الخرطوم . ترياق نيوز . قصة خبرية يرويها _ عبدالباقي جبارة
من عجائب المكونات السياسية السودانية منذ الاستقلال وحتى يومنا هذا يرتدون ثوب الحق وهم عرايا لانهم للباطق اقرب . الهم الوطني ، الديمقراطية ، الحريات ، حقوق الانسان ، دولة المواطن ، الوحدة الوطنية ، التنمية ، رفاهية الشعب ، استقلال القضاء ، وحدة الصف الوطني وتجسيد الارادة الوطنية لوطن حر ديمقراطي يملك زمام امره .. وغيرها من قيم الخير والفضبلة انها شعارات تكتب وقد ترددها الحناجر بل تكتب بها المواثيق .. ولكنها جميعها تسقط وتصبح تحت رحمة نزوة الافراد وتستخدم فقط كمطية لاشباع نهم السلطة والمال ..
لكن هذا السقوط تدرج بعد ان كان سقوط بشرف حيث كانت تحبظ المشاريع الوطنية بمؤامرات على مستوى كيانات معروفة ولها قيمة على المستوى المحلي والدولي .. تدحرجت حتى وصلت ” سوق التشاشة ” ” التشاشي هو تاجر متجول ببضائع زهيدة الثمن لا يملك رخصة او مكان يستقر فيه ” هكذا انحدر نستوى الذين يدافعون عن القيم والمبادئ سالفة الذكر .
لفت نظرنا التنابز بالالقاب للكيانات ضد بعضها البعض باوصاف تقزيمية وهي في اعلى قمة إدارة شئون البلاد وفي مراحل مختلفة .. حقيقة قد تكون النمازج كثيرة وايضا الامثلة لكن هنا يحضرني الرقم ” ٤ ” الذي زج به في هذه الصراعات ولا ادعي احصائية دقيقة لرصده ولاحتى تاريخيا متى استخدم ، لكنني آثرت ان يكون هذه القصة الخبرية فاتحة خير للمهتمين بتدوين تاريخنا المجيد فيه وغير المجيد ..
اول مرة اسمع باستخدام الرقم ” ٤ ” كان عند الخلاف الذي نشب في الحزب الاتحادي المسجل عقب انتخابات ٢٠١٥م التي اقامها النظام البائد وكان لزاما ان يعقبها تشكيل حكومي ، حيث قرر المكتب القيادي في الاتحادي المسجل ابعاد اشراقة سيد محمود بعد استوزار ” ١٣ ” عام ، فشنت حرب شعواء على كل من ايد هذا القرار وكان هجومها في الاعلام على ما اسمتهم شلة لندن وهم اربعة جلال الدقير ، احمد بلال ، حسن هلال والسماني الوسيلة .. فاصبح الصراع صراع افراد حتى قاد الى انشقاق ..
اما النموذج الثاني هو الذي ادى لتقويض حكومة الحرية والتغيير حيث الذين شجعوا المؤسسة العسكرية بقيادة البرهان للانقلاب على السلطة في ٢٥ اكتوبر الماضي يوصفوا بمجموعة الاربعة هم التوم هجو ، جبريل ابراهيم ، مني اركو مناوي ومبارك اردول والذين بدورهم وصفوا ممثلي الحرية والتغيير ب ” اربعة طويلة ” وإن سموها ككيانات هي حزب الامة القومي ، المؤتمر المؤتمر السوداني ، التجمع الاتحادي والبعث العربي . ويقصدون بذلك التقليل من حجمهم وعدم اهميتهم بالنسبة لادارة الدولة .
ولم يقف الرقم اربعة عند هؤلاء فقط حيث تمدد الى واحد من اعرق الاحزاب واكبرها الا وهو حزب الامة القومي الذي بعد رحيل رئيسه التاريخي الامام الصادق المهدي تاهت رئاسته تحت مسمى المجلس الرئاسي وإن كان سمى اللواء معاش فضل الله برمة ناصر رئيسا مكلفا .. الا انه بعد ميله للانقلاب اي رئيس الحزب وظهور ابن الامام اللواء عبدالرحمن مؤيدا للمؤسسة العسكرية في خطواتها وكذلك الفريق صديق اطلق عليه حزب الجنرالات الاربعة . وهم اللواء م فضل الله برمة ناصر . الفريق شرطة صديق اسماعيل ، واللواء . عبدالرحمن الصادق المهدي وضابط جهاز الامن بشرى الصادق المهدي وإن كان الاخرين ليس لهم دور ظاهر في الحزب ، لكن الواقع حزب الامة حزب طائفي بامتياز وإن كانت القوة الشبابية سعت لحل هذه العقدة بشتى السبل .
على اي ما يهمنا الرقم اربعة وبالتاكيد لا نعتقد بان سر مقدس او فيه علم الباطن بقدر ما راينا انه مدخل للتعبير عن الانحدار الكبير واضمحلال القوى والوطنية الحية التي يمكن ان تدير البلاد . فانكشف هوانها .. والصراع الذي يدور الان هو صراع اجيال بامتياز .. حيث الحلقة الجهنمية التي ظلت تتبادل الادوار في الحكم منذ الاستقلال بغض النظر عن شكل الحكم وماهيته عسكري كان او مدني ، بان الاجيال الجديدة مصرة على تجاوزهم جميعا او على الاقل كسر هذه الحلقة الشريرة .. ووقود هذا التغيير هو ” الجيل الراكب راس والجيل البعد الجيل الراكب راس .. ورغم عدم توازن القوة ظاهرية .. لكن يبدو بان الجيل الراكب راس هنالك قوة خارج ادراك البشر تسانده ولذلك سينتصر وهي مسالة ليس الا .. فالعقلاء فقط دورهم بنحصر في تقليل التكلفة والخسائر ..