الخرطوم / ترياق نيوز
ساعات تفصلنا عن انطلاق واحدة من أكبر منافسات العالم في كرة القدم، بطولة أمم أوروبا 2020 في نسختها السادسة عشر، والتي تأجلت لمدة عام كامل بسبب تفشي فيروس كورونا، وتقام بحضور 24 منتخبًا على ملاعب 12 مدينة أوروبية.
تزينت منافسات أمم أوروبا في الثلاثة عقود الأخيرة بحضور لاعبين ذوي أصول عربية، شاركوا بقمصان منتخبات القارة العجوز، بل وكان بينهم مَن ظهروا بشكلٍ بارزٍ في تشكيلات الفرق وأصحاب تأثير قوي في مسار البطولة، نستعرضهم في الرصد التالي:
أصول تونسية
البداية في النسخة الثانية من حقبة التسعينيات، وتحديدًا بطولة أمم أوروبا عام 1996، عندما كانت شاهدة على حضور لاعبان من أصول عربية منهما التونسي الأصل وفرنسي الجنسية المدافع صبري لموشي.
لموشي تواجد في قائمة منتخب فرنسا بيورو 96، عندما كان لاعبًا حينذاك في صفوف أوكسير الفرنسي الذي لعب له 129 مباراة، وسجل 19 هدف، ووصل مع فريق الديوك إلى نصف نهائي البطولة قبل أن يودع على يد منتخب التشيك بركلات الحظ الترجيحية.
أما اللاعب التونسي الفرنسي حاتم بن عرفة، فقد شارك في تصفيات يورو 2008، إلا أنه لم ينضم لكتيبة الديوك في نسخة بطولة الأمم الأوروبية وقتها، فيما تم استدعاءه للنسخة التالية في 2012، عندما كان لاعبًا في نيوكاسل يونايتد الإنجليزي.
لم يشارك بن عرفة بصفة أساسية مع منتخب فرنسا في النسخة الواحدة من اليورو التي تواجد بها، لحساب الجناحين فرانك ريبيري وسمير نصري، إلا أنه بدأ أساسيًا في مباراة الجولة الثالثة من دور المجموعات أمام منتخب السويد، قبل أن يودع الديوك المنافسات من دور ربع النهائي على يد إسبانيا.
وثالث اللاعبين أصحاب الأصول التونسية المشاركين في اليورو وصاحب البصمة الأبرز هو جندي كتيبة المنتخب الألماني سامي خضيرة، الذي لمع بريقه في البطولة منذ أن كان لاعبًا في فريق الشباب، وقاد المانشافت للفوز بكأس أمم أوروبا تحت 21 عام 2009.
شارك خضيرة في نسختي اليورو للكبار 2012، و2016 وكان أحد أعمدة المنتخب الألماني والعناصر الأساسية في تشكيل الفريق، إذ قاد الماكينات للفوز بالأولى على حساب البرتغال، قبل أن يودع النسخة الثانية أمام فرنسا في الدور نصف النهائي.
أصول مصرية
لم تسجل مصر حضورًا بارزًا للاعبين بقمصان منتخبات أوروبية في بطولة اليورو، بل اقتصر الأمر على لاعبان فقط، كان أولهما حارس المرمى، صاحب الأصول المصرية السويدي رامي شعبان.
تواجد شعبان ضمن قائمة المنتخب السويدي في نسخة واحدة فقط باليورو عام 2008، إلا أن منتخب الأزرق والأصفر ودع المنافسات من دور المجموعات، الذي شهد حضور رامي على مقاعد البدلاء في الثلاث مباريات، وذلك بعد عامين فقط من مشاركته في كأس العالم وحصوله على لقب أفضل حارس مرمى سويدي
أما ثانيهما فهو الإيطالي الجنسية ستيفان شعراوي، الذي لعب أول مباراة دولية مع الأزوري في 2012، إلا أنه غاب عن قائمة المنتخب المشاركة في اليورو للسنة ذاتها.
وفي نسخة 2016 حضر لاعب روما الإيطالي ضمن قائمة المنتخب الأزرق، وشارك كبديلًا في عدد من الدقائق، قبل أن يودع الأزوري بطولة أمم أوروبا على يد ألمانيا من دور الـ8.
أصول جزائرية
احتكر المنتخب الفرنسي، اللاعبون ذوي الأصول الجزائرية، كما صنع ومازال يصنع أبناء الصحراء تأثيرًا قويًا يضرب صداه البطولات الأوروبية رفقة الديوك.
زين الدين زيدان، صاحب أكبر بصمة للاعب عربي في بطولة أمم أوروبا، من حيث عدد المشاركات، والتأثير الفني وحصد البطولات، إذ شارك زيزو في نسخ اليورو أعوام 1996، و2000، و2004.
كان مستهل مشواره مع فرنسا في اليورو إلى جوار صبري لموشي، في نسخة 1996، وهو لا يزال في الثانية والعشرين من عمره، وبالرغم من عدم تألقه في تلك البطولة كحضوره في باقي المنافسات، إلا أنه شارك في وصول الديوك للدور نصف النهائي بالتسجيل في ركلات الترجيح في ربع النهائي، قبل الخروج أمام التشيك في نصف النهائي
وفي يورو 2000 ظهر زيزو في أفضل حالاته، واستطاع أن يقود فرنسا للفوز ببطولة أمم أوروبا ليجمعها بكأس العالم 1998 في إنجاز لم يتكرر منذ عام 1974 عندما حققت ألمانيا الغربية تلك الثنائية، كما نجح في الفوز بلقب أفضل لاعب في البطولة.
سجل زيدان في نسخة أمم أوروبا 2000 هدفين، كان الأول في الدور ربع النهائي أمام إسبانيا، والثاني في شباك البرتغال اقتنص به بطاقة العبور للنهائي بقاعدة الهدف الذهبي.
يرى زين الدين زيدان أنه كان في أوج تألقه، خلال تلك النسخة، حيث أنه ظهر بشكل لامع مُلقيًا سحره على منافسيه بلمسات ذكية، وتدرجه الساحر بالكرة ورؤيته البارعة.
وفي يورو 2004 لم ينجح زيدان في تكرار الإنجاز، إذ خرج على يد الحصان الأسود للنسخة والذي توج بطلًا لها منتخب اليونان، إلا أنه ترك بصمته القوية عندما قاد فرنسا لتحويل الهزيمة إلى فوز على انجلترا باللقاء الافتتاحي مسجلًا هدفين.
لم تنتهي مسيرة اللاعبين أصحاب الأصول الجزائرية بقميص منتخب فرنسا، فعندما فشل رفقاء زيدان في الفوز بيورو 2004، كان سمير نصري يقود زملائه للفوز ببطولة كأس أمم أوروبا للناشئين في العام ذاته مسجلًا هدف مباراة النهائي.
مسيرة اللاعب الجزائري الفرنسي سمير نصري، لم تكن مميزة ببطولات اليورو، إذ شارك في نسخة واحدة عام 2012، سجل خلالها هدف في المباراة الافتتاحية أمام إنجلترا، قبل أن يودع الديوك البطولة في الدور ربع النهائي أمام إسبانيا.
وثالث الثلاثة يأتي كريم بنزيمة، الذي شارك في نسختين فقط حتى الأن ببطولة أمم أوروبا (2008 و2012) فيما استبعد بشكل مثير للجدل من نسخة 2016، قبل أن يعود لقائمة الديوك مؤخرًا استعدادًا لخوض غمار منافسات اليورو المقبلة.
كانت نسخة 2008 مخيبة للآمال الفرنسية، إذ ودع الفريق الأزرق المنافسات من دور المجموعات بعد تلقي هزيمتين في دور المجموعات، ومشاركة بنزيمة أساسيًا في مباراتي الجولة الأولى والثالثة، مع ظهوره بشكل أثار حوله الانتقادات.
وفي نسخة 2012 كان لبنزيمة دورًا أساسيًا في عبور فرنسا من دور المجموعات، بتسجيل هدف وصناعة هدفين، إلا أن الاصطدام بالعملاق الإسباني أطاح بالديوك إلى خارج المنافسات.
أصول مغربية
كان للاعبين أصحاب الأصول المغربية، نصيبًا كبيرًا أيضًا من المشاركة في بطولة أمم أوروبا بقمصان ثلاثة منتخبات مختلفة، بدأت مع الثنائي خالد بولحروز وإبراهيما أفلاي لاعبا المنتخب الهولندي في نسخة 2008، اللذان شاركا كأساسين وبديل في مباراة الافتتاح أمام إيطاليا.
غاب أفلاي عن المباراة الثانية قبل أن يلعب الثالثة من دور المجموعات أساسيًا ويشارك في عبور هولندا بنجاح ساحق من الدور الأول، لحقه وداع مبكر للطواحين من دور الثمانية للبطولة أمام روسيا.
أما بولحروز الذي يعتبر من منطقة الريف الأمازيغية في شمال المغرب، والمُلقب بأكل لحوم البشر نظرًا لبنيته الصلبة وطريقة لعبه الخشنة، لعب بشكل أساسي مع الفريق البرتقالي طوال مباريات المجموعات، إلى أن وصله خبر وفاة ابنته أثناء الاستعداد لمواجهة الدب الروسي التي شهدت إقصاء الطواحين.
وفي نسخة 2012 من بطولة اليورو “وهو الحضور الأخير لهولندا في أمم أوروبا، نظرًا لغيابه عن بطولة 2016″، استُدعي الثنائي المغربي إبراهيما وخالد من جديد.
نسخة 2016، كانت الأسوأ لهولندا في تاريخها، شارك بها أفيلاي أساسيًا في أول مباراتين، وغاب عن الثالثة فيما غاب بولحروز عن التشكيل في 3 مباريات فقط لعبهم الطواحين في دور المجموعات ليودع البطولة مبكرًا بلا نقاط، بعد أن خسر أمام الدنمارك وألمانيا والبرتغال.
وبالرغم من كون المغربي مروان عبد اللطيف فيلايني، لاعبًا في صفوف المنتخب البلجيكي منذ عام 2007، إلا أنه لم يحظى بالتواجد في بطولة أمم أوروبا إلا في نسخة 2016، نظرًا لغياب الفريق عن بطولتي 2008 و2012.
لم يشارك فيلايني بشكل أساسي رفقة الفريق البلجيكي في يورو 2016، والذي نجح في عبور دور المجموعات والإقصائي الأول على حساب المجر، قبل أن يودع البطولة في دور الثمانية أمام ويلز.
وبالعودة للمنتخب الفرنسي، فقد زين المغربي الأصل، عادل رامي قائمة الديوك في منافستي أمم أوروبا 2012، و2016، إذ شارك المدافع الدولي في النسخة الأولى أساسيًا حتى وداع الديوك في الدور الإقصائي الأول.
وفي بطولة 2016 التي نُظمت في فرنسا، حجز عادل رامي لاعب أولمبيك مارسيليا في ذلك الوقت، مكانه في قلب دفاع الديوك، ونجح في قيادة الفريق باللعب أساسيًا والتأثير الإيجابي لمراحل متقدمة، حتى غيابه عن مباراة ربع النهائي أمام إيسلندا بداعي الإيقاف ليترك مكانه للاعب صامويل أومتيتي الذي شارك حتى موقعة النهائي أمام المنتخب البرتغالي والذي حسمها الأخير لصالحه.
ننتظر وسام بن يدر
وفي هذا السياق، أكد الناقد الرياضي عادل كُريم، تأثير اللاعبين أصحاب الأصول العربية في بطولة أمم أوروبا، خلال غالبية النسخ التي أقيمت في الألفية الجديدة.
وقال كُريم في تصريحات لـ”سكاي نيوز عربية”: “أكثر مشاركة عربية أراها تركت أثر في اليورو كانت لزين الدين زيدان في نسخة 2000، وبتأثير أقل في 2004”.
وأضاف “كما أن خالد بولحروز لم يكن سيئًا في مشاركته بمنافسات 2008، بل ظهر بشكل جيد لفت إليه الأنظار، ولكن بالطبع ليس بقدر الصدى الذي تركه زيدان، هذا بالإضافة إلى سامي خضيرة في بطولة 2012 الذي قدم مستوى رائعًا، وأعتقد أنه كان ضمن منتخب الأفضل للنسخة”.
وعن اللاعبين العرب الذين ينتظر تألقهم في بطولة أمم أوروبا المقبلة، اختتم كُريم: “أنتظر من كريم بنزيمة الكثير، وأيضًا اللاعب التونسي الفرنسي وسام بن يدر حال مشاركته”.
.