ترياق نيوز – تقرير : عبدالباقي جبارة
دعت الولايات المتحدة الامريكية هذه المرة لمفاضات وقف إطلاق النار في السودان جراء الصراع الدائر منذ 15 ابريل 2023م وحددت العاصمة السويسرية جنيف هي المكان المختار لبدء العملية التفاوضية وبحضور المملكة ىالعربية السعودية كشريك مستضيف ومصر والإمارات مراقبين ومشاركة الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة وحددت بشكل قاطع 14 من أغسطس القادم موعدا لبدء التفاوض . وأكبر دليل على أهمية هذه الجولة من المفاوضات هذه الدعوة تبنتها أمريكا على أعلى مستوى , وستكون برئاسة وزير الخارجية الامريكي انتوني بليكن وهو تمثيل رفيع مقارنة بالسابق , حيث كان المبعوث الخاص للسودان هو الجهة التي تمثل إدارة بايدن في ملف السودان. كذلك اختيار هذا التوقيت لحساسية الوضع داخل الولايات المتحدة التي تمر بدورة انتخابية جديدة ، إضافة للوضع الإنساني الكارثي في السودان الذي وضع العالم بأثره في حرج كبير بإعتبارها أخطر أزمة أنسانية يشهدها العالم . وحسب تقارير المنظمات الانسانية بأن هنالك أكثر من عشرة آلاف نازح وأثنين مليون لاجئ بدول الجوار وأكثر من خمسة وعشرين مليون دخلوا دائرة المجاعة فعليا , بجانب الاعداد الكبيرة من القتلى والجرحى .
دوافع اقليمية ودولية تزيد من أهمية هذه الجولة
برزت في السطح تدخلات اقليمية ودولية حركت هواجس امريكا مثل دخول إيران على خط الأزمة السودانية ، مع تزايد التوتر في المنطقة بين المعسكرات الدولية حول التنافس على ساحل البحر الأحمر وتأثيره على أمن إسرائيل وحربها على غزة , بجانب مراودة حكومة بورتسودان للدب الروسي وتركيا من جهة أخرى هذه التدخلات حتى إذا تجاهلتها أمريكا لن تتجاهل قلق حلفاءها في المنطقة .
فرص النجاح:
تكمن عوامل فرص النجاح في عدد من النقاط – ابرزها التحدي الداخلي لأمريكيا ويتمثل في “الحزب الديمقراطي” حتى يتسنى له الاستمرار في إدارة البلاد عبر انتخابات نوفمبر المقبل وستخوض ممثلته هارتس كاميلا تنافس في مواجهة ترامب ممثل الجمهوريين , وحكومة بايدن الحالية رغم أنه أنسحب رسميا من السباق الرئاسي إلا أن حكومته تضع ملفان على طاولته الأول خاص بملف وقف الحرب في غزة وصفقة الاسرى الاسرائيليين وهذا تسير فيه بصورة جيدة حتى الآن وزيارة نتنياهو للولايات المتحدة قبل يومين خير دليل. الملف الثاني: ملف وقف إطلاق النار في السودان إذ يتمتع هذا الملف بأهمية قصوى مقارنة بأوقات سابقة، لأنه كما ذكرنا يتعلق بحملة الديمقراطيين في الانتخابات المقبلة، وحال نجحت إدارة بايدن في تحقيق وقف القتال في السودان والحرب في غزة تكون قد مهدت طريقها للظفر بدورة انتخابية جديدة.- ترفيع إدارة الملف من مبعوث خاص للسودان إلى وزير الخارجية أمر مهم في تحدي جديدة لانجاح التفاوض، وكان أقصى تدخل لوزير الخارجية في ملف السودان هو عبر اتصال هاتفي يحث فيه الأطراف أو يدعوهم لوقف القتال أو لهدنة إنسانية، وبالدعوة يكون الأمر قد اختلف.
مؤشرات ما قبل الدعوة الامريكية :
منذ زيارة آبي أحمد لبورتسودان ونائب وزير الخارحية السعودي، مرورًا بدعوة التفاوض الأخيرة، غابت التصريحات السيادية عن وسائل الإعلام وتوارى البرهان وكباشي والعطا عن الانظار، ربما بقصد أو بدون قصد، لكن عمومًا قد يكون الأمر مرتبط بترتيب البيت الداخلي لأخذ القرار التاريخي وهو الانخراط في التفاوض بإرادة حقيقة.
موقف الطرفين من قبول الدعوة :
– إذا قبل الطرفان بدعوة واشنطن يكونان قد قطعا شوطًا بعيدة في الاتفاق رغم أن الدعم السريع بادر بقبول الدعوة الامريكية عبر بيان أصدرة قائده الفريق أول محمد حمدان دقلو ” حميدتي ” إلا أن حكومة البرهان ما زالت مترددة بينما يقول البعض بأن الدعوة وجهت باسم القوات المسلحة السودانية إلا وزارة الخارجية السودانية اصدرت بيان قالت فيه بأنها وصلتها دعوة رسمية من الولايات المتحدة الامريكية لحضور مفاوضات سويسرا وإنها عاكفة على دراستها والرد عليها , وهنالك دافع قوي لقبول حكومة البرهان الدعوة لأنها لا تحمل الجانب السياسي فقط يتركز وقف اطلاق النار والجانب الآخر لأن دعوة التفاوض هذه لم تشر إلى أن اللقاء سيكون غير مباشر وذلك يؤكد بأن هذه الجولة حاسمة ، وقد يكون بتمثيل رفيع يناسب حضور وزير الخارجية الأميركي، وهو أمر جديد لم نشاهده من قبل. كذلك الوضع الإنساني الكارثي قد يرفع درجة المسؤولية لدى الاطراف، ويكون سبب في اقبالهم للتفاوض.
التحديات:
– تتمثل في توفر الإرادة لدى الجانبيين , إقناع قادة الجيش بضرورة الذهاب إلى سويسرا مكان المفاوضات، ولهذا ستكون هناك زيارة لمبعوث واشنطن للسودان ومديرة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، لبورتسودان في الثامن من أغسطس المقبل لهذا السبب.
حال رفضا الطرفان دعوة واشنطن إلى الذهاب للمفاوضات، يصعب على أي دولة ممارسة الضغط عليهما – أجندة التفاوض، قد تسبب حجرة عثرة حال وافق الطرفان للجلوس.
حال فشلت المساعي، ماذا سيحدث؟
– ستكون البلاد قد خسرت كل الجهود الدولية والإقليمية الرامية لوقف الحرب، ويكون المواطن تحت نيران الحرب والنزوح والمجاعة إلى أن تتوفر إرادة لدى الطرفان؛ ويمكن أن تتوفر هذه الإرادة خلال أيام أو شهور أو سنين أو “السودان ” سيمضي للمجهول ولا يستطيع أحد التنبوء بالمآلات المهم ستكون كل البلاد تحت وطأت الحرب والفوضى الشاملة وتحت رحمة ورغبة أمراء الحرب ، والعالم سيكتفي فقط بحث ودعوة الأطراف لوقف القتال فقط دون تدخل مباشر.
– لا يستبعد التدخل الدولي تحت البند السابع أو توليفة من الاتحاد الافريقي وحلفاء امريكا في المنطقة والذين يستبعدون التدخل الدول لأن بالفعل الأمر معقد ويحتاج إلى تمويل، وبعثة اليوناميد التي دخلت السودان لحفظ السلام في دارفور، لم تستطع تحقيق سلام على الأرض إذ استمر القتال، والآن رقعة القتال أكبر وأوسع، في النهاية الأمر مكلف للغاية.
لذلك لابد أن ينتبه الجميع وخاصة دعاة السلام إلى هذه الفرصة وهي في اعتقادي الأخيرة التي بدونها السودان في مهب الريح، أو ننتظر إنتصار الجيش أو الدعم السريع وكلاهما في المجهول، وهما أيضًا لايستجيبا للضغط الشعبي الجماهيري أو يعيران أهتمامًا لمطالبه، إذًا ادعموا مفاوضات أغسطس “الفرصة الأخيرة” بكل قوة، وذكروا الناس بخطورة الأمر ..