الخرطوم : ترياق نيوز
سرد والي كسلا صالح عمار وقائع كثيرة منذ تعيينه والخلاف حوله وأكد أنه بدأ بممارسة صلاحياته لوقف التدهور في مؤسسات الدولة بكسلا مؤكدا بأن مشكلة الشرق تحتاج الى مبادرة شاملة تستصحب الجميع يدعو لها رئيس الوزراء ويرعاها مجلس السيادة.. نص ما كتب صالح عمار في المساحة التالية :
توضيح لبعض نقاط الراهن ورؤيتنا للحل:
اولا: أجريت الخميس الماضي تعديلات على مواقع قيادية بحكومة ولاية كسلا. وقناعتي ان هذه التغييرات كان يجب القيام بها منذ اليوم الاول لإنتصار ثورة ديسمبر المجيدة (12 ابريل 2019) وقد تاخرت كل هذا الوقت لاسباب غير منطقية رغم مرّ الشكوى التي كانت تصدر يوميا من أهل الولاية والذين طالبوا بكل وسائل التعبير بإجراء تغيير شامل في الحكومة يشعرون عبره بثمار ثورتهم وتضحياتهم في ولايتهم التي ظل رموز نظام البشير مسيطرين عليها ويعيثون في انحائها خرابا.
ثانيا: التغيير حسب العرف الإداري يبدأ من اعلى؛ وبالفعل بدانا بتغيير امين عام الحكومة ومن ثم مدراء عموم الوزارات ويمتد الى بقية المواقع وفق المعايير الموضوعة للاعفاء والتعيين وبالتشاور مع الجهات المعنية. وقد تم استهداف ثلاث وزارات في المرحلة الاولى وتم استثناء وزارتي الصحة والتعليم لان التغيير كان قد شملهم من قبل وفضلنا ان نخضعها من جديد للتشاور مع الحاضنة السياسية. وقد وردت إلى طلبات عديدة بإقالة عدد آخر من مدراء الادارات واوضحت ان التغيير بالفعل سيشمل آخرون لكن نحتاج الى فترة قصيرة للتشاور مع مدراء عموم الوزارات الجدد وامين عام الحكومة بجانب التحالف السياسي. وبمعنى آخر التغيير قادم لانه ضرورة عاجلة والمسالة تتعلق فقط بمهلة زمن قصير حتى تصدر القرارات وهى اكثر تماشياً مع المعايير. ونطمان أهل الولاية ان التمثيل للمجموعات التي تحتاج إلى التمييز الإيجابي سيوضع في الإعتبار عند الشروع فى تحديد شاغلي المواقع السياسية وبينها الوزارات.
ثالثا: من أهم الاسباب التي منعتني من إتخاذ قرارات الإعفاء طوال الفترة الماضية هو إنتظاري للمبادرات والمساعي لحل المشكلة السياسية بالولاية، إلاّ أنه وبعد هذه الفترة الطويلة من تاريخ تعييني في الموقع وغياب الرؤية الواضحة لحل الازمة قررت تحمل مسؤوليتي والاستجابة لرغبة اهل الولاية في التغيير. وهذا التغيير لن يكون خصم او لمصلحة جهة سياسية أو اجتماعية وإنما هو تغيير لتحقيق طموحات الجماهير في العيش الكريم وتصحيح مسار الخدمة المدنية.
رابعا: ظللت اتابع بكل الم التقارير التي ترد لي يوميا من المؤسسات الحكومية والتي توضح التردي المريع في كل مناحى الخدمات المسؤولة عن تقديمها الحكومة، وقد بذلت مافي وسعي للتواصل مع مؤسسات الحكومة المركزية المختصة للوصول الى حلول وإنصاف اهل الولاية إلا أن الإستجابة كانت ضعيفة للغاية، وكان من المتوقع والمأمول ان تجد الولاية رعاية خاصة من الحكومة المركزية بإعتبار الظروف المعروفة التي تعيشها.
خامسا: تسلسل الأحداث والوقائع على الأرض منذ مايو ٢٠١٩ وحتى اليوم يثبت ان ازمة ولاية كسلا السياسية ذات صلة وثيقة بباقي ولايات الشرق وبالبحر الاحمر تحديداً، واي حلول للمشكلة بالتالي حسب اعتقادنا لابد ان تتم ضمن طاولة حوار تعالج فيها مشكلات الشرق مجتمعة، ونعتقد ان اي قرارات تُتخذ من المركز حول كسلا دون استصحاب الحل الشامل لمشكلة الإقليم ستؤثر سلباً على الولايات الشرقية الاخرى او ربما حتى الى خارجها.
سادسا: إنطلاقاً من الرؤية اعلاه ابلغت القيادة السياسية والتنفيذية العليا بالمركز منذ فترة طويلة انني اوافق على اي مخرج يُطرح ضمن حزمة الحل لمشاكل الإقليم، على ان يتم ذلك في اجواء من الحوار والإحترام بين كل المكونات السياسية والإجتماعية والاعتذار عن الخطاب العنصري المقيت الذي تزعمته شخصيات معلومة.
سابعا: إتفقت معي قيادات عليا في الدولة ضمن نقاش مطول ان العلاج للمشكلة السياسية لايتعلق بوجود شخص او رحيله وإنما ازمة الولاية هى نتاج وضع عام خاطيء سادت فيه اجواء العنف والخطاب العنصري وغابت فيه روح الحكمة وان الحل لن يأتي الا بالحوار الشامل والذي سيُفضي إلى ترتيبات جديدة لإدارة اقليم الشرق بأكمله.
ثامنا: أستنادا على هذا التحليل والخلاصات للوضع، نحن في إنتظار مبادرة جديدة وشاملة للحوار بين مكونات الشرق المختلفة، وقد تاخرت هذه المبادرة كثيراً. وننتظر الدعوة إليها من طرف السيد رئيس الوزراء وبرعاية مجلس السيادة والمشاركة الفاعلة من تحالف (الحرية والتغيير) و (لجان المقاومة).
تاسعا: أجدد دعوتي لكل أطراف الصراع في شرق السودان للاحتكام لصوت العقل والحوار، وتجنيب الإقليم شرور الصراعات. وكما أسلفت فقد بعثت شخصيا برسائل متتالية للأطراف التي تتبنى الخطاب العنصري والقبلي أنني وكل التيار السياسي الذي انتمي إليه على استعداد لكل الحلول كما يطالبون، ولكن ذلك لن يتم تحت أجواء العنف والإرهاب وإنما كنتاج لحوار سياسي واجتماعي يفضي إلى المصالحة والاعتراف المتبادل بين كل الأطراف.
عاشرا: ادعو الشباب والشابات في ولاية كسلا وكل شرق السودان للالتفاف حول ثورتهم التي تتعرض لخطر عظيم. وأناشد الأحزاب السياسية والتجمعات المهنية في كسلا والشرق إلى الارتقاء لمستوى التحدي والقراءة الأعمق للمشهد الذي يعده البعض من خلف الكواليس للعودة لمحطة ما قبل الثورة ولن ينفع الندم حينها، وكما ان الردة إلى خندق القبيلة وبناء المواقف تحت تأثير الانتماءات والتصنيفات الاجتماعية سيعقد المشهد وسيهوي بنا جميعا إلى قاع الشمولية والحروب العبثية.
صالح عمار