عندما كانت الخرطوم بعافية وبخيرها كما يقولون وكنا نتجول بشوارعها العتيقة بالتأكيد عينك لا تخطئ الاسم المميز ( الخندقاوي) وقد تسبق هذا الاسم اسماء اخرى مثلا جمال الخندقاوي، حاتم الخندقاوي الامير الخندقاوي وكل الاسماء علامات تجارية مميزة ارتبطت بالانتاج والانتاجية ، وتعيشك في احساس الرأسمالية الوطنية التي بنت السودان بالعفة والنزاهة وحب الاوطان مثل الدكتور الراحل خليل عثمان، النفيدي، الشيخ مصطفى الامين. ابو العلاء وغيرهم الذين كان خلفهم ( اضاعوا…….) إلا من رحم ربي، إلا ان العنواين العريضة فقط للخنادقة تبعث الاطمئنان بأن الدنيا ما زالت بخير، وكما ذكرت التجارة النظيفة والتي اسهمت في بناء الوطن والمجتمع، بجانب الترابط الاجتماعي والتكاتف والتنافس في اعمال الخير، والاهم من ذلك برهم بمنطقتهم واهلهم تجسيدا للحديث الشريف ( خيركم خيره لأهله) .. وحقيقة حتى العام ٢٠١٣م كنت اعتقد بأن كل هذه الاسماء اللامعة في عالم المال والاعمال أسرة واحدة نعم هم بالفعل أسرة واحدة، لكن ليس كما كنت اتخيل بأن جدهم الكبير يسمى ( الخندقاوي) حتى العام ٢٠١٣م عندما عرفت بانهم ينتسبون لمنطقة الخندق بالولاية الشمالية حين دعاني السياسي المخضرم الدكتور الامين عبدالقادر ( حزب أمة جناح الدكتور الصادق الهادي) دعاني للتعرف على رجل قادم من الخارج اختير رئيسا للحزب بدول المهجر وهو لاول مرة يعود للسودان بعد ثلاثين عاما قضاها خارج السوداني اكمل تعليمه الجامعي وتدرج من صاحب اعمال بسيطة حتى اصبح رجل اعمال صاحب علامات تجارية مميزة لعل جينات الخندقة موروثة عنده حب التجارة وريادة الاعمال ، وكون أسرة وعاد للوطن ليسهم لوطنه ويبره ، وليس ليأخذ منه، نظرت إليه فوجدته رجل مريح ذو حضور طاغي ومنتهى الاناقة وقبل ما أبتدر الحوار معه قال لي بكل ثقة : شوف يا استاذ انا درست اقتصاد وإدارة اعمال وهذا هو مجالي الذي نجحت فيه ولا شأن لي بالسياسة وقبلت هذا المنصب لاجد الفرصة لاقدم لوطني وشعبي ما استطيع، ففهمت رسالته وعملت عليها وكان لي شرف اول صحفي يتعرف ويحاور الدكتور صابر شريف الخندقاوي الملقب بأبو شريف وكان جاذبا وحينها كنت بصحيفة الوطن، ومن تلك اللحظة تعمقت علاقتي به واصبحت علاقة اسرية واطلقت اسم بنته الدكتورة ( تولا) على بنتي المولودة حديثا، والرجل منذ ذاك العام ظل يعطي دون أن يأخذ شئ حيث استهل العطاء باغاثة المتضررين من السيول والامطار بولاية الخرطوم في العام ٢٠١٣م وقدم سلال غذائية لألف اسرة متضررة توزعت مباشرة في مرابيع الشريف بشرق النيل ومناطق صالحة والفتح بام درمان، واستمر العطاء لشرائح عديدة وسط المجتمع، وكان لي شرف أسست معه منظمة ( الخندق الخيرية) واصبحت امينها العام وهو الرئيس والتي استهدف بها تقديم المساعدات ومعالجات الحالات الخاصة عبر عمل مرتب ومنظم وحقيقة هنالك كثيرة لما قدمه الخندقاوي وما ظهر في الاعلام ما هو إلا جوانب اجتماعية ارتبطت برموز المجتمع من اعلاميين و رياضيين واهل الثقافة والادب والفن ولكن دعمه للشرائح الضعيفة واصحاب الحاجة يتجنب ان تصل اخباره للاعلام باي شكل من الاشكال، ولا يظهر خلالها مباشرة… حقيقة ظهر كثير من الزملاء كتبوا عن الخندقاوي بشكل ايجابي وفي البداية كان بتضايق من بعض الاصوات التي تنتقده ويقولون أنه يقدم من اجل ( الشو) وكاد ان يحبط حتى رافقته في زيارة للاستاذ حسين خوجلي فشكى له من بعض الاقلام التي تسعى لقتل شخصيته عبر الاشاعات فرد عليه حسين خوجلي بكل برود قائلا : ( شوف يا صابر من الليلة أي جريدة كتبت فيك حرف واحد شوف ليك زواية من غرفتك وخت الجريدة فيه وافعل ذلك باستمرار واعمل بقناعات ما استطعت وكل ما قدمت اكثر سيزيد عدد الصحف البتكتب عنك سلبا او ايجابا بعد فترة تعال اطلع فوق الجرايد دي شوف انت بتزيد طول ولا بتقصر) .. ومن حينها استلم الرسالة وظل يقدم طول العام ويختتمه بتكريم المرأة السودانية محتفلا بعيد الأم ومكرما عدد من النساء اللائي يقع عليهن الاختيار..
ما أود أن اقوله شخصيا اعتبر نفسي اولى بالكتابة عن الدكتور صابر شريف الخندقاوي من الاخرين لعده اسباب اهمها ما اعرفه من اعمال جليلة قدمها لم يطلع عليها الاخرين ولكن الاهم من ذلك حتى الان الرجل لم يستفد من السودان ولا فلس واحد وليس لديه أي املاك داخل السودان رغم أن الابواب فتحت له وسعت جهات كثيرة في السلطة ورجال اعمال للدخول معه في شراكات فالرجل كان زاهد جدا في الدخول في أي مشروع ذو عائد مادي من السودان.. فليس الدكتور صابر لا يشبه جميع رجال الاعمال السودانيين الذين تدور حولهم كثير من الشبهات فيهم من نعرفهم وهنالك من نجهلهم.. ولذلك نعد على نار هادئة تجربة الدكتور الخندقاوي وكيف اصبحت ( الخندقة ) علامة مميزة..
والنقطة الاخيرة بعد أن علمت بأن ما يربط بين الخنادقة هو اسم المنطقة ذات التاريخ العريق والاصالة وزاد معرفتي بهذا الشرف الباذخ الزميل العزيز الاعلامي الفلتة ونموذج رجل العلاقات العامة والصدق والوفاء الاخ سيف اليزل الخندقاوي الرجل الذي كان سند حقيقي لنا في حالة نزوحنا بدنقلا رفقة عدد من الزملاء الاجلاء فكل واحد منهم يحتاج لصفحات لوحده.. نسأل الله ان نوفق في توثيق ما يحفظ للاجيال هذا الارث التليد سواء التوثيق للخندق والخنادقة على وجه العموم أو رموزها مثل ابو الشريف وكل ما يقدم لوطنه وشعبه فنحن اقلام هذا الشعب فمن غيرنا يحفظ التاريخ ولذلك لن نتردد توثيق جلائل الاعمال .. حفظ الله السودان و ابناءه البررة ووفقنا واياكم لكلمة الحق..