك مقروء مع التغير في نمط الاستهلاك اذا اصبح السكر عنصرا غذائيا في من المنتجات الغذائية كثيرة
الاستيراد
يمثل الاسيراد ما نسبته 80% من حجم الاستهلاك الكلي و ياتي معظمه من الهند و تايلاند و قليل من الخليج و مصر
في العام 2011 خرجت الدولة من تمويل استيراد السكر رغم ان العجز كان و ما يزال في حدود 70% الي 80% و تركت امره لشركات الفطاع الخاص استيرادا و توزيعا دون ان تتدخل فكانت النتيجة كما يلاحظ الجميع ان عرض سلعة السكر اصبح كافيا في السوق المحلي في العاصمة و الولايات حتى البعيدة و لا تتكلف الدولة بمتابعة توزيعه او تسعيره في الوقت الذي يشكو فيه المواطن من ندرة حادة لكافة السلع الاستهلاكية الاخرى بدواءها و دقيقها و وقودها ليس هذا فحسب بل اصبح سعره معقولا مقارنة مع اسعار السلع الاستهلاكية المستوردة الاخرى فكيلو السكر 135 جنيه الان في الوقت الذي لا يوجد فيه كيلو لاي سلعة اخرى بهذا السعر كل هذا بفضل المنافسة الشريفة و التطبيق الحقيقي و العملي لسياسة التحرير كما ان مشهد السكر الان يؤكد بان دور القطاع الخاص العامل في مجالي الاستيراد و التصدير هو دور محوري في تحقيق التوازن المطلوب للميزان التجاري
ملخص القول ان سلعة السكر قد خرجت فعليا من قائمة السلع المزعجة للدولة و المواطن و تحولت من سلعة سياسية بامتياز الي سلعة صديقة للطرفين الحكومة و المواطن .
وزارة التجارة شرعت في تازيم الوضع
للاسف الشديد قررت وزارة التجارة والصناعة التدخل في امر سلعة السكر و شرعت بتشديد الراء لهذا التدخل بموجب منشور بنك السودان الصادر في الثاني من سبتمبر 2020 – منشور ادارة السياسات رقم (20/2020) و الذي قضى في ملحقه ( السلع الضرورية – رقم 6 سلعة السكر ) بالزام كافة المستوردين بشرط الجصول على موافقة مسبقة للاستيراد من الوزارة و ظن المستوردون خيرا ان الوزارة تنوي التحكم في حجم الاستيراد بما يحفظ توازن العرض و يخفف الضغط على عرض النقد الاجنبي الذي يستهلكه استيراد سلعة السكر فقاموا بتقديم طلباتهم للوزارة منذ منتصف سبتمر 2020 اي قبل 45 يوم لكن حتى الان لم يتمكن اي منهم من الجصول على تصديق الوزارة و بدا الامر و كانه نوع من المماطلة خاصة و ان الوزارة نفسها لم تعلن حتى الان عن الشروط و المعايير التي تمنح بموجبها هذا التصديق للمستوردين
التهريب
لا توجد ارقام رسمية او تقديرات منشورة عن حجم السكر المهرب لكن يرى كثير من المراقبين ان تهريب سلعة السكر خاصة عبر حدودنا الغربية اصبح مخاطرة كبيرة بالنسبة للتجار لجهة ارتفاع كلفة النقل و وجود مصاعب امنية مخيفة بالاضافة الي ان سعر السلعة داخل السودان يحقق مكاسب كبيرة و خالية من المخاطر .
نختم القول بان وزارة التجارة و الصناعة على الرغم من انها قصدت فرض تدابير ضرورية لكنها بهذا التوجه الغير مرتب و هذا الخطوة الغير مدروسة ستقود الوضع الاقتصادي الي مزيد من الارباك و التازم و ستعود سلعة السكر الي عادتها القديمة لتصبح سلعة سياسية ينبغي على الحكومة التعامل مع افرازاتها و بكلفة عالية و التجارب موجودة ارجعوا الي الوضع قبل 2011 م و لعل ما يعزز هذا الافتراض ان قرار الوزارة قد اوقف الاستيراد لاكثر من شهر في ظل توقعات بضعف الانتاج المحلي بدرجة مخيفة منسوب الي الصعوبات التي واجهت شركات السكر هذا الموسم ضعف التحضير و بالنالي ضعف الحصاد بسبب ضعف امداد الوقود و النقص الحاد في موقف قطع الغيار بسبب عدم وفرة النقد الاجنبي .