حول العالم

خبير: المخاوف الداخلية دفعت الصومال لقبول التموضع الإثيوبي مجددا باراضيها

متابعات : ترياق نيوز

عقد وزير الدفاع الإثيوبي ووزير الدولة بالخارجية مباحثات رسمية في العاصمة الصومالية مقديشو مع عدد من المسؤولين الصوماليين، لبحث آليات تنفيذ اتفاقية أنقرة الموقعة بين البلدين في ديسمبر الماضي. وتضمنت المباحثات إقرار الصومال بعودة البعثة الإثيوبية للمشاركة ضمن القوات الأفريقية التابعة للاتحاد الأفريقي، بعد أن رفضت مقديشو ذلك لمدة عام كامل.

وتعد اتفاقية أنقرة الضامن الأساسي لاستعادة العلاقات بين الصومال وإثيوبيا، رغم التحديات والمشاحنات التي شهدتها علاقاتهما على مدار السنوات الماضية.

وفي هذا السياق، أجرى موقع “أفريقيا برس” مقابلة مع الخبير في الشؤون الأفريقية عبد القادر كاوير، لمناقشة أبعاد هذه التطورات، ودلالات عودة الصومال إلى البيت الأفريقي، وقبولها بمشاركة إثيوبيا ضمن القوة الأفريقية.

كيف تنظر إلى هذه المفاوضات وما الجدوى منها؟

تمثل المفاوضات بين الصومال وإثيوبيا خطوةً نحو تنفيذ اتفاقية أنقرة، كما تمهد لعودة أديس أبابا إلى البيت الأفريقي واستئناف مشاركتها ضمن القوات الأفريقية المخصصة لمكافحة الإرهاب في الصومال.

ويبدو أن الصومال بات لديها رؤية مختلفة في التعامل مع إثيوبيا، إذ أصبحت تفضل التعاون بدلًا من المواجهة، خاصة في ظل إدراكها حجم التحركات الإثيوبية داخل الصومال. وقد ظهر ذلك جليًا بعد هزيمة القوات الصومالية التابعة لمقديشو أمام قوات تتبع لإقليمي جوبالاند وبونتلاند، مما يعكس الحاجة إلى نهج جديد يحد من زعزعة الاستقرار الداخلي.

كما أن الحكومة الصومالية تخشى تفاقم الأوضاع الأمنية، لا سيما بعد الاتفاقية التي وقّعتها إثيوبيا مع إقليم “أرض الصومال”، والتي أثارت توترات كبيرة في المنطقة.

ما هي أسباب تراجع الصومال والموافقة على وجود البعثة العسكرية الإثيوبية على أراضيها؟

تعود موافقة الصومال على عودة البعثة العسكرية الإثيوبية إلى عدة عوامل، أبرزها الضغوط التي مارستها تركيا على مقديشو، مما دفعها للتوقيع والقبول باتفاقية أنقرة. إضافة إلى ذلك، تسعى الحكومة الصومالية إلى تجاوز الخلافات الداخلية، ووضع حواجز أمام التحركات الإثيوبية التي باتت تعيق تنفيذ برنامج الرئيس حسن شيخ محمود.

ورغم تصاعد الأصوات المعارضة لهذا القرار داخليًا وخارجيًا، تعاملت مقديشو مع الأمر باحترام التوازنات الإقليمية، حيث فتحت المجال أمام إثيوبيا للحصول على ممر مائي يمكنها من تصدير منتجاتها عبر البحر الأحمر.

هل قدّمت الصومال تنازلات لكسب دعم تركيا على حساب خلافها مع إثيوبيا؟

نعم، فقد قامت مقديشو بتقديم تنازلات سياسية للحفاظ على استقرارها الداخلي، ومحاولة احتواء النزاعات التي تتفاقم بشكل متزايد، دون إيجاد كوابح سياسية أو اجتماعية فعالة لاحتوائها.

ويثير هذا الوضع مخاوف من عودة الصومال إلى الفوضى التي شهدتها البلاد قبل عام 1995، إبان حكم الرئيس سياد بري، حينما انهارت مؤسسات الدولة وغرقت البلاد في دوامة من الحروب والصراعات الداخلية.

هناك بعض الأطراف المعارضة لاتفاقية أنقرة داخل الصومال، برأيك ما مدى تأثيرهم؟

في تقديري، لن يكون لهذه الأصوات المعارضة تأثير يُذكر، وذلك لأن حكومة الرئيس حسن شيخ محمود تملك السيطرة على البرلمان، الذي يُعد أكبر كتلة سياسية في البلاد.

التحدي الحقيقي أمام شيخ محمود لن يكون داخليًا بقدر ما سيكون خلال فترة الانتخابات، حيث سيُحدد مدى قدرته على الفوز بولاية رئاسية جديدة.

أما الأصوات المعارضة، فمن المتوقع أن تتركز في الخارج، حيث ستسعى بعض القوى إلى تشكيل تحالفات مضادة لإفشال سياسات الحكومة، وهو ما بدأ يظهر بشكل واضح عبر مواقع التواصل الاجتماعي وحملات التجييش الإعلامي.

ما مدى صحة أن إثيوبيا حققت مكاسب كبيرة من اتفاقية أنقرة عبر إعادة تموضعها داخل الأراضي الصومالية؟

هذا صحيح، فقد أتاحت اتفاقية أنقرة فرصة جديدة لإثيوبيا للتموضع مجددًا في منطقة القرن الأفريقي، مما يمنحها نفوذًا إقليميًا متزايدًا، ويفتح الباب أمام تمرير مشاريعها التي قد تخدم مصالح عدة دول في منطقة الشرق الأوسط أيضًا.

بالإضافة إلى ذلك، نجحت أديس أبابا في استغلال الاتفاق المبرم مع إدارة إقليم “أرض الصومال” كورقة مساومة مع الحكومة المركزية في مقديشو، وهو ما ساعدها في تحقيق هدفها الأساسي، المتمثل في تعزيز وجودها العسكري والسياسي داخل الأراضي الصومالية.

ما هو مصير حكومة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في ظل اشتداد الأزمات السياسية والاقتصادية؟

في اعتقادي، فإن تحسن العلاقات بين الصومال وإثيوبيا وعودة الأمور إلى طبيعتها بعد قطيعة دامت عامًا كاملًا على المستويين الدبلوماسي والسياسي، يمثل أحد العوامل الأساسية لضمان استمرارية حكومة الرئيس حسن شيخ محمود.

إضافة إلى ذلك، فإن استقرار الأوضاع الداخلية بعد تفاقم الأزمات الأمنية والسياسية واتساع رقعة النزاعات الأهلية في عدد من الأقاليم الصومالية، خاصة تلك التي تربطها علاقات إثنية مع إثيوبيا، سيكون عاملًا حاسمًا في رسم مستقبل الحكومة خلال الفترة القادمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى