القاهرة : ترياق نيوز
كشف علماء عن أسرار “الحرب العالمية الأولى الحقيقية”، وهي سلسلة من الصراعات التي اندلعت في معظم أنحاء أوروبا والبحر الأبيض المتوسط وشمال إفريقيا والشرق الأوسط منذ نحو 32 قرنا.
وتوضح الأبحاث الجديدة التي نشرت يوم الاثنين كيف قاتل جيشان كبيران من جزأين مختلفين من أوروبا حتى الموت في معركة كبرى جنوب بحر البلطيق مباشرة.
ويبدو أن الجيشين وصلا من مسافة 400 ميل على الأقل، جيش جنوبي من بافاريا (أو ما يعرف الآن بجمهورية التشيك)، وجيش شمالي من ما يعرف الآن بشمال شرق ألمانيا.
لكن المعركة، التي شارك فيها ما يصل إلى 2000 محارب، يبدو أنها كانت جزءا من سلسلة من الصراعات والأزمات التي تسببت في الفوضى عبر مساحة كبيرة من العالم من الدول الاسكندنافية إلى الصحراء الكبرى ومن أوروبا الغربية إلى ما يعرف الآن بالعراق.
ودارت المعركة، جنوب بحر البلطيق مباشرة، في وادي نهر تولنس في عام 1250 قبل الميلاد.
وقد كانت تلك الفترة تتميز بعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي الهائل، والتي شهدت سقوط أول حضارة يونانية عظيمة، المينوسية، منذ نحو عام 1230 قبل الميلاد، وانهيار إمبراطورية الحثيين في الشرق الأوسط في تسعينيات القرن الثاني عشر قبل الميلاد، وإضعاف مصر القديمة منذ نحو عام 1180 قبل الميلاد، وانحدار بابل بحلول عام 1155 قبل الميلاد.
كما شهدت الانهيار النهائي لحضارة وادي السند في القرن الثالث عشر قبل الميلاد، وانحدار المراكز السياسية الرئيسية في رومانيا والمجر وشمال صربيا في القرن الثاني عشر، وبناء الأسوار الدفاعية في القرن الثالث عشر قبل الميلاد (أي الأدلة المحتملة على الصراع) في بافاريا والنمسا وبوهيميا، وحتى أقصى الغرب مثل أيرلندا.
وفي نفس الوقت تقريبا، كان هناك اضطراب اقتصادي واجتماعي كبير في شمال شرق الصين وارتفاع واضح في تصوير العنف العسكري في الدول الاسكندنافية.
وقام علماء الآثار بتحليل رؤوس سهام برونزية وصوانية تعود للقرن الثالث عشر قبل الميلاد من وادي تولنس، وكشفوا عن أقدم دليل على الصراع الإقليمي الواسع النطاق في أوروبا. ويُعرف وادي تولنس في مكلنبورغ-بوميرانيا الغربية بأنه موقع صراع كبير يعود تاريخه إلى نحو عام 1250 قبل الميلاد.
وتشير كمية البقايا البشرية التي عثر عليها (أكثر من 150 فردا) إلى أن أكثر من 2000 شخص شاركوا في المعركة، وهو عدد غير مسبوق في العصر البرونزي الشمالي.
وتم اقتراح الموقع لأول مرة باعتباره ساحة معركة في العصور القديمة في عام 2011، وغالبا ما يشار إليه في الوقت الحاضر باسم “أقدم ساحة معركة معروفة في أوروبا”.
ومع ذلك، لا يعرف سوى القليل جدا عن الأشخاص الذين قاتلوا وماتوا في تولنس منذ أكثر من 3000 عام. من شارك في المعركة، ومن أين أتوا؟ للإجابة على هذه الأسئلة، قام فريق من الباحثين من عدة مؤسسات ألمانية بمقارنة رؤوس الأسهم البرونزية والصوانية التي عُثر عليها في الوادي بأكثر من 4 آلاف نموذج معاصر من مختلف أنحاء أوروبا.
وتعد غالبية رؤوس الأسهم من الأنواع التي توجد أحيانا في مكلنبورغ فوربومرن، ما يشير إلى أن معظم الأشخاص الذين قاتلوا في تولنس كانوا محليين نسبيا. ومع ذلك، فإن الأنواع الأخرى مثل رؤوس الأسهم ذات القواعد المستقيمة، أو ذات الشوكات الأحادية الجانب، أو ذات المقبض المدبب بدلا من المقبس معروفة بشكل أفضل من منطقة إلى الجنوب تشمل بافاريا ومورافيا الحديثتين.
ولم يتم العثور على هذه الأنواع من رؤوس الأسهم في المدافن من منطقة تولنس، ما يشير إلى أن السكان المحليين لم يحصلوا ببساطة على رؤوس الأسهم من خلال التجارة مع الجنوب واستخدامها في المعركة بأنفسهم.
ويشير هذا إلى أن بعض الأشخاص الذين قاتلوا في تولنس لم يكونوا من المنطقة، ما يعني أن المحاربين الجنوبيين، أو ربما حتى جيش جنوبي، كانوا متورطين في الصراع.
وفي العديد من المواقع المعاصرة في جنوب ألمانيا، تم العثور على كميات كبيرة من رؤوس الأسهم البرونزية أيضا، ما يشير إلى أن القرن الثالث عشر قبل الميلاد كان فترة من عصور ما قبل التاريخ الأوروبية التي شهدت زيادة إجمالية في الصراع المسلح. ومن المهم أن هذا هو أيضا أقدم مثال على الصراع بين المناطق في أوروبا، ما يعني أن هذه الفترة تتوافق مع زيادة نطاق العنف المنظم.