الخرطوم .لندن _ ترياق نيوز
نعى زعيم الحزب الاتحادي الديمقراطي من مقر منفاه الاختياري الدكتور جلال يوسف الدقير نعى القطب الاتحادي ابراهيم احمد عبدالكريم ” ابوقرجة ” الذي لبى نداء ربه امس الاول بولاية الجزيرة .. حيث يعد الفقيد من الرعيل الاول من جيل الاتحاديين المعتقين الذين عاصروا شهيد المنافي الشريف حسين الهندي ومن بعده الشريف زين العابدين الهندي .. لهم الرحمة والمغفرة من الله جميعا ..
في ما يلي نص نعي الدكتور جلال الدقير
بِسْم الله الرحمن الرحيم
قال الله تعالى:
وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ(155) البقرة
إنه الموت يعاود فينا بأمر ربه عادته المرة بعد المرة و يفعل بِنَا فعله المؤلم الكرة بعد الكرة لا يتخلف أبداً عن عادته فهو مأمور مأمور و نحن بإذن الله لن نتخلف عن الصبر عند الإبتلاء و لا عن الحمد عند الضراء فلك الحمد يا رب على ما أعطيتنا و أوليتنا من نعم عظيمة جسيمة ولَك الحمد كذلك على إبتلاءاتك لنا بالخوف و الجوع و النقص في الأموال و الأنفس و الثمرات.. و لك الحمد إذ تُغَيَّب عنا رجلاً أحببناه و ألفناه فوجدناه وفياً ولوفاً
رجلاً عجمته المحكات الوطنية فكان قوياً و جمّرته القضايا الكبرى بنار المبادئ فعهدناه فيها نقياً صافياً ..
غيّب الموت عن دنيانا الحبيب اللبيب القريب الى الروح و العقل و القلب معاً إبراهيم أحمد عبد الكريم (أبو قرجة) الذي كان عنواناً ساطعاً للحيوية الدافقة التي تملأ الأركان و الأنحاء و الفضاء و تعم كل بيئاته بالحيوية و التفاعل كأنه لا يألف الهدؤ و السكون و كأنه لا يحتمل الخمود و الهمود كان كتلةً من النشاط الدائم و طاقةً من الحركة الدائبة لم يؤثر في حركته العجز الجزئي قيد شعرة بل كان في المهام الوطنية يسابق الأصحاء النشطاء و هذه من أخص خصائص ذوي الهمة العالية ..
كان شحنةً من المرح و اللطف و الظرف و النكتة و سرعة البديهة و التصالح مع النفس و الآخرين شحنةً واسعة الطيف آسرة تسري في كل من حوله فتبث فيهم روحاً إيجابية تبعثرجيوش الهموم و الغموم و سحب النكد و ضيق الصدر و ما أكثرها في زماننا هذا و ما أمس حاجتنا له و لأمثاله من صُنَّاع الفرح و التفاؤل…
إلتحق فقيدنا الراحل بالحزب الإتحادي الديمقراطي و هو في بواكير عمره صبياً لم يبلغ أوان حلمه عاصر رواد الحزب و الديمقراطية فيما بعد أكتوبر و سعى بين أيديهم سعي المتلقي فتنفس أنسامهم و تضلّع مما يبثونه من قيم و مبادئ فغرف من معينهم و غرف..
لكنه إلتصق حميماً بليث الخيسِ و بدر النادِ و أيقونة الأحرار الهندي الحسين فكان احد رجالاته الأثيرين و كان شفرةً من شفراته الكثيرة و طلسماً من طلاسمه المعقودة التي كان يبثها و ينشرها في الأنحاء تمريراً لخططه و إرباكاً لخصمه كان فقيدنا فاعلاً جداً إبان حقبة العمل السري المايوية في التواصل البيني و إيصال رسائل الحزب الى المحازبين المنتشرين (بترهل) في الحواضر و البوادي و الأصقاع البعيدة النائية و رسائل الحزب من منشورات و صحف و مجلات التي كان يحملها حينها هو و رفاق و أنداد له كانت خطيرة خطيرة يتحاشاها الرجال الرجال لأنها كانت مفضية إلى غيبات الجُب و غياهب السجون و إلى ما هو أبعد من ذلك و أقسى كانوا حقيقةً يحملون أرواحهم على أكفهم.. كانوا فتيةً آمنو بربهم و بوطنهم و بمبادئهم فزادهم الله هدى …
كان من الذين يجيدون بمهارة مزج الجد بمسحة من هزل و هي ملكة و سمة يتصف بها أهل الثبات في تحمل المسؤوليات كأنهم لا يأبهون بالصعوبات و المشقات…
رافقنا الراحل الحبيب في مسعانا الوطني الكبير الذي تسمّى بإسم (مبادرة الحوار الوطني الشعبي الشامل) فكان أحد عرّابيها و أبرز المتحمسين لها و المنافحين عنها بإقتدار و جسارة باذلاً كل الجهد و الوقت في سبيل ما آمن به من أهدافها و غاياتها …
كان دائماً يقدم همه الوطني ثم الحزبي على همه الشخصي و الأُسَري بلا من أو أَذًى و بلا كلل أو ملل رغم الضيق الحال و صعوبة العيش و ضغوطات الحياة …
كان سمحاً حلواً هاشاً باشاً كان خفيف الظل و الروح كان حنوناً وفياً قريب الدمعة متفقداً لرفقائه و أحبابه. ابو قرجة كما كان يحلو لنا ان نناديه كان قيمة انسانية رفيعه و ما رايت الوفاء يمشى على رجلين بمثلما كان. وفياً لحزبه وفياً لوطنه و فياً لرفاق دربه و ممن اتخذهم قيادته واسلمهم ريادته. لم ينقض وعداً و لم ينكث عهداً و كان دايما عند الموعد حين يحتدم الامر ويدلهم. رحل عنا و لم نرتوي منه و غادرنا و لم نشبع من إطلالته المبهجة المفرحة.. رحل عنا مخلفاً في غرارة نفوسنا كل جميل لطيف بهج مما جعل حزننا عليه يملأ كل جنبات النفس و يستقر في سويداء القلب إنه طعم المصاب و المصيبة و حقاً إن فقده لمصيبة لكننا من قوم إذا حلت بهم المصائب فزعوا إلى الركن الشديد جل في علاه و قالوا إنَّا لله و إنَّا إليه راجعون
اللهم إنه عبدك و إبن عبدك إبن أمتك كان يعبدك لا يشرك بك و هو نازل بساحتك من غير حول منه ولا طول و أنت خير منزول به و أنت أكرم الأكرمين و جار المستجيرين و أمان الخائفين اللهم أمنه و أجره و أكرمه و أنزله الغرف العليّة و حفه بالتحف السنية و اجعله من أهل المعية معية نبيك الأعز الاكرم و أوليائك الشهود الكمل
اللهم أنزل صبرك الأتم و سلوانك الأعم على خاصة أسرته و عامة أهله و عشيرته و كافة أحبابه و رفاق دربه و اشقاءه فى الحزب فى جميع انحاء السودان و ولاياته. اللهم لا تحرمنا جميعاً أجره و لا تفتنا بعده و أكرمنا جميعاً إذا صرنا الى ما صار إليه
و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم.
جلال الدقير