تمديد حظر السلاح في دارفور: كيف يخدم مصالح البرهان وفقاً لمحللين سودانيين
القاهرة : ترياق نيوز
ذكر محللون سياسيون سودانيون إن القرار الأخير لمجلس الأمن بفرض حظر على توريد السلاح إلى دارفور فقط، دون بقية مناطق السودان، سيؤدي إلى تصاعد حدة النزاع بشكل أكبر.
أوضح المحللون أن القرار المتعلق بدارفور قائم منذ عام 2005، وأن ما حدث هو مجرد مراجعة وتجديد لهذا القرار، الذي لا يعكس الوضع الراهن في السودان وما يعانيه الجميع من حرب طاحنة ومأساة إنسانية.
وأكد المحللون في تصريحات لموقع “إرم نيوز” أن هذا التمديد، الذي يقتصر على منطقة دارفور دون بقية مناطق البلاد، سيؤدي إلى تفاقم النزاع بشكل أكبر مما سيكون له عواقب وخيمة على المدنيين، أسوأ من الأوضاع الحالية. وهذا الأمر يخدم خطط قائد الجيش عبد الفتاح البرهان لإعادة تسليح قواته ورفع حدة المأساة في البلاد وسكانها.
أرجع محللون تعامل مجلس الأمن بـ”رمادية” مع قضية الحرب في السودان إلى التسويف وعدم الاكتراث، إذ يتم التعامل مع القضية كأزمة سياسية بدلاً من كونها إنسانية، وهذه الظاهرة تعود إلى تعقيدات الملف المرتبطة بمصالح الدول الخمس الدائمة العضوية في المجلس. بالإضافة إلى ذلك، فإن الأولويات الدولية للولايات المتحدة والدول الغربية تركز حالياً على الحرب في أوكرانيا.
وأكد عضو المؤتمر التأسيسي لحزب “تقدم”، عادل توفيق، في تصريحات لـ”إرم نيوز”، على أهمية أن يتخذ مجلس الأمن موقفاً بقرار حظر إرسال الأسلحة إلى السودان وكافة مناطقه، وليس إلى دارفور فقط، كما تم مؤخراً.
أشار توفيق إلى أن “البرهان وحلفاءه يضلل المجتمع الدولي من خلال عدم تضمين أي قرار يشمل توريد الأسلحة إلى جميع أنحاء السودان، حيث يتم حصر الأمر على إقليم دارفور فقط”. وأضاف أن هذا القرار قائم منذ عام 2005، وأن إعادة النظر فيه من قبل مجلس الأمن أصبحت تتم مؤخرًا بشكل سنوي بدلاً من كل سنة ونصف.
أوضح عضو في حركة تقدم أن قرار مجلس الأمن بحظر لا يشمل السودان بكامله سيمنح البرهان ذريعة لتعقيد أزمة الحرب وزيادة عدد الضحايا وحجم الدمار، من خلال استمراره في استيراد الأسلحة، سواء بطرق رسمية أو غير رسمية، لإعادة تسليح قواته وإعدادهم لإشعال حرب قد تكون عواقبها غير متوقعة في هذه الحالة.
وأضاف توفيق أن طريقة تعامل مجلس الأمن الرمادية مع الحرب في السودان وعدم اهتمامه بما وصلت إليه الأزمة الإنسانية، التي أصبحت كارثية بسبب منع الجيش السوداني لوصول المساعدات الإغاثية للمواطنين، يعود إلى تعقيدات هذا الملف في تعامل الدول الخمس الأعضاء الدائمين.
أوضح عضو من تقدم أن الولايات المتحدة الأمريكية سعت إلى التعامل من خلال المفاوضات، ولكن الوقت الراهن لا يتيح لها إدراج هذا الملف ضمن أولوياتها القصوى، خصوصاً في ضوء أولوياتها وأولويات الدول الغربية التي تتركز على الحرب في أوكرانيا. وبالتالي، فإن جهود واشنطن في مجلس الأمن تتعلق بهذا الموضوع، حيث لا ترغب الولايات المتحدة في تقسيم جهودها أو تشتت تركيزها في قضايا أخرى مع حلفائها.
انتقد المحلل السياسي راغب عيسى، في تصريحات خاصة لـ”إرم نيوز”، تقييد مجلس الأمن لحظر الأسلحة المفروض على السودان ليكون مقتصرًا على دارفور فقط، مشيرًا إلى أن هذا القرار يعود إلى حوالي 20 عامًا، أي قبل أن تندلع الحرب بفترة طويلة.
أوضح عيسى أن الأزمة الحالية تستدعي أن يشمل حظر توريد الأسلحة جميع مناطق السودان، وأن يكون ذلك مرتبطاً بفرض عقوبات على أي جهة تقوم بجلب أسلحة من الخارج.
وصف المحلل السياسي طريقة تعامل مجلس الأمن مع الأزمة السودانية بأنها “عدم اكتراث” و”تساهل” مما يسهم في تفاقم الأوضاع، متوقعًا أنه لن يحدث أي تغيير حقيقي في التعامل مع هذه الكارثة حتى تتولى الإدارة الجديدة مهامها بعد الانتخابات المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
يعتقد عيسى أنه حتى مع وجود الإدارة الجديدة، سيستغرق الأمر وقتًا طويلاً، لأن الفائز، سواء كان من الحزب الديمقراطي أو الجمهوري، سيبدأ في تغيير المسؤولين، مما سيدخل البلاد في مرحلة جديدة تختلف عن القائمة الحالية. هذه المرحلة ستتعلق بدراسة الوضع السوداني وآخر التطورات فيه، والبحث عن حلول، والتحضير لمفاوضات جديدة، مما سيضيف تعقيدات جديدة للأزمة السودانية.