ترياق نيوز – قصة خبرية : عبدالباقي جبارة
ارتبطت معرفة الشعب السوداني بالدفاع المدني في المدن فقط ب ( المطافئ) وفي الغالب عندما تصل تجد النيران في الموقع المبلغ عنه بأنها قضت على الاخضر واليابس، وفي حالة غرق اي انسان في الخرطوم عندما كانت بعافيتها يجب انتظار الجثمان ثلاثة ايام بأن يطفح بشلال السبلوقة على مشارف محلية شندي بنهر النيل ..
وفي نظر السواد الاعظم من الشعب السوداني بأن الدفاع المدني إحدى مؤسسات الدولة المهملة والتي لا يلقى لها بال، رغم أنها إحدى إدارات الشرطة السودانية التابعة لوزارة الداخلية ، لكن في نظر الكثيرين بأن الذين يعملون بالدفاع المدني اناس مهمشين وليس من ذوي الحظوة من الذين لديهم ( ضهر ) ويعملون في مؤسسات ذات ايرادات ضخمة فبالتالي حوافزهم ارقام فلكية.. فلذلك دائما المواطن يلتمس للدفاع المدني العذر في التقصير ويتهم الدولة بإهمال هذه المؤسسة العامة المرتبطة بحياة الناس مباشرة ، وينظر للعاملين فيها بالعطف.. يا للهول!!!
عندما وقع هذا الملف أي ملف الدفاع المدني في يدنا وحاولنا نتحسس ( جبل الجليد) لكننا يبدو أن ملامسة قمته فقط محتاج تماسك وهنا فقط نشير لمؤشرات توضح الخداع الكبير الذي رسم صورة ذهنية مخالفة لدى معظم الشعب ، إن لم يكن كله، وبصراحة لاول مرة اشعر بأن وزير المالية والاقتصادي الوطني نفسه قد يكون مغيب عن هذا الملف، وكم كنت اتمنى أن أجد توضيحات من مدير هذه المؤسسة سعادة الفريق عثمان عطا عندما بعثت له برسالة صوتية للاجابة على بعض الاسئلة ولم يرد حتى كتابة هذه القصة الخبرية..
يا سادة ملف الدفاع المدني له مجلس قومي يسمى المجلس القومي للدفاع المدني ويعمل حتى الٱن تقريبا، في الغالب يتشكل من وزير الداخلية ومدير الدفاع المدني وآخرين ، ومهام هذه المؤسسة معروفة فيما يتعلق بأجهزة ومعدات السلامة وغير ذلك، وكما يقولون هذا الملف اصبح ( عايرة وادوها سوط) بعد ١١ ابريل ٢٠١٩م .. ومن الملاحظ مركزية هذه المؤسسة في حتى في العاصمة متمركزة في محلية الخرطوم ولا يوجد لواء واحد في ام درمان ويتم شراء معينات وصرف ضخم باسم الخرطوم..
بالطبع لم احدثكم بعد عن اهمية هذا الملف لكن لا بأس من تسليط الضوء على بعض المؤشرات التي تكشف بأن هذه المؤسسة ذات ايرادات ضخمة، اولا بأن هذه المؤسسة غير، مهملة بل تتلقى سنويا دعم من وزارة المالية الاتحادية ملايين الدولارات سنويا مثل ميزانية طوارئ الخريف وفيضان النيل … صحيح احتياجات الدفاع المدني مكلفة مثلا سيارة المطافئ الواحدة فقط تكلف مئات الالاف من الدولارات وعلى ذلك قس ، لكن السؤال هل نحن وجدنا هذه المؤسسة تجدد اسطولها سنويا ؟ هذا السؤال يجب ان تجاوب عليه الإدارة القائمة، مصادر الايرادات الاخرى هو التعاون الدولي والمنظمات الاممية وغير ذلك من معونات العون الانساني المرتبط بالحماية المدنية ، وخاصة بأن مثل هذه المؤسسات غير خاضعة للحظر لانها مرتبطة بالحماية المدنية.. بجانب حقوق الانسان..
لكن الاهم من كل ذلك هو رسوم هذه المؤسسة التي تسري على كل الاصول المتحركة والثابتة مثلا السيارات بما فيها المواتر ثلاثية الاطارات ومحطات الوقود والنواقل المائية والجوية والمطارات والقطارات والسفن، والشركات ومقراتها وتكاد هذه المؤسسة تصرخ لتقول كل ما هو من شأنه يتحرك ليعمر الأرض ياتيني ريعه ، ولسان حالها يقول لأنني احميه ! .. ولكن هنالك علامة استفهام كبرى لم نجد لها جواب هي بأن الدفاع المدني يفرض رسوم ٣℅ من قيمة المبيعات على أي شركة، ليس ارباح فقط بل كل قيمة المبيعات وهي رسم شرط اساسي لنيل الرخصة، تخيل عزيزي القارئ أي طفاية أو أي معدة متعلقة بالحماية المدنية قل ثمنها أو كثُر لازم يصل ٣℅ من ثمن بيعها لإدارة الدفاع المدني ، وهي تضع رجل فوق رجل وياتيها الريع طائعا .. والسؤال الذي يعد أكثر الحاحا هو ما هو القانون او اللائحة التي فرضت بها هذه الرسوم؟ فلنقل الذين يدفعون راضيين السؤال الذي يفرض نفسه ما هي الٱلية التي تحصل بها هذه الايرادات وهل تورد لوزارة المالية وتجحد بها ام تضل عن القنوات الرسمية ؟ … وسبب هذه التساؤلات لأن هذه الايرادات الضخمة لم يجدها المواطن المسكين في وقت الباردة قبل الحرب ولا وقت الحارة اثناء هذه الحرب اللعينة.. وعندما اصبح له دور في كارثة خور اربعات وطوكر هنالك عدد 3 الف خيمة و 50 الف مشمع ما هي المواصفات التي وردت على اساسها وقيمتها الحقيقية؟ وهل وصلت في مواعيدها فعليا وسلمت لمستحقيها ؟ وتأتي هذه الاسئلة لاننا ببساطة لم نر دور للدفاع المدني في الحرائق جراء المدافع ولا في معسكرات النازحين ولا نجدة المهجرين ولا الذين ضلوا الطريق بالصحارى بحثا عن النجاة.. وكم مرة رأينا الاطباء يسبحون ليصلون للمشافي وكم من ابناء النازحين غرقوا في نهر النيل والذين ماتوا على قارعة طرق الهروب من جحيم الحرب ، اعتقد هذه الايرادات تكفي ليكون للدفاع المدني طائرات مروحية للذين يضلوا بالصحارى.. وهنالك كثير من الأسئلة الملحة نضعها امام المختصين بهذا الشأن لتوضيحها حول هذه المؤسسة الوطنية.. الدفاع المدني و ادوارها فهل من مجيب؟!