أشار الكاتب السوداني الجميل الفاضل إلى أن “استخدام المتاريس في البلاد بدأ مع انطلاق الثورة السودانية التي اندلعت في ديسمبر (كانون الأول) 2018 ضد نظام الرئيس المعزول عمر البشير كوسيلة وقائية واحترازية وحمائية، لكنها كفكرة، تطورت مع مرور الوقت، إذ أصبحت واحدة من الأدوات المستخدمة للضغط على السلطة الحاكمة لترويضها حتى تقبل شروط الجهات التي استخدمت المتاريس كسلاح، لكن تاريخياً، استخدمت المتاريس بعد نجاح ثورة أكتوبر 1964، حيث سرت إشاعة خلال الأسبوع الأول من الثورة بوقوع انقلاب لإجهاضها، ما دفع المحامي السوداني فاروق أبو عيسى، أحد القادة السياسيين آنذاك، ببث نداء عبر الإذاعة السودانية، داعياً السودانيين للنزول إلى الشارع، وبالفعل، خرجت الجماهير إلى الشوارع وقامت ببناء المتاريس لمنع وصول الدبابات والمدرعات العسكرية إلى الإذاعة”.
أضاف الفاضل، “ظل الهدف الأساسي من إقامة المتاريس في شوارع الخرطوم منع يد السلطة الباطشة من الوصول للمدنيين، في ظل استخدامها سيارات الدفع الأمامي لاقتحام الأحياء السكنية لردع المتظاهرين، والآن انتقلت المتاريس إلى بقية مدن ومناطق السودان المختلفة بخاصة في الشرق والطرق القومية والشمال، حيث بدأت تأخذ طابعاً مختلفاً، فبدل الدفاع عن النفس، أصبحت المتاريس تشكل حالة ضغط على مركز السلطة. وهناك نوعان من المتاريس، أحدهما لديه شرعية لاستخدامه انطلاقاً من كونه يمثل درعاً ضد القوة المفرطة، والآخر يستخدم لتقويض السلطة كما حدث في قضية شرق السودان عندما تم إغلاق الميناء ما أثر على الأوضاع الاقتصادية وأضعف الحكومة الانتقالية، وبالتالي، يبقى استخدام المتاريس كوسيلة لا ينفصل عن الهدف الذي من أجله أقيم”.
ونوه إلى أن المتاريس أصبحت جزءاً من الميراث الثوري السوداني، وعلى الرغم من استخدامها يوماً واحداً قبل 58 عاماً، ظلت راسخة في الأذهان والذاكرة السودانية، مؤكداً أن الأجيال المقبلة ستقوم بتطويرها بعد أن تعمقت في الوجدان السوداني كثقافة، ويشارك الآن في تشييد هذه المتاريس أطفال دون سن السادسة، وما يسعد حقاً أن المتاريس السودانية شوهدت، أخيراً، في بلدان عربية شهدت انتفاضات مماثلة، فالمتاريس وسيلة ناجعة وفاعلة وبإمكانها تحقق الغرض الذي من أجله أقيمت، وبين الكاتب السوداني، أنه على الرغم من المعاناة التي تسببها المتاريس من تعطيل حركة التنقل والسير، لكن المجتمع السوداني يتفهم الحاجة إليها ونادراً ما يتذمر البعض منها، لأن الغالبية العظمى تقف خلف الثورة وتتطلع إلى المدنية الكاملة للسلطة باعتبارها صمام أمان استقرار السودان وازدهاره.