انظر كيف ان “جون غودفري” السفير الأمريكي لأرض النيلين، قد اعلن فور الانتهاء من مراسم تسليم أوراق اعتماده الرسمية، لحاكم الأمر الواقع، الجنرال برهان.. أعلن عن رغبته في التعرف علي السودان وشعبه، مشيراً إلى أن “فهم الشعوب هي مهمة كل الدبلوماسيين في البلاد التي يعملون بها”.
مردفا بأنه سيكون “سفيرا لكل السودانيين، وأنه سيسافر الي كل أنحاء البلاد لفهم الثقافة السودانية، ولكي يرى رأي العين مظاهر كرم الضيافة التي عرف بها أهل السودان”.
إذاََ فقد بدأ غودفري يومه الأول كسفير معتمد لدي الخرطوم، بالتوغل مباشرة في منطقة سحر الحالة السودانية.
هذه الحالة الخاصة، التي تعترى الناس والخلق، وقتما تعترى دون قيد أو شرط.
اذ ان الحالة السودانية فى أصلها مزاج، والمزاج بطبعه لايناقش، ولايخضع لمنطق أو معيار.
المهم فإن سودانية السودانى أيا كان، لاتفنى ولا تنشأ من عدم، لعلة ان السودانى طبعا، ومزاجا، هو الاقرب الى فطرة الله التى فطر الناس عليها.
بل ومن خواص الانسان السودانى الفريدة، تمتعه بجاذبية خاصة، تفوق بفراسخ ضوئية جاذبية الأرض التى تحكمها وتتحكم فيها قوانين الطبيعة.
فالذات السودانية “غدة حب”، اضحت بنداوتها، وطلاوتها، وسحرها، وسلاستها، اقرب دائما الى السيولة والاندياح, فهي ذات لا تعرف حدودا تقف عندها، ولا فواصل صارمة تقطع حبال ودها الممتدة الى الناس.
ولعل غودفري لو انه خضع لتأثيرات المجال الحيوى الانسانى، النابع من خصوصيات الذات السودانية.
فإنه لن يجيء بتقدير اقل من تقدير القائم بالاعمال الامريكى السابق “جوزيف ستافورد” الذى وصف الشعب السودانى بأنه من أكثر الشعوب ودا فى الارض.
وبالتأكيد فان أسطع نموذج لقدرة الشخصية السودانية علي صناعة مثل هذا التأثير العميق، قد تجلي بنصاعة، في تعلق سفير دولة الكويت الراحل عبد الله السريع أو “عبد الله جوبا” بالسودان، هذا التعلق الذي صار مضربا للمثل، فالسريع صار سفيرا فوق العادة للشخصية السودانية، التى أعملت سحرها فى وجدانه، فضلا عن كونه سفيرا لدولته الكويت.
فالانتماء فى السودان، او له، ربما انه الانتماء الوحيد الذى لايقاس بالمدة والزمن، ولا بالوثائق والهويات.
حالتي
اشهد الا انتماء الآن
إلا أنني في الآن لا