بقلم : علاء الدين فهمى
بحسب الافادات للمؤسسات المالية والنقدية ان ما يربو على 90% من (البنكنوت) يتداول خارج النظام المصرفى مما يعنى ان ولاية وزارة المالية على المال العام غير مكتملة..وبالتأكيد فى ظل هذا الوضع لا تستطيع وزارة المالية وضع خطط ناجعة وناجحة..فأذا ارادت وزارة المالية مثلا
كبح جماح التضخم الجامح فإن عليها تحجيم السيولة النقدية وخفض حجم الكتلة النقدية(البنكنوت) وخفض عرض النقود وذلك عبر مصفوفة اجراءات..منها رفع سعر الفائدة البنكية على القروض وزيادة المظلة الضريبية وتفعيل اليات تحصيل الرسوم الحكومية والحد من الانفاق الحكومى..وبما ان السودان اصبح دولة مستهلكة ضعيفة الانتاج..وان جل السلع الاستهلاكية(ذات الطلب غير المرن) يتم استيرادها من الخارج..لذى وجب تقنين الاستيراد لتقليص استيراد السلع الهامشية(ذا الطلب المرن) عبر سياسة سد الفجوة..والتركيز فقط على سلع الاستهلاك الغذائى والدوائى ومدخلات الانتاج..كل هذة المصفوفة الغرض منها كبح جماح التضخم الجامح..عبر امتصاص السيولة من السوق..هذا التضخم الذى شارف سقفه 150%..فكيف لوزارة المالية القدرة على انجاح اى سياسات انكماشية..واكثر من 90% من الكتلة النقدية هى خارج النظام المصرفى…وخارج الدورة الاقتصادية لخطط الدولة الاجابة ببساطة..ان غالبية سياسات وزارة المالية للاسف الشديد سوف يصيبها الفشل.
فلا مناص من ان تمارس وزارة المالية سياسات من شأنها اعادة الكتلة النقدية الى داخل الدورة المصرفية.
فكيف يتم ذلك فى ظل وجود مبالغ ضخمة للغاية من الاموال القذرة والسوداء..المنهوبة والمجنبة من اموال الدولة واموال غسيل الاموال..واموال منسوبى النظام البائد التى نهبوها من الشعب السودانى..بدون عمل يمين ولا عرق جبين..كما توجد بالاضافة لكل ذلك اموال المضاربين فى الدولار والذهب والسلع الاساسية..كما توجد كميات كبيرة من العملة المزورة..سواء تم تزويرها داخل السودان او خارج السودان..كل ما تم ذكرة هى موانع قوية تجعل من المستحيل على اصحاب هذة الاموال(البنكنوت) ادخالها فى الدورة المصرفية للبنوك..ولذلك وفى تقديرى المتواضع اذا ارادت وزارة المالية وبنك السودان ان يقوما بضربة البداية للاصلاح المالى والنقدى..يجب ان يتم اصدار قرار بتغيير العملة الوطنية وفورا.
ولعل من اهم ايجابيات تغيير العملة ما يلى:-
1-وضع بنك السودان و وزارة المالية يدهما على الكتلة النقدية بصورة كاملة سوف يمكنهما من وضع الخطط والبرامج المالية والنقدية..بتحكمهم فى عملية عرض النقود وربطها بالبرامج الاقتصادية الموضوعة.
2-تحديد مصادر الاموال الضخمة..اذ اصبحت بعض الجهات تمتلك ترليونات الجنيهات (بالقديم) من الاموال القذرة والسوداء..وهنا يجب طرح سؤال عند توريدها للبنك للتغيير..من اين لك هذا؟.
3-وضع يد بنك السودان على مجمل الكتلة النقدية عبر البنوك التجارية يمكن القطاع المصرفى من اداء وظيفتة الائتمانية.
فمن المعروف ان هناك نوعان من الائتمان.
أ-ائتمان تجارى..وهى عملية بيع السلع والخدمات بالاجل بقبول البائع للشيكات المصرفية الاجلة..مستحقة الدفع بعد فترة زمنية معينة..وللاسف فان هذا النوع من الائتمان شبة متوقف و اسباب توقفه :
اولا:لان الالتزام والمصداقية فى سداد المديونية بتغطية الشيك اصبحت شبة معدومة.
ثانيا:ان عملية التضخم الجامح جعلت البائعين يتوقفوا عن البيع بالاجل لان التضخم وانخفاض القدرة الشرائية للجنية..سوف يأكل جزء من مبلغ المديونية عندما يحل موعد السداد..مما يعرض البائع لخسارة تجارية.
ب-ائتمان بنكى..وهى القروض التى يقترضها عملاء البنك نظير نسبة فائدة معينة..فأذا كان اكثر من 90% من البنكنوت خارج البنك..فكيف يستطيع البنك تمويل عملائة..كما ان البنك التجارى يتضرر تماما من ضعف توريد البنكنوت الية..لأنه لا يستطيع ان يقوم بوظيفته الاساسية وهى عملية خلق النقود الائتمانية..والتى يلزمها توفر البنكنوت فى خزينة البنك التجارى..بعد خصم الاحتياطى القانونى..ان ضعف عملية خلق النقود والتى يضاعف فيها البنك حجم عرضه للنقود بثلاثة او اربع امثال ارصدته النقدية..سوف تؤدى الى ضعف قدرات البنك التمويلية..ولاشك ان ضعف التمويل سوف يضعف الاستثمار والانتاج..وتكون المحصلة النهائية ضعف القدرة على توسيع عرض السلع والخدمات..الذى يؤدى بدوره لزيادة نسبة التضخم الجامح وزيادة اسعار السلع والخدمات..ان اهم سلاح لمحاربة التضخم هو التوسع فى عرض السلع والخدمات..هذا السلاح الذى فقدناه بسبب وجود معظم الكتلة النقدية خارج الجهاز المصرفى.
4-ان تغيير العملة سوف يعيد الاموال المنهوبة من المصارف وذلك بسداد التمويلات التى لم تسدد للمصارف
5-وقف المضاربة غير القانونية فى الدولار ووقف منسوبى النظام البائد من شراء الدولار وتهريبه للخارج..هذا الدولار الذى يتم شرائه من ترليونات الجنيهات (بالقديم) التى نهبها اهل الانقاذ من اموال الشعب السودانى..ان توقف هذه المضاربات بعد تغيير العملة سيؤثر مباشرة على انخفاض سعر الدولار (ارتفاع القوة الشرائية للجنية) بصورة كبيرة..الذى سيؤدى بدوره لخفض اسعار السلع والخدمات المستوردة..فيخفف ذلك من الضائقة المعيشية على المواطن.
6-وقف المضاربين فى الذهب..بسحب الاموال النقدية من ايديهم عند تغيير العملة..بحيث تكون بعد ذلك كل الصفقات عبر الشيكات المعتمدة من البنوك..مما يسهل تتبع المتلاعبين فى حالة الاخلال بقواعد الشراء والتصدير..ولن نرى حينها..من يشترى الذهب من سوق الخرطوم بأعلى من سعره فى البورصة العالمية (هذا السلوك قصد منه ايقاف عجلة صادر الذهب بالنسبة للمصدريين الحقيقيين).
7-وضع يد الدولة على اموال التجنيب فى المؤسسات الحكومية..وعملية التجنيب هى وضع ايرادات حكومية فى حسابات خارج حساب ايرادات وزارة المالية..وبذلك تخرج الاموال من الموازنة العامة كأيرادات..لتأخذ طريقها الى حسابات اخرى..يتحكم فيها منسوبى النظام السابق دون رقيب ولا حسيب..ويتم بعد ذلك استخدام هذة المبالغ الترليونية (بالقديم) فى جميع المضاربات غير المشروعة.
8-الكشف عن العملات المزورة داخل الكتلة النقدية..سواء تم هذا التزوير داخل البلاد او خارج البلاد..وذلك بتزويد البنوك بأجهزة كشف التزوير عند استلام البنكنوت اثناء ايام تغيير العملة.
9-وقف العمليات التخريبية للثورة المضادة بأستخدامها للاموال الطائلة التى بحوزتها ..هذة الاموال التى يتم دفعها لضعاف النفوس لتخريب الاقتصاد.
10-توريد المبالغ الكبيرة الترليونية (بالقديم) يمكن ادارة الضرائب والجمارك والزكاة واى رسوم حكومية اخرى..من تحصيل المبالغ المستحقة من المتهربين ضريبيا..بعد اكتمال فترة التغيير..وبعد تقديم الجهات ذات الصلة..مستنداتها التى تثبت التهرب الضريبى..مما يوفر مبالغ كبيرة من موارد حقيقية تسد عجز موازنة 2020 المختلة..وتخفف من الاستدانة من الجهاز المصرفى..عبر طباعة العملة..التى تزيد من نسبة التضخم الجامح.
11-وقف المضاربين من ازلام النظام الساقط والاجانب..من شراء المحاصيل النقدية التى يتم تصديرها..مثل الصمغ العربى والسمسم والفول السودانى ودوار الشمس والكركدى وحب البطيخ..كل هذة المحاصيل يتم شرائها وتصديرها عبر الوراقة..ولا يتم توريد حصائل صادرها الى بنك السودان..ويكون الاقتصاد السودانى قد خسر ثلاثة مرات..تم اغراق السوق بالبنكنوت الذى يرفع من التضخم..من اموال غير معروف هل هى صحيحة ام مزورة..وتم تصدير كل محاصيلنا للخارج مما يرفع سعرها بالسوق الداخلى على المواطنين..والثالثة..عدم ارجاع حصائل الصادر التى ننتظرها لمحاربة الزيادة فى اسعار الدولار (انخفاض قيمة الجنية) كل تلك السلبيات يمكن تداركها بأدخال الكتلة النقدية داخل الجهاز المصرفى عبر تغيير العملة.
12-كما قال منسوب النظام البائد..الفاتح عزالدين..انهم كانوا يطبعوا العملة رب رب رب..هذة الطباعة غير المسئولة للعملة اوجدت كتلة ضخمة من البنكنوت دون غطاء انتاجى ودون مقدرة فى التوسع فى عرض السلع والخدمات لمواجهة الزيادة فى الطلب التى احدثها ضخ هذة الكتلة النقدية الضخمة..مما كانت نتيجتة الحتمية زيادة نسبة التضخم الجامح..لان التضخم شديد الحساسية لزيادة عرض النقود(مع ثبات عرض السلع والخدمات) مما ادى لارتفاع نسبته حتى شارفت نسبته 150% وانخفاض القدرة الشرائية للجنيه لتصل سقف 250 جنيه امام الدولار.
فى تقديرى المتواضع ان ما تم تناوله يعتبر مجموعة من الاسباب الهامة لاتخاذ قرار بتغيير العملة الوطنية..نستصحب معها بعض الجوانب الاخرى..مثل التسائل..متى تغير الدول عملتها..وما هو الحجم الامثل لتنقيد الاقتصاد (ضخ البنكنوت)..واليات تغيير العملة..حتى تحقق افضل النتائج المرجوة.
متى تغير الدول عملتها؟
1-تغير العملة..عند انفلات التضخم الجامح(فى ظل التضخم الجامح يزداد النشاط الطفيلى فى الاقتصاد مثل تجارة العملة والمضاربة فى السلع الاساسية وحديثا تجارة المخدرات) فيتم تغيير العملة لسحب البنكنوت من ايادى اصحاب الاقتصاد الطفيلى.
2-فى حالة الثورات او الانقلابات العسكرية..لوضع يد النظام الجديد على اموال منسوبى النظام الساقط..التى غالبا يحتفظ بها..اما خارج البلاد او داخل البلاد فى صورة بنكنوت.
3-انتشار الفساد المالى ورواج سوق الاموال السوداء (غسيل اموال..تجارة سلاح..تجارة مخدرات).
4 -انتشار تزوير العملة على نطاق واسع.
5-افلاس الدولة وعدم قدرتها على سداد التزاماتها (المانيا بعد الحرب العالمية الثانية انهار المارك الالمانى واصبح لا قيمة له..وكان يفضل المقايضة بالسجائر بدلا من المارك).
ماهى كمية النقد المناسبة للاقتصاد (تنقيد الاقتصاد)؟
ليس هناك اتفاق عام على حجم تنقيد الاقتصاد..وهناك دول تقدر كمية البنكنوت المناسب بحوالي 10% من G.D.P(الناتج المحلى الاجمالى).
و هنا اتقدم ببعض المقترحات التي تعظم الفائدة من تغير العملة :
١/بالنسبة لاعلى فئة للعملة الجديدة لا يجب ان تتعدى فئة ال 100 جنيه..لان قيمة تزوير ال 100 جنيه اعلى من القيمة الشرائية لها..وبذلك نقفل باب التزوير تماما.
٢/اذا لم تتوفر ميزانية لطباعة العملة الان..فالنبدأ بسحب العملة من فئة ال 500 وال 200 جنيه..و تصبحا غير مبرئات للذمة..وتنشيط عملية الشمول المالى عبر بطاقات الصراف الآلي..والشراء بتحويل الموبايل (بدون رسوم) وتوسيع المظلة المصرفية.
٣/وقف اي اجراء ناقل للملكية..سواء فى الاراضى او السيارات او الاسهم والسندات او اى اجراء اخر..لحين اكمال عملية تغيير العملة.
بالنسبة للتخوف من توجة اصحاب الاموال القذرة لشراء الدولار..نعم سيحدث ذلك ولكن كل كمية الددولار المعروضة فى سوق الخرطوم اليومية لا تتعدى عشرة مليون دولار يوميا..على افضل تغيير..هذة الكمية لا تكفى لتحويل 5% من السيولة المتوفرة لديهم..ومع ذلك نقترح ان تكون فترة تغيير العملة اسبوعين فقط.
فى تقديرى المتواضع ان عملية تغيير العملة الوطنية..وان كانت ضربة البداية الصحيحة لوضع الاقتصاد النقدى فى مساره الصحيح..ولكنها يجب ان تنفذ عبر حزمة اقتصادية متكاملة حتى تأتى بأفضل النتائج..هذة الحزمة لبرنامج اسعافى مدته 18 شهرا..تتم فيه اصلاحات جزرية فى ملفات محددة منها..ملف انتاج وصادر الذهب..ملف التصدير عبر الوراقة..ملف حوافز المغتربين..ملف شركات الاتصالات..ملف الشركات الرمادية..ملف الاجانب بالسودان وتحويلاتهم الدولارية لبلدانهم..ملف معوقات صادر اللحوم..ملف رسوم عبور بترول جنوب السودان.. ملف رسوم عبور الطائرات عبر الأجواء السودانية..
ان تغيير العملة يجب ان يتزامن مع الاصلاحات ووضع رؤية محددة لهذة الملفات..لازلت اكرر انة لا اصلاح اقتصادى قبل تغيير العملة الوطنية..هذا القرار الذى تأخر كثيرا..وكنا نتوقع اتخاذه بمجرد تولى حكومة حمدوك..لمقاليد السلطة فى البلاد..ولكن ان تأتى متأخرا خير من الا تأتى على الاطلاق.
اقتراح اخير.
يجب تكوين لجنة عليا لتغيير العملة..يمثل فيها كل من..بنك السودان المركزى..وزارة المالية..وزارة الداخلية..الامن الاقتصادى..الضرائب..الجمارك..الزكاة..اتحاد المصارف..الهيئة القضائية..النيابة العامة..لجنة إزالة التمكين
نسأل اللة التوفيق والسداد لوطننا العزيز.
علاء الدين فهمى_خبيراقتصادي
داء الكوليرا يهدد قرى البزعة شمال شرق ام روابة ووفاة طفلين خلال (24) ساعة
متابعة : محمد أحمد الدويخ انعدام الأدوية والرعاية الطبية وأتيام التوعية أبرز النواقص للحد من انتشار المرض.. الأطفال وكبار...
Read more