القاهرة. رصد : ترياق نيوز
شهدت الندوة الحاشدة التي أقيمت بمقر اللجنة المصرية للتضامن، حضورا حاشدا من مختلف الجنسيات العربية والأفريقية، وخاصة مصر والسودان واليمن وإريتريا.
وقد شدد الخبراء الذين تحدثوا في الندوة، التي أقيمت برعاية وحضور الدكتور حلمي الحديدي، رئيس منظمة تضامن الشعوب الأفريقية الآسيوية، وأدارها الكاتب الصحفي محمد أبو المجد، الأمين العام لاتحاد الإعلاميين الأفريقي الآسيوي، على أن أمن مصر مرتبط ارتباطا وثيقا بأمن السودان، وأن مصر هي أول المتضررين من الحرب في السودان، وأن الحل بأيدي السودانيين أنفسهم.
وثمن الجميع، حضورا ومتحدثين، موقف القيادة السياسية المصرية من الأزمة فور اندلاع الحرب، مؤكدين أن هذا الموقف سيذكره التاريخ.
وحذروا من أن المؤامرة تستهدف تقسيم السودان إلى 5 دول، مشيرين إلى أن أي حل يشمل الإسلاميين مرفوض فهم سبب الأزمة.
وطالب المتحدثون بضرورة العمل على تحقيق هدفين عاجلين، هما حق السودانيين في الحياة ووحدة السودان، موضحين أنه لا مجال لحل سلمي إلا بوقف الحرب الملعونة التي لا يمكن أن ينتصر فيها طرف على الآخر.
استهل الدكتور حلمي الحديدي الندوة بالترحيب بالمتحدثين، وبالضيوف الحاضرين، من مصر ومن الدول العربية والأفريقية الشقيقة، مؤكدا أن مصر والسودان شعب واحد، ويربطهما تاريخ واحد، وآصرة قوية هي العروبة، فضلا عن كونهما جارتين أفريقيتين.
وأثنى على الموقف الرائع الذي تتخذه القيادة المصرية، والتسهيلات التي تمنحها للأشقاء من كافة الدول العربية، ولاسيما السودانيين.
وافتتح الكاتب الصحفي محمد أبو المجد الندوة، قائلا: إن الدماء التي تجري في عروق السودانيين هي نفسها الدماء التي تنبض بها شرايين وأوردة المصريين، وإن قلوبنا لتتمزق حسرة وألما إزاء ما يجري في السودان من مجازر وانتهاكات تستعصي على الفهم، ولا يمكن أن يستسيغها ذوو الألباب والأفئدة.
وأضاف: إننا إن ننسى فلا يمكن أن ننسى الاستقبال رائع والحافل الذي قابل به السودانيون الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، بعد نكسة 1967، حيث رفعوا سيارته من فوق الأرض، وكانوا بالملايين، مما أحيا لديه الأمل، وبعث فيه الروح الإيجابية بأن النصر ممكن وقد تحقق بالفعل في أكتوبر من عام 1973.
وأشار إلى أن الإحصائيات المؤلمة تكشف عن بشاعة المأساة التي يعيش فيها أشقاؤنا وأهلنا في السودان؛ مما يدفع إلى العمل فورا من أجل وقف نزيف الدماء، وإسكات أصوات المدافع، والبحث عن حل سلمي لإنهاء الأزمة.
شارك في الندوة، كل من: السفير محمد العرابي، وزير الخارجية الأسبق، ورئيس المجلس المصري للشئون الخارجية، واللواء حاتم باشات، وكيل المخابرات، والقنصل العام في السودان، ورئيس لجنة الشئون الأفريقية في مجلس النواب “سابقا”، والكاتبة الصحفية أسماء الحسيني، مدير تحرير الأهرام، والمتخصصة في الشئون السودانية، والباحث إبراهيم حامد، المتخصص في الشئون الأفريقية.
=======================
=======================
العرابي: أقول للأطراف الأجنبية “ارفعوا أيديكم عن السودان”
السفير محمد العرابي، وزير الخارجية الأسبق، ورئيس المجلس المصري للشئون الخارجية:
منذ بدايتي في وزارة الخارجية، كنا نتعلم كل يوم ونتابع الأوضاع في بقعتين غاليتين على القلوب، وهما: فلسطين والسودان.. وبالفعل، وللأسف، فقد صارت هاتان المنطقتان محل نزاعات وحروب واقتتال.
هذا يعني أنه كانت هناك رؤية نافذة وبصيرة لدى القائمين على وزارة الخارجية في مصر.. فالبلدان يمثلان أمنا قوميا لمصر.
زياراتي إلى السودان
وأنا ذهبت للسودان أكثر من مرة.. أولاها عام 1983، وكنت وقتها سكرتيرا للدكتور بطرس غالي، وزير الدولة للشئون الخارجية آنذاك، والتقيت سفيرنا في الخرطوم المرحوم عزت عبد اللطيف، وهذا الوقت شهد صعود نجم حسن الترابي.
كان د. بطرس يرى أن مصر والسودان يجب أن يجمعهما إطار أوسع، يضم دول حوض النيل، ولكن، للأسف، معظم الأفكار توأد وتنتهي.
كنا في الفندق الكبير، وفوجئنا بأن الإفطار عبارة عن سمك.. وكان مدير مكتب السيد عمرو موسى من المهتمين بالشأن السوداني، وصديقا لـ مصطفى عثمان إسماعيل وزير الاستثمار السوداني السابق.
وفي عام 2015، قررت أن أصطحب وفدا من أعضاء مجلس النواب، ومعنا 4 من طلاب الجامعات، لرغبتي في توعية الشباب بالشأن السوداني، والتقينا باللواء حاتم باشات، القنصل العام وقتها، وله أرضية واسعة ونصيب كبير من الحب والتقدير هناك.. وكانت زيارة ناجحة، وحدث شد وجذب وتراشق إعلامي مع الرئيس السابق عمر البشير.
وفي عام 2017، كنت رئيسا لوفد مصري، ضم بعض الفنانين، والتقيت بالفنان محيي إسماعيل.. وفوجئت بأن المنطقة التي زرناها، وأقمنا فيها، وكأنك في مصر.. لبس فرعوني.. وغيره.. ما دفعني للتساؤل: كيف يكون بيننا فواصل؟!
عدنا مع الفريق بكري حسن صالح، وذهبنا في رحلة إلى الخرطوم.
وفي عام 2022، توجهنا وبصحبتنا مجموعة من الصحفيين، ولكننا للأسف، لا نتابع، ولا نستثمر الجهود.
نجيب والسادات لهما جذور في السودان
هذه حكايتي مع السودان.. لذا أنا أشعر بالسعادة لأنها حكاية حافلة.. ولا ننسى أن اثنين من رؤساء مصر كانت لهما جذور وأقارب في السودان، وهما محمد نجيب، وأنور السادات، رحمهما الله.
إذن فإن روابط الأخوة والمصاهرة موجودة بيننا، والسودانيون شعب مضياف، ولن ننسى كرمهم الزائد معنا.
في عام 2022، كان الخلاف بين المكون المدني والمكون العسكري، ومعهما القوى المدنية.. والأمن المصري لا يكتمل إلا بأمن السودان واستقراره.. والحل يجب أن يكون سودانيًّا.. لكن الأزمة مستمرة، والصراعات تتصاعد، ولن ينتظرك أحد.
وقد كررت هذه العبارة أمام الفريق البرهان قبل الحرب.
والاهتمام المصري أصيل، ومخلص، وقائم على اعتبارات الأمن القومي والأخوة الصادقة، ومصر لم تنظر إلى السودان أبدا نظرة استغلال وتنفيذا لأجندات مثلما تفعل باقي الدول.
والحل يجب أن يكون قائما على محاور، هي: أولا.. وحدة السودان.
صدمة بسبب الفرحة بالتقسيم
ففي 4 يوليو 2011، تم تكليفي بحضور الاحتفال بإعلان دولة الجنوب، وكنت أستغرب الفرحة بالتقسيم.. فخريطة السودان معروفة كأكبر دولة عربية من حيث المساحة.. فالأمر لم يكن مستساغا.. أن أمثل بلدي في لحظة تقسيم دولة شقيقة.
وأبلغني السفير في جنوب السودان بوجود فرع لجامعة الأسكندرية سيتم افتتاحه في جوبا.. وعندما سألت أكثر من واحد من الجنوب: هل هناك أمل في الوحدة مجددا إذا تحسنت الأحوال، وكان الرد صادما: “لن نعود، ولن نتحد ثانية”.
كان الحر خانقا، لدرجة أن وزير خارجية البحرين، اتصل بي وقال: “أنا شايفك في الحر.. وشكلك مش مبسوط من الوضع”!!
السودان تمر بأسوأ فترة في تاريخها.. فنحن لم نر مثل هذه الحرب من قبل.
من يسقط في السودان الآن يسقط كضحية.. مأساة إنسانية غير مسبوقة.. والشعب السوداني هو الذي يملك الإجابة عن جميع الأسئلة.. ومصر دائما مع وحدة الأراضي السودانية، وترفض النزعات الانفصالية.. وما قامت به مصر عمل قد يذيب الكثير من الرواسب التي كنت ألاحظها في زياراتي.
الدور المصري سيذكره التاريخ للقيادة السياسية.
القوى المدنية تستجيب للنصح.. وحدث أن دعوناهم للتهدئة، أثناء وجودنا في السودان.. ونفذوا وعدهم.. أيضا قابلنا البرهان، وأنا مقتنع به تماما.
مقترح المجلس المصري للحل
المجلس المصري لشئون الخارجية، يضم مجموعة كبيرة من السفراء والإعلاميين والصحفيين، وأساتذة الجامعات، فكرنا في إعداد مسودة لمقترح للحل، لا تفرض على أحد، وبالفعل لقيت ترحيبا من الجميع.
المسارات كثيرة، لكن في النهاية فإن وحدة الفكر، ووحدة الإرادة، وعدم الإقصاء.. ركائز للحل.
وكل الدعم متاح من مصر.. وأقول مثلما قال الرئيس السادات: “ارفعوا أيديكم عن لبنان”، فأقول للقوى الخارجية التي تنفذ أجندات معينة: “ارفعوا أيديكم عن السودان”.
=======================
=======================
اللواء باشات: التجنيس الأجنبي أحد أهم أسباب الأزمة
وكأنه يمسك بمبضع جراح؛ شرح اللواء باشات الوضع في السودان، قائلا:
مشكلة التجنيس الأجنبي أحد أهم أسباب الأزمة.. فهناك عناصر تم تجنيسها من تشاد وليبيا ومالي والكاميرون، لتشعل الصراع.. وقبيلة البقارا والمحاميد.. أي أن ما يحدث يستهدف احتلال عشوائي للسودان.. ويجب أن نفهم الوضع بشكل صحيح.. فهناك خطة خارجية كبيرة لإحداث تغيير ديموغرافي، وجيوسياسي.
في 15 أبريل 2023، في أعقاب اندلاع الحرب، أدليت بتصريحات في 3 قنوات فضائية، قلت إن ما يحدث هو بداية لفصل غرب السودان.
مؤامرة لتقسيم السودان
وهناك مؤامرة المقصود منها تقسيم السودان إلى 5 أقاليم، ومنح الفرصة لسيطرة المخابرات الأجنبية والمنظمات المشبوهة بهدف إصدار قرارات أممية تمهيدا لاحتلال السودان، وتقسيمه إلى أقاليم حكم ذاتي، تمهيدا لتقسيمه إلى 5 دويلات صغيرة.
إضافة إلى مسح الكفاءات والكوادر والعقول الوطنية، وقيادات السودان من الحياة.. فلا صوت يعلو فوق صوت المخابرات الأجنبية والتنظيمات المشبوهة القاتلة.
المشروع لا يتعلق بحميدتي، لكنه أكبر من ذلك بكثير جدا.. حميدتي ما هو إلا أداة لتنفيذ هذا المشروع.. فهو يقوم بتفكيك الجيش، ثم الدولة، ثم الشعب، لتسليم هذه “الكعكة” للجهات الأجنبية، وإلغاء التاريخ السوداني العريق بحضارته وثقافته، ورموزه.
وبالتالي يتم إضعاف أي دور عربي استراتيجي.. ويتم غسيل مخ للعناصر السودانية الشابة في الخارج، والرأي العام الخارجي..
الشباب السوداني الموجود خارج السودان مستهدف كذلك، ويتعرض لعمليات غسيل مخ، ومسح عقول، لإصابته بالإحباط واليأس… لإفهامه وإقناعه بما يلي: “أنت كسوداني كسول.. سرحان.. وليس لديك أي مقدرة على التنمية، ولذلمك هناك ثروات لا تستطيع أن تستغلها، وهي مطلوبة للعالم كله.
بهذا تتاح فرصة كبير للإرهابيين، للاتجار في الذهب والسلاح.. لإضعاف الاستثمار والتنمية نهائيا.. مع الوضع في الاعتبار أن هذه الجماعات تستمد قوتها ونشاطها بالتوازي مع ما يحدث في قطاع غزة، حيث يتم لفت الأنظار عما يحدث في السودان.
وتتبع هذه الفئة تكتيك جديد لتنفيذ أهدافها، والرعاية الجهوية والقبلية.
وكانت البداية في المؤتمر الذي عقده حميدتي في بري، بأرض المعارض عام 2020، حيث دعا فنانين ورياضيين وصحفيين، وقام بإغراقهم بالأموال.
التوقعات في عام 2024
أما عن توقعاتي عن نشاط الإرهاب في السودان في عام 2024، فسيحدث تنافس شديد بين التنظيمات الإرهابية، وخاصة القاعدة وداعش لتجنيد واستقطاب العديد من العناصر داخل السودان.
وقد قرأت بحثا يكشف أن داعش قد جندت نحو 300 سيدة، وهو تكتيك جديد سيستخدم فيما بعد.
هذه الجماعات الإرهابية تتميز بالخبرة العالية في مجال التكنولوجيا.
وأيضا ستكون هناك هجرة عكسية لعناصرهم عبر البر أو البحر من تشاد وليبيا وإريتريا واليمن، لاستخدامها في تنفيذ نشاطها في عمق الخرطوم، ولا ننسى الحدود مع إثيوبيا.. وهذا وضع خطير فتهديده لا يقتصر على السودان، بل يهدد الأمن القومي يؤثر على المستوى الإقليمي في المنطقة كلها.
فيجب أن نفكر ونتكاتف في كيفية مواجهة هذه المخاطر.. لأن ما يجري في السودان المستهدف الرئيسي منه هي مصر بالدرجة الأولى.
أمن وسلامة مصر مرتبطان بالسودان
إن أمن وسلامة مصر مرتبطان بالسودان، والعكس صحيح.. مصيرنا واحد، ومستقبلنا واحد.. فالعلاقة بيننا تشبه مجرى نهر النيل.. فقد يتغير لونه، أو يفيض، أو يجف، لكنه يظل شاهدا على العلاقة الوثيقة.
ومصر كان لها موقف قوي تجاه الصومال إزاء التهديد الإثيوبي، ولكن حاليا إثيوبيا ومن يساندها من بعض الدول والصهاينة، لا يخشون التهديدات المصرية في الوقت الحال.
يجب على مصر أن تتخذ خطوة جريئة في الفترة القادمة في الانحياز لمن انحاز لها، ومن انحاز له الشعب السوداني، وعلينا أن نتناسى عقدة الإسلاميين، هم أخطأوا ويعلمون أنهم أخطأوا، وهم الذين يدافعون عما تبقى من السودان في الوقت الحالي.
وأؤكد على ضرورة تكاتف جميع القوى ومختلف الأطراف السودانية.. وأن ننظر للمستقبل بواقعية جديدة لمعالجة هذه الأزمة.. وأن نسمي المرحلة القادمة بـ “الفاعلية والعلنية”.
مصر تواجه أزمات وحروب غير تقليدية
نعلم جميعا أن مصر “غرقانة” في التوازنات السياسية، والتحديات غير المسبوقة، في ظل أزمات وحروب غير تقليدية.. وتحاول إرضاء جميع الأطراف، وهذا مستحيل.
ومع بداية الأحداث، جاء الإخوة السودانيون إلى مصر، بلدهم الثاني، وهذا طبيعي، وهم موجودون معنا، ومُرحب بهم.. ويشرفون الأراضي المصرية.. وهناك أكثر من 17 مليونا من الإخوة والأشقاء العرب، من ليبيا وسوريا والعراق واليمن وفلسطين.. مندمجحون في النسيج الوطني.. فلا يوجد في مصر معسكرات للاجئين..
أنادي القيادات السودانية والقيادات من الحاضرين والغائبين أن يقنعوا بعض الأطراف السودانية أن تترفع عن التصريحات المسيئة من بعض ا|لأطراف السودانية التي تحاول أن تسيء للعلاقات مع مصر.. وأن نحافظ على العلاقات بين الدولتين، وأن تظل العلاقات فيما بيننا محصنة وقوية.. فنحن شعب واحد.
=======================
=======================
أسماء الحسيني: نحن في مصر سنكون أول المتضررين
الكاتبة الصحفية أسماء الحسيني:
السودان الآن يمر بأكبر أزمة وكارثة.. فهو يشهد أكبر حركة نزوح.. 25 مليون سوداني في مواجهة المجاعة.. طفل يموت كل ساعتين في مخيمات دارفور.
الأزمة بدأت في 15 أبريل بين القوتين الشريكتين في الحكم. الحرب بدأت عسكرية، وحاليا باتت جهوية وعرقية.
الجمال في السودان يتبدد الآن وسط الدماء.. الذبح والتمثيل بالجثث.. والحلول عندما تأتي متاخرة للحروب تنتهي بالانفصال.. والسبب المباشر أن الانظمة الوطنية المتعاقبة في السودان عجزت منذ استقلال السودان عن إقامة دولة مواطنة حقيقية تعلو على كل الانتماءات الضيقة عرقية وقبلية وجهوية وحزبية وعقائدية.
ثم تفاقمت الأوضاع في السودان منذ عام 1989، عندما حكم الرئيس السوداني المعزول عمر البشير مع الجبهة الإسلامية وعرَّابها حسن الترابي.. 30 عاما من الحكم أدت لما نشهده الآن.. بعد اتباع سياسة التمكين في كل مفاصل الدولة، وإنشاء أجهزة موازية، فصارت الحرب في السودان حربا جهادية!!
وكانت الفرحة بانفصال الجنوب ثم سقوط نظام البشير نتيجة لسياسات غير عادلة ومظالم.. الملايين رأوا أنفسهم وكأنهم مواطنون من الدرجة الثانية والثالثة.
أهل دارفور مسلمون 100 %، ارتكبت ضدهم أبشع الانتهاكات.
أنا كنت قد كتبت حكاية “رملة”، الطفلة التي اغتصبت.. الآن بات هناك الكثير من الرملات مع استمرار الحرب والانتهاكات.
الانقسامات والخلافات أدت لانقلاب 25 أكتوبر عام ٢٠٢١.. وهنا معنا الكثير من الشخصيات البارزة التي كانت شاهدة على الأحداث.
المؤامرات والظروف الداخلية، والأطماع والتنافس الدولي والخارجي، أدى لإضعاف الأحزاب على مدى 30 عاما.. وكل يوم يضيف تعقيدات هائلة للأزمة.. وكل المنظمات الدولية تقرع الآن أجراس الخطر.
قوى كثيرة دخلت على خط الأزمة
الانقسام لم يضرب المكون العسكري فقط، بل ضرب الجميع، وهناك قوى كثيرة تدخل على خط الأزمة.. وأخيرا شهدنا تدخلا إيرانيا.
كما أن الولايات المتحدة بدأت تتدخل بشكل مخالف، يختلف عن مفاوضات منبر جدة مع السعودية،. الذي تعثر بسبب عجز المبادرات.. وكذلك تعثرت مبادرة الايجاد ومباحثات المنامة.
هناك تطورات كثيرة تدفع أمريكا للتدخل بثقلها.. فأرسلت وفدا برئاسة مساعدة وزير الخارجية للشؤون الأفريقية مولي في، وعينت مبعوثها الخاص للسودان؛ وذلك خوفا على مصالحها.. الحرب تفتح أبواب جهنم على المنطقة بأسرها، وعلى المصالح الدولية في المنطقة.. وأيضا هناك تداخل وتشابك في الخطوط مع الليبيين والتشاديين وكل دور الجوار وكل الدوائر المحيطة بالسودان وامتداداته، ونحن في مصر سنكون أول المتضررين.
إن أمن مصر مرتبط بأمن السودان، والرئيس السيسي رحب بالإخوة القادمين، ولا أسميهم لاجئين.. ولكن يجب تقديم تسهيلات أكبر للسودانيين في مصر، ولم شمل الأسر وأن يكون تجديد الاقامة كل عام وليس كل ثلاثة أشهر، والتغلب على التعقيدات البيروقراطية.. لأن الحرب في السودان مهما طالت فهي قصيرة.. والإخوة وقفوا معنا وقت الشدة.. وعلينا أن نمهد لما هو قادم.. وأن يقوم قادة الرأي والإعلام بدورهم، وأن يكون هناك تضامن مع السودان، في مواجهة المطامع داخليًّا وخارجيًّا.. وليس هناك مجال سوى لحل سلمي بعد دخول الحرب شهرها الحادي عشر، ولم ينتصر طرف على آخر.
هناك عقبات تواجه التوافق أو المصالحة السودانية، أبرزها رفض أي حل يكون فيه الإسلاميون.. فهم يحملونهم مسئولية ما حدث، وهناك أيضا آخرون يرفضون الحوار أو الحل مع الدعم السريع.
وتلوح في الأفق بوادر مساعٍ أمريكية تركز على الوقف الفوري للقتال والحكم المدني، وأعتقد أن أي حل يجب أن تكون فيه جميع الأطراف المؤثرة؛ وفي مقدمتها مصر التي هي طرف أساسي ورئيسي، وكذلك التوافق العربي بشأن السودان مهم، توافق بين مصر و السعودية والإمارات وقطر، وكذلك التنسيق مع الأشقاء في افريقيا والقوى الدولية، لانه لا يمكن لأي طرف أن يفرض حلا بمفرده.
================
إبراهيم حامد: وحدة السودان وحق السودانيين في الحياة.. أولا
الباحث إبراهيم حامد:
علينا التمييز بين قضيتين.. مصر استثناء كجغرافيا وتاريخ وتكوين بشري، فعمرها من عمر الزمان.
وتتسم طبيعة إشكالية السودان بضعف التوافق الوطني، أي غياب الاندماج الوطني، وهو الوضع في أفريقيانوب الصحراء عموما.
فبعد عام 1840 ميلاديا، جاءت معظم الدول.. وهو ما خلق وضعا قانونيا يجعل إمكانية التعدد، والعلاقات السلمية مع الجوار صعبة.
وهناك نهايات موفقة لتجارب، أو نهايات مؤلمة مثل التجربة الصومالية، واللبنانية.. والتي تعاني من غياب التوافق القبلي.
وأشيد بالدور الذي يلعبه المجتمع المدني المصري، ممثلا في اللجنة المصرية للتضامن، وهو ما يعكس مدى قوة العلاقات..
وهناك حساسية عالية في مصر تجاه قضية السودان.. وهناك اهتمام من القطاع الرسمي رغم حجم الضغوطات الهائلة التي تمارس عليه.. ولكن مطلوب دور أكبر من القوى المدنية والمثقفين للدفع نحو الحل الجذري، واتخاذ المسار الديمقراطي.. مع مشاركة القوى السياسية البعيدة عن النظام حاليا.
أما عن طبيعة ما أفرزته الحرب في السودان، فهناك بوادر مجاعة.. وحجم كبير للدمار النفسي والاقتصادي.. فيجب أن نكون على مستوى التحدي، فهناك موتى وتشريد ومجاعة.
أثق بأن الشعب السوداني سيحل المشكلة.. وعلينا أن ندعوا من أجل التكاتف نحو حق الحياة.. وننبه الجميع؛ الفواعل الداخلية والجوار، إلى وحدة السودان كهدف رئيسي، وكقضية عاجلة.
وفي البداية يجب إيقاف الحرب الملعونة.. والتي لا يمكن لأي طرف أن ينتصر فيها على الطرف الآخر.
نحن أمام مأزق تاريخي، وثمة حلول توافقية.. وأخيرا؛ كل ما يحدث جنوب مصر وغربها، وفي شمالها الشرقي، هي مستهدفة أساسا من ورائه.
واختتم الدكتور حلمي الحديدي بالدعوة إلى ندوة جديدة، استكمالا لهذه الندوةن على أن يتم خلالها الاستماع لأصحاب القضية، السودانيين أنفسهم، فأهل مكة أدرى بشعابها، وأن يتم تحديد موعد لاحق في القريب العاجل، وستديرها الكاتبة الصحفية أسماء الحسيني، المتخصصة في الشأن السوداني.