الخرطوم : ترياق نيوز
تحصلت ” ترياق نيوز” النص الكامل لرسالة مدير جامعة السودان بروفسور الحسن المثنى الفاروق والتي طالب من خلالها بتقيم فترته دون تحيز ومن ثم يكون القرار اما استمراره او إختيار خلفه بكل شفافية والرسالة لم تحوي استقالة بالمعنى المفهوم ولكنه قرر أن يدخل في اجازة مفتوحة حتى يقرر بشأنه.. نص الرسالة ادناها..
بِسْم الله الرحمن الرحيم
إخوتي في تجمع أساتذة جامعة أم درمان الإسلامية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
فأتقدم إليكم بجزيل الشكر وعميق الامتنان لثقتكم ودفعكم بترشيحي لتولي إدارة جامعة أم درمان هذه الجامعة الكبيرة والمعقدة وبحمد الله مضى عام واجهنا فيه الكثير من المصاعب والتحديات وعملنا فيه ما وسعتنا فيه الحيلة، وما سمحتْ به الظروف التي تمر بها البلاد. وبحمد الله استقرت الجامعة وخفتتْ حدة التوتر وبدأت الأمور تتخذ شكلها المستجيب للتغييرات التدريجية وهي مرحلة شاقة وتحتاج صبراً وجلداً وتفهماً واتحاداً بعيداً عن تنافر الأقطاب وتفاعل الاستقطاب، فكلنا ينبغي أن نكون يداً واحدة تعمل بتناغم وتجانس .
مضى عام عانينا فيه ما عانينا وبحمد الله لا تزال الأمور تمضي نحو الإصلاح بتؤدة وحرص وإن ظن بعض المتعجلين غير ذلك، فالأمور أكثر تعقيداً مما تتصورون، وحفظ التوازن فيها يحتاج ما أنتم أدري به مني، وقد عانتْ الإدارة في ذلك ما عانت بسبب عدم تفهم البعض لذلك.
مضى عام هو عمر التكليف حسب الخطاب الذي دفعتْ به الوزارة ولا نقول إننا حققنا طموحكم الذي تحلمون به فالأمر ليس بهذه السهولة ولا يمكن أن يتم في غضون هذه الفترة التي حفلت بالكثير من التحديات المالية والصحية وغير ذلك مما يضيق المقام بذكره، ولكننا أخلصنا الطلب واجتهدنا في ذلك والكمال لله وحده.
ولأنني صرحت لمجلسكم الموقر بأنني لن أستمر بعد نهاية التكليف إلا بعد ميثاق جديد وتقييم للتجربة تقضي ببقائي أو ذهابي وإتاحة الفرصة لروح جديدة تُبَثُّ في جسد الإدارة بالجامعة، فقد دفعتُ بطلبي إلى وزارة التعليم العالي لإنهاء التكليف وإتاحة الفرصة لمدير جديد لظروف خاصة، وقضت الترتيبات بأن أدخل في إجازة حتى تنظر الوزارة في الأمر وبناء على ذلك نقلنا صلاحية المدير إلى البرفيسور محمد حبيب الكنزي ليواصل العمل، وتكون الفرصة بعدها لكم لتحددوا خياراتكم وتقيموا تجربتي معكم في هذا العام، فإن رأيتم أن تحدثوا التغيير فذلك خيار أحترمه وأقدره وأجله وأعود جندياً يخدم معكم، وإن رأيتم غير ذلك فعندها لكل حادث حديث.
أيها الإخوة والأخوات الأعزاء إن كان من نصح ، فإنني أطلب إليكم وحدة الصف والانضباط التنظيمي والتحقق قبل اتخاذ المواقف والبعد عن المحاور والشلليات والشلليات المضادة فهي أمر مُقْعِد ومُرْبِكٌ للعمل.
وأعتذر إليكم عن أي تقصير وأي مخاشنة حدثتْ هنا وهناك وأطلب الصفح ممن أخذ في خاطره وتعقَّدتْ علاقتي به تبعاً لذلك، وأشكر من تفهم طبيعتي في العمل فتفاعل معي، وأرجو أن تكون فرصة ليلتقي الجميع ويكون انسحابي سانحة للتصافي والتعافي، فقد أحسستُ بتنافر الأقطاب وتباعد الأصحاب وتبادل الألقاب بين (شلة المدير وشلة معارضي المدير)، وأنا على ثقة بأن الجميع ينشد المصلحة العامة لكن اختلفت الطرق والوسائل .
إخوتي لا أدّعي الكمال فقد أخفقتُ في ملفات مثلما نجحتُ في أخرى وبين هذا وهذا تكمن أسرار الطِلاب في الحياة (وما كل ما يتمناه المرء يدركه)، وبالمقابل يجب علينا أن نعترف في تجمعنا هذا بأننا ركنّا إلى أنفسنا وجعلنا المناصب دولة بيننا مع وجود شركاء مستقلين لا علاقة لهم بأي تنظيم سياسي وكان يمكن أن يكونوا إضافة لنا ونخشى أن يكونوا في المستقبل خصماً علينا ، كما يجب علينا أن نعترف بأننا لم نحدث اختراقاً إيجابياً نستقطب به جهود الأغلبية الصامتة التي ظلت تراقب خلافاتنا وتتعجب لكثرة كلامنا وقلة تفاعلنا وسندفع ثمن ذلك عند أول انتخابات حقيقية.
لنعترف أنّ مجموعتنا في الواتساب صارتْ مجرد مجموعة ضعيفة التفاعل على الأرض كثيرة الكلام واللوم دون تَبصُّر ولا استكناه لواقع الحال، وبعضهم ليس له ما يقدمه سوى التذمر والسفسطة غير المنتجة، فصارت الإدارة في نظره القاصر امتداداً للعهد السابق وصار أي منجز لم يحقق له حاجته الشخصية في صيانة المكاتب مجرد عمل غير مدروس ناسياً أن الأولوية القصوى في الحقوق للطلاب الذين يتدربون في معامل تمثل خطراً عليهم قبل أن تكون مكاناً للتعليم والتدريب، وأعجب كيف نتجاهل ذلك، ونفكر في أنفسنا قبل طلابنا وما الفرق بيننا وبين العهد السابق حين نفعل ذلك فنترك طلابنا دون ماء ولا ظل ونعمد إلى صيانة مكاتبنا. وأعجب العجب حين يطلب بعضهم أن نفعل ذلك في غضون فترة لا تكفي لمعرفة ما يحدث ناهيك عن الإحداث!
إن عملية الصيانة التي تمت في القطاع الجنوبي كانت نموذجاً للتكاتف والتعاضد حيث حملنا الطوب والحجارة بأيدينا العارية وأعدنا صيانة الأدوات التي تخلص منها مَنْ سبقنا وأعدنا تشغيلها، و استضاف تجمع المحاسبين والموظفين عمال الطوارئ والشؤون الهندسية وأتوا بطعامهم إلى القطاع الجنوبي وقد شكلوا ملحمة لم تشهدها هذه الجامعة على مدار تاريخها الطويل، وللمنصف أن يعتبر ذلك بداية التغيير حين يلتحم الموظف بالعامل والأستاذ والإدارة للبناء والإعمار.
إخوتي كانت المياه العذبة عزيزة على هذا القطاع فتكللت الجهود بتوفيرها وإنشاء محطة ستقضي على هذه المشكلة بصورة جذرية. ومن الحديد والحجارة الملقاة على طول مساحة الجامعة بنينا أسواراً ساعدتْ الحرس الجامعي في التأمين وتوقفت ظاهرة السرقات التي كانت تحدث يومياً، وكانت تكلف الجامعة في الشهر الواحد مبلغاً لا يستهان به. اذهبوا إلى بستان كلية الزراعة وانظروا ما تم فيه؟ اذهبوا إلى المكاتب التي كانت تسمى أمانة شؤون الجهاد وانظروا كيف صارت إدارة للخدمات وصارت سياراتهم تنطلق للخدمة لا الضرب والتنكيل، اسألوا إدارة الحاسوب عن حركة العمل في التحول الرقمي، انظروا إلى الأستاذة والموظفين وهم يتفاعلون مع أعمال التدريب، اذهبوا إلى غرفة السيرفر الجديدة وانظروا ماذا صنعتْ جهود لجنة الطوارئ، اذهبوا إلى المعامل الجديدة في مركز الطالبات ومبنى الشؤون العلمية الجديد، اسألوا لجنة صيانة شبكة الإنترنت ماذا فعلتْ؟
إخوتي أستميحكم عذراً في أن أضع أمامكم مرآة صادقة تطلون من خلالها على الواقع الذي اكتنف مسيرتنا خلال هذا العام حين تحولنا إلى مجرد معارضين معارضةً غير منصفة وغير مرشدة وغير متفهمة للواقع الذي نعمل فيه.
لنعترف بأن بعض مَنْ تم إعفاؤه تحول إلى منتقد يبحث عن فرصة للتشفي ووجد في الصحافة أداة لذلك حتى صار مدير الجامعة محسوباً على النظام السابق لمجرد أنه اتخذ قراراً بإعفائه، وتكرر هذا الأمر وسيتكرر ما لم تتغير نظرتنا إلى المنصب وهي نفس نظرة النظام السابق.
إخوتي في التجمع أعلمُ أن هذا الأمر سيغضب البعض لكنها الحقيقة عارية وحارقة، فالتقييم ما ينبغي أن يكون في الإدارات فحسب، وإنما في السلوك الذي سلكناه في دعمنا للتغيير الذي للأسف انحصر في المناصب دون غيرها، فلماذا لا يعمد الجميع إلى تقييم التجمع نفسه قبل تقييم الطاقم الإداري؟ وهل ساءل أحدكم نفسه عما قدمه للإدارة من عون وتشجيع ؟ وهل مهمة التجمع أن يستنفد طاقته في التذمر والمطالبة بزيادة المخصصات المالية في وقت تعاني فيه الجامعة ما تعاني ؟ ولنا أن نتساءل ما هو دور التجمع في النزول إلى القاعدة العريضة من منسوبي الجامعة وإقناعهم بتغيير سلوكهم خاصة في مسألة الحوافز؟ هل من عمل التجمع التدخل في كل صغيرة وكبيرة في العمل التنفيذي؟ هل عقد التجمع ورشة أو ندوة أو محاضرة لتبصير المجتمع الجامعي ببرامج محددة ؟ ما دور التجمع في ذلك؟ وإلى متى يستمر هذا السلوك الذي عانينا منه من قبل ولا نزال نعاني منه الآن!
وقد قلت لبعضكم – أيام التكليف الأولى التي أمضيتُ لكم فيها كل الترشيحات بنسبة تزيد عن ٩٠٪ باستثناء بعض المناصب – إن توزيع المناصب مجرد نزهة أمام التحديات التي تنتظرنا وقد رأيتم بأم أعينكم أنها خلخلتْ العلاقات التي بيننا وتحولنا إلى صنفين : صنف متربِص وآخر متربَص به تنصب له الشراك وللأسف تعرضتُ شخصياً لموقف ستظل مرارته تلازمني مدى الحياة ولم أتوقع أن السوء يمكن أن يصل إلى هذا المستوى حيث يعمد صانع المشكلة إلى تمثيل دور الضحية ويستقوي بمجالس أقسامه على قرار المدير الذي تم بطلب منه هو نفسه ومعه رئيس القسم المعني في سابقة إدارية لم تحدث قط على مدار تاريخ الجامعات السودانية وكل جامعات الدنيا.
إخوتي يحق لبعضكم أن يغضب لكنني أتحدث عن حصاد عام من الفعل الإداري لا تزال آثاره باقية ولا تزال صفحات الصحف تحكي عما خُطّ فيها من أكاذيب وأباطيل بسبب فقدان المنصب وأحياناً لصراعات شخصية لا ناقة للجامعة فيها ولا جمل.
إخوتي ها أنا أمضي وأقف للتقييم بعيداً عن المحاور التي تشكلتْ عند ممارسة الفعل الإداري وها هي أمانتكم رُدتْ إليكم وحسبي أني اجتهدت وأكرر اعتذاري وأستغفر الله لي ولكم .
حاشية:
سأغادر القروب لا مستغنياً ولكن لأتيح لكم الفرصة لتتداركوا أمركم قبل فوات الأوان ، فإن كنت أنا سبب خلافاتكم فها أنا قد مضيتُ لحال سبيلي، فما جئتُ للخوض في صراعات، وما لهذا دعوتمونا، وإن لم أكن أنا سبب ذلك فعليكم بأنفسكم إن النفس لأمارة بالسوء
بارك الله فيكم وحفظكم
أخوكم الحسن المثنى عمر الفاروق