وكالات : ترياق نيوز
ذكرت مجلة “ذا ديبلومات” الأمريكية، المتخصصة في الشئون السيوية، أن العلاقة بين الصين والدول الأفريقية ضرورية لكلا الجانبين، حيث تتلقى الاقتصادات الأفريقية استثمارات ومساعدات من الصين تتمثل في “مبادرة الحزام والطريق”، بينما تتمتع الصين بإمكانية الوصول إلى موارد حيوية وأسواق للتصدير ودعم دولي للقضايا التي تعتبرها حساسة.
وأوضحت المجلة أن الصين هي الشريك المفضل للعديد من الدول الأفريقية بسبب أموالها ومبادئها بعدم التدخل في الدول الأفريقية وخطاباتها عن نواياها الحميدة في تلك الدول، وهو ما تجلى في “الكتاب الأبيض الأفريقي” لعام 2021 الصادر عن الصين حول تعاونها مع دول القارة السمراء، حيث ينص على أن هدف بكين في القارة هو “منح المزيد وأخذ القليل، والعطاء قبل الأخذ، والعطاء دون طلب أي شيء في المقابل.. ترحب (الصين) بالدول الأفريقية على متن القطار السريع لتنمية الصين بأذرع مفتوحة”.
لكن المجلة ترى أنه في حين أن هذا الخطاب سالف الذكر مثار إعجاب؛ إلا أن السؤال الذي يظل مطروحا: “كيف يمكن للدول الأفريقية أن تجني أقصى فائدة ممكنة من مثل هذه العلاقة غير المتوازنة؟”، مشيرة إلى أن استغلال الفوائد التي تقدمها الصين يجب أن يتجاوز قبول المساعدات والاستثمارات ورأس المال والتقنيات الحديثة لمشروعات البنية التحتية الكبرى.
وأوضحت أنه ينبغي على هذه الدول ممارسة نفوذها المحلي للحصول على أقصى قدر من الفوائد، وهذا من شأنه أن يدعو الحكومات الأفريقية إلى التأكيد على ضرورة توطين مشروعات مبادرة الحزام والطريق، حتى تشارك الأطراف السياسية والاجتماعية والاقتصادية المحلية بنشاط في تلك المشروعات الضخمة.
وساقت “ذا ديبلومات”، في تقريرها، نيجيريا مثالا لما يحدث عند إخفاق حكومة أفريقية في موازنة نفوذها لتشكيل علاقاتها مع الصين بهدف تلبية احتياجات السكان، موضحة أن بكين وأبوجا بدءا شراكتهما الاستراتيجية في 2006، عندما ازدهرت علاقتهما الاقتصادية واعتبرها الجانبان “مكسبًا للجميع”، وبالفعل أصبحت الصين شريكا مهما في التجارة والاستثمار بنيجيريا، كما أصبحت الشريك المفضل لنيجيريا فيما يخص مساعدات التنمية.
ولفتت إلى أن الصين كانت بشكل خاص مصدر التمويل الأساسي لنيجيريا في جهود إعادة إحياء بنيتها التحتية المتداعية، حيث انضمت أبوجا رسميا إلى مبادرة الحزام والطريق في عام 2018 خلال قمة “منتدى التعاون الصيني الأفريقي في بكين”، وبالفعل أصبحت الصين وممثليها الاقتصاديين، لاسيما شركة الإنشاءات الهندسية الصينية، قلب وروح طموحات إعادة بناء البنية التحتية في أبوجا، ولعبت بكين دورا رائدا في بناء خط السكك الحديدية “كادونا- كانو” بتكلفة 1.7 مليار دولار، وخط سكة حديد “لاجوس- كانو” بتكلفة 6.7 مليار دولار، وخط سكة حديد “لاجوس- إبادان (بجنوب غرب نيجيريا)” بتكلفة 1.5 مليار دولار، ولم تتوقف الصين عند القطارات بل ساهمت في بناء المطارات والبنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، حتى احتلت الشركات الصينية مكانة رائدة في نيجيريا.
ونوهت المجلة بأن المنافع التي عادت على نيجيريا من هذه المساعدات واضحة، حيث حصلت على أكثر ما تحتاج إليه لتحفيز النشاط الاقتصادي في البلاد، لكن هذا لا يجعل الأمور بأفضل حال، فإلى جانب قضية القدرة على تحمل الديون، تحول تفعيل “مبادرة الحزام والطريق” في نيجيريا إلى صندوق أسود للجهات الفاعلة المحلية، ولم يصبحوا قادرين على المشاركة في صنع القرار وتنفيذ المشروعات الضخمة. وبحسب استطلاع للرأي أجرته شبكة البحوث الأفريقية المستقلة “أفرو بارومتر” فإن 28% فقط من النيجيريين على دارية بالقروض (المساعدات) الإنمائية في بلادهم مقارنة بمتوسط نسبته 47% لدى 33 دولة. وحتى الهيئة التشريعية في نيجيريا أيضا تعاني من انعدام الشفافية فيما يتعلق بالقروض الموقعة بين السلطة التنفيذية وبنوك الصين.
ونتيجة لذلك، بحسب “ذا ديبلومات”، أصبح هناك نقص في الروابط الشاملة التي تجعل تلك المشروعات تساهم في الاقتصاد المحلي، حيث ترتبط مساعدات التنمية الصينية بالشركات والتكنولوجيا ورؤوس الأموال الصينية، مما يُهمش الجهات الاقتصادية المحلية والتي أصبحت بالفعل تشعر وأنها منبوذة من مشروعات “مبادرة الحزام والطريق”.
لكن وزير النقل النيجيري، روتيمي أمايتشي، فند هذا الادعاء، داعيا الشركات المحلية إلى بناء قدراتها أولا حتى تكون قادرة على تنفيذ مثل هذه المشروعات الضخمة.
ورأت المجلة أنه لجني أكبر قدر من الفوائد من “مبادرة الحزام والطريق”، فإنه يتعين على الحكومات الأفريقية ممارسة الحوكمة الرشيدة التي تدعو إلى الانفتاح والشفافية والالتزام بالقوانين المحلية والحاجة إلى التأكيد على متطلبات تنمية المحتوى المحلي.
واختتمت الصحيفة بأن الافتقار إلى التشاور العام والميل إلى اتخاذ قنوات خلفية للموافقة على عروض الصين، أدى إلى مشروعات بنية تحتية مفككة إلى حد كبير يتعذر وصول الجمهور إليها ولا تعمل بالطريقة التي من المفترض أن تكون عليها المرافق العامة.