الخامس عشر من سبتمبر في كل عام تمر ذكرى إنطلاقة أم الإذاعات الإقليمية إذاعة نيالا من جنوب دارفور كإذاعة موجهة تخدم أغراضا محددة ولكنها سرعان ما توسعت وتنوعت فى البرامج لتكون إذاعة متكاملة والفضل يرجع الى الأتيام الأولى التى صاحبت بدايات البث والقادمة من إذاعة أم درمان الأم فرسخت هذه الاتيام مبادىء وقيم رسمت للإذاعة دررب العطاء واكستها ثوب التميز وكانت بعيدة المدى فى بثها حيث يمتد 50 كيلوهيرتز ويغطى اقليم دارفور وأجزاء كبيرة من الدول المجاورة فتسمع فى الكفرة بليبيا وداخل اراضى جمهورية افريقيا الوسطى ودولة تشاد وتسمع فى دنقلا احيانا بجانب كردفان الكبرى وبحر الغزال .
شكلت إذاعة نيالا حضورا فى قلوب مواطنى دارفور ووقتها كان اقليما واحدا فشكلت وجدان وترابط وتلاحم ابناء هذا الجزء من السودان بالتفافهم حول المذياع مستمعين لنشرات الأخبار والبرامج التى تبث، فلم تكن إذاعة نيالا الا إذاعة دارفور ، وجاءت أولى البرامج من القوة والجودة والوضوح بمكان فوجدت الإذاعة مساحة واسعة من الإستماع ويدلل على ذلك الرسائل التى تصل بريد الاذاعة الى مقدمى برامجها من مناطق مختلفة بالإقليم والسودان .
هكذا جاءت أولى صرخات المولود قوية فتية وخلف البدايات الأولى الكوادر الكبيرة من اذاعة أم درمان الأم حيث لعبوا دورا مشرفا دفع بإذاعة نيالا لبدايات قوية من يوم ميلادها الأول ، وجاءت البدايات للإذاعة فى ظل ظروف وإمكانات بسيطة واستديو وأجهزة متواضعه ولكن كانت إرادة العاملين متعاظمة وهزمت طموحاتهم وقدراتهم الذاتية ضعف الإمكانيات المادية لينطلق أثير هنا نيالا ليشنف الأذان ويهز القلوب بكم هائل من الأعمال والبرامج القيمة وتجاوب بعض من أبناء نيالا مع الأتيام القادمة فانتج ذلك إضافة ثرة لنوع البرامج التى تخاطب المواطن بالإقليم وتلامس شغاف قلبه، فهواها المستمعون الذين تتزايد أعدادهم يوما وراء يوم ، وجاءت مساهمات الجيل الأول الذى شارك فى إعداد وتقديم البرامج ليكون النواة القوية والصلبة وتتواصل الجهود لتكبر الإذاعة وتتطور فى منشآتها ومبانيها وأجهزتها ويتواصل التطور لتكون هيئة الإذاعة والتلفزيون وذلك بدخول تلفزيون نيالا المحلى الى العمل مع الإذاعة وهى اليوم الهيئة الولائية للإذاعة والتلفزيون بقيام فضائية جنوب دارفور المتوقفة عن العمل الآن .
اليوم تحتفل الإذاعة بعامها السابع والثلاثين فى ظروف غير التى بدأت بها من حيث الأجهزة والإمكانيات والاستديوهات والأعداد الكبيرة العاملة ولكن للأسف انخفضت مساحة البث فلم تعد تغطى المساحات السابقة وتقاصر ظلها الذى كان يمتد لارجاء واسعة داخل وخارج السودان ، وبعد 37 عام كان المؤمل والمتوقع تواصل الإرسال على مدار ساعات اليوم وليس بثا محدودا بثمانية ساعات وقد قامت إذاعات بعدها بسنوات تعمل على مدار الساعة ، صحيح اليوم ليس كالأمس حينما بدأت الإذاعة فلم تكن هناك الا إذاعة هنا أم درمان وبعض الإذاعات العالمية ولا توجد الفضائيات التى تغطى الفضاء ببثها المتواصل والمتنوع وفى مثل هذه الظروف يبقى أهل الريف والقرى والحلال الأكثر إستماعا للإذاعة ولكن لإذاعة نيالا فى القلوب مواقع ومراتع من أهل المدن الأمر الذى يستدعى المزيد من التجويد والإجتهاد فى تقديم البرامج والمواد التى تجبر المواطن للمتابعة والإستماع لساعات البث المحدودة ، واليوم هناك كوادر شابه مدركة لدورها ودور الإذاعة فى ظل الظروف الإستثنائية التى تعيشها المنطقة الخارجة من أتون الحروبات والصراعات وتحتاج الى برامج نوعية وجيدة الإعداد والتقديم لتخدم أغراض رتق النسيج الإجتماعى الذى تهتك وتصدعت أركانه بعيدا عن الاثنية والجهوية والقبائلية والمناطقية وبذلك تقوم الإذاعة بالدور الرائد والمتقدم على البندقية والجندية فى سلاسة وهدوء تتغلغل بين أوساط المكونات المختلفة والوقوف منها بمسافة واحدة دون تحيز أو انحياز وبذلك تكون الرسالة الكاملة المطلوبة فى ظل الراهن بعيد قيام ثورة ديسمبر وإحداث التغيير السياسى والذى تتطلب مرحلته نوعية مختارة من البرامج اعدادا وتقديما تخاطب المرحلة التى تنادى بالحرية والسلام والعدالة.
اليوم بعد سبعة وثلاثين عام وسجل حافل من الإنجاز والتاريخ المجيد للإذاعة نقرأه نحن جيل الحاضر يعتصر القلب حزن دفين والذكرى تمر دون ان تكون هناك إشارة لها ونرفع القبعات تحية لإذاعة نيالا على مرور ذكرى ميلادها والتحية للرعيل الأول الذين قدموا من إذاعة أم درمان الأم والجيل الأول الذى تفاعل مع إذاعة نيالا من أبناء الإقليم ورحم الله الذين رحلوا ومد الله فى أعمار الأحياء ودام أثير هنا نيالا قويا فتيا.
هنااااااااااااااا نيالا.