ستبدأ أول جلسات محاكمة علي كوشيب في 5 أبريل ..
وسيعاقب في حالة الإدانة السجن لمدة أقصاها 30 عاما أو مدى الحياة..
الخرطوم . وكالات . تقرير- ترياق نيوز
دعت المحكمة الجنائية الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووتش لحضور محاكمة المتهم علي كوشيب الذي وُجِّهت له 31 تهمة منها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ارتُكبت في 2003 و2004 في أربعة من قرى غرب دارفور، كودوم، وبنديسي، ومكجار، ودليج. تشمل هذه التهم القتل، والشروع في القتل، والنهب، والاغتصاب، والتعذيب، وتوجيه الهجمات عمدا ضد المدنيين، وغيرها.
وترى هذه الجهات الحقوقية أن
قضية دارفور تاريخية ولن تتواري الي ان تحقق العدالة كاملة، وبحسب محكمة الجنايات ستبدأ أول جلسات محاكمة علي كوشيب أحد قادة ميليشيا الجنجويد في 5 أبريل/٢٠٢٢، أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، هولندا .
ومنذ أكثر من 15 عاما، حددت “هيومن رايتس ووتش” كوشيب على أنه شخص ينبغي للمحكمة الجنائية الدولية التحقيق معه بسبب جرائمه المزعومة في دارفور. فيما
أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أول مذكرة توقيف بحق علي كوشيب في 27 أبريل/نيسان 2007.
في هذا الصدد أصدرت منظمة هيومن رايتس ووتش وثيقة أسئلة وأجوبة بجانب وفيديو قبل المحاكمة وفق ما وصلت إليه من من نتائج بعد تقصيها الحقائق حول إنتهاكات جرائم دافور ، وتوردها الصحفية بحسب ما تم رصدها ومتابعتها من قبل منظمة إنهاء الإفلات من العقاب بالسودان وهي كالآتي:
1. من هو علي كوشيب؟
علي كوشيب، هو الاسم المستعار لعلي محمد علي، الذي حدّدت “المحكمة الجنائية الدولية” هويته على أنه علي محمد عبد الرحمن. يُعتقد أن كوشيب كان القائد الأساسي لميليشيا “الجنجويد” في منطقة وادي صالح، غربي دارفور. شغل أيضا مناصب قيادية مع القوات المساعِدة للحكومة السودانية، وهي “قوات الدفاع الشعبي” وشرطة “الاحتياطي المركزي”.
في أوائل 2003، تعاونت الجنجويد مع قوات الحكومة السودانية أثناء نزاعها المسلح مع الجماعات المتمردة لتنفيذ حملة منهجية من “التطهير العرقي”. استهدفت الحملة مدنيين من جماعات الفور والمساليت والزغاوة العرقية التي ينتمي إليها أعضاء الجماعات المتمرّدة. في هجمات جوية وبرية، قتلت القوات الحكومية السودانية والميليشيات المتحالفة معها، واغتصبت، وهجّرت قسرا أكثر من مليونَي شخص من منازلهم وأراضيهم. كما جنّدت، وسلّحت، ودرّبت قوات الجنجويد.
كوشيب متورط كقائد أساسي في الهجمات على القرى في محيط مكجر، وبنديسي، وقارسيلا في 2003-2004. وهو متورط أيضا في قيادة الهجمات الفتاكة على قبيلة السلامات في وسط دارفور أو المشاركة فيها في أبريل/نيسان 2013.
.2 ما هي التهم التي يواجهها كوشيب في المحكمة الجنائية الدولية؟
وُجِّهت إلى كوشيب 31 تهمة منها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ارتُكبت في 2003 و2004 في أربعة من قرى غرب دارفور، كودوم، وبنديسي، ومكجار، ودليج. تشمل هذه التهم القتل، والشروع في القتل، والنهب، والاغتصاب، والتعذيب، وتوجيه الهجمات عمدا ضد المدنيين، والنقل القسري وتدمير الممتلكات، والاعتداء على الكرامة الشخصية، والاضطهاد والمعاملة القاسية وغير الإنسانية. اتُهم أيضا بتوجيه الهجمات، والتعبئة، والتجنيد، والتسليح، وتوفير الإمدادات لميليشيا الجنجويد تحت قيادته.
منذ أكثر من 15 عاما، حددت “هيومن رايتس ووتش” كوشيب على أنه شخص ينبغي للمحكمة الجنائية الدولية التحقيق معه بسبب جرائمه المزعومة في دارفور.
أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أول مذكرة توقيف بحق علي كوشيب في 27 أبريل/نيسان 2007. نُشرت علنا مذكرة التوقيف الثانية الصادرة بحقه عام 2018 في 2020. تضمنت المذكرتان ما يزيد عن 50 تهمة بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. دُمجت التهم لتصبح 31 قبل انعقاد الجلسات المسماة جلسات تأكيد التهم، والتي عُقدت في مايو/أيار 2021. بعد تلك الجلسات، أكد قضاة المحكمة الجنائية الدولية جميع التهم وأحالوا القضية للمحاكمة.
.3 كيف احتجزت المحكمة الجنائية الدولية كوشيب؟
سلّم كوشيب نفسه إلى المحكمة الجنائية الدولية طواعية في جمهورية أفريقيا الوسطى. في 9 يونيو/حزيران 2020، أعلنت المحكمة أنه محتجز لديها.
أشارت المحكمة إلى أن قوات حفظ السلام المختلطة بين جمهورية أفريقيا الوسطى، وتشاد، وفرنسا، وهولندا، و”الأمم المتحدة”، و”الاتحاد الأفريقي” قدمت التعاون والمساعدة في استسلامه. كان أول مثول لكوشيب أمام المحكمة الجنائية الدولية في 15 يونيو/تموز 2020.
.4 لِمَ تُعتبر محاكمة علي كوشيب القادمة والحكم فيها مهمة؟
هذه المحاكمة هي المرة الأولى التي يُحاسب فيها زعيم على جرائم خطيرة يُزعم ارتكابها في دارفور، وإن كان ذلك بعد 18 عاما من ارتكابها. وهي فرصة نادرة طال انتظارها للضحايا والمجتمعات التي أرهبتها الجنجويد حتى يشاهدوا قائدا مزعوما يمثل أمام العدالة. هي أيضا المحاكمة الأولى من نوعها للمحكمة الجنائية الدولية على جرائم ارتكبتها القوات الحكومية والميليشيات المتحالفة معها في دارفور، وتُظهر أنه من الممكن أن يمثل مرتكبو الجرائم أمام العدالة حتى بعد أكثر من عقد من الزمان.
قال رجل من دارفور يعمل مع اللاجئين والنازحين داخليا الدارفوريين عن محاكمة كوشيب: “نثمن دور المحكمة الجنائية الدولية، ليس انتقاما، بل إنما من أجل العدل. من أجل أن يعرف كل الناس في الدنيا أن لا أحد أكبر من العدل. لا بد أن يعرف أي دكتاتور تسوّل له نفسه أن يبيد شعبه أو يبيد جيرانه أو الآخرين أن هناك قانونا أمامه”.
لطالما خاض أهالي دارفور والنشطاء في السودان وفي أفريقيا حملات واسعة لتسليم كوشيب وغيره من المشتبه بهم من قبل المحكمة الجنائية الدولية. تظاهرت المجتمعات المحلية والنازحين من دارفور في السودان للمطالبة بمثول كوشيب للعدالة وأقاموا وقفات احتجاجية من أجل ضحايا الهجمات التي يُزعم أنه مسؤول عنها.
قال ناشط يقيم في الخرطوم ويعمل مع ضحايا دارفوريين لـ هيومن رايتس ووتش”: “عندما جلسنا مع الضحايا [في السنتين المنصرمتين في دارفور]، سألناهم عما يحتاجون إليه فأجابوا ’نريد العدالة‘… لا يمكننا التعبير عن مشاعرنا… عن مدى سعادتنا … لأن العدالة تأخذ مجراها”.
.5 من هم المطلوبون الآخرون من قبل المحكمة الجنائية الدولية بشأن الجرائم المزعومة المرتكبة في دارفور؟
يواجه أربعة آخرون، بينهم الرئيس السوداني السابق عمر البشير، اتهامات من المحكمة الجنائية الدولية. جميعهم فارّون من العدالة:
الرئيس السابق عمر البشير يواجه خمس تهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وتهمتين بارتكاب جرائم حرب، وثلاث تهم إبادة جماعية. وهو حاليا محتجز في السودان ويُحاكم مع مسؤولين سابقين آخرين لدوره المزعوم في انقلاب 1989 ضد آخر حكومة منتخبة في السودان. في ديسمبر/كانون الثاني 2019، حُكم على البشير بالسجن سنتين في إدانة متصلة بالفساد.
أحمد هارون، وزير الدولة السابق للشؤون الإجتماعية والحاكم السابق لولاية جنوب كردفان، مطلوب في 20 تهمة بارتكاب جرائم ضد الإنسانية و22 تهمة بارتكاب جرائم حرب. بحسب معلومات هيومن رايتس ووتش، هارون محتجز في السودان لكن لم توجه إليه أي تهمة بارتكاب الجرائم بموجب القانون السوداني.
عبد الرحيم محمد حسين، وزير الدفاع السابق، مطلوب في سبع تهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وستة جرائم حرب. وهو محتجز في السودان ويواجه أيضا تهما محلية تتعلق بدوره المزعوم في انقلاب 1989.
عبد الله باندا أبكر، قائد “حركة العدل والمساواة” المتمردة في دارفور، وُجهت إليه ثلاث تهم بارتكاب جرائم حرب تتعلق بهجوم على قاعدة للاتحاد الأفريقي في دارفور. مثُل باندا طوعا أمام المحكمة في البداية عام 2010. أكد القضاة التهم الموجهة إليه في 2011 وأحالوه إلى المحاكمة. أصدر القضاة مذكرة توقيف بحقه لضمان حضوره المحاكمة في 2014، وهو طليق منذ ذلك الحين. لن يُحاكَم حتى يمثل طوعا أو يُقدم للمحكمة.
اتُهم اثنان من قادة المتمردين السودانيين الآخرين بجرائم تتعلق بالهجوم على قاعدة للاتحاد الأفريقي، لكن أحدهما توفي، وهو صالح محمد جربو جاموس، ورفض قضاة المحكمة الجنائية الدولية تأكيد التهم الموجهة إلى الآخر، وهو بحر إدريس أبو قردة.
توصلت هيومن رايتس ووتش إلى أن القوات الحكومية السودانية والميليشيات المتحالفة معها ارتكبت جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، لكن بسبب قيود على أبحاثها لم تتوصل إلى إذا ما كانت الجرائم استوفت عنصر التعمد المطلوب لتُصنَّف جرائم إبادة جماعية. توصلت هيومن رايتس ووتش أيضا إلى تورط الجماعات المتمردة في جرائم خطيرة تشمل الهجمات على المدنيين، والقتل، والاختطاف، والنهب.
.6 لماذا لم يسلم السودان المشتبه بهم الآخرين إلى المحكمة الجنائية الدولية؟ وماذا عليه أن يفعل أكثر من ذلك؟
تحتاج المحكمة الجنائية الدولية إلى تعاون أكبر من السلطات السودانية. على السلطات السودانية نقل المشتبه بهم الآخرين للمحكمة الجنائية الدولية، بمن فيهم الرئيس السابق عمر البشير دون مزيد من التأخير. قال أحد النشطاء الدارفوريين لـ هيومن رايتس ووتش في مارس/آذار 2022: محاكمة كوشيب أمام المحكمة الجنائية الدولية قد تكون خطوة مبدئية نحو العدالة. ولكن العدالة الكاملة في دارفور ترتبط بتسليم… عمر البشير، وأحمد هارون، وعبد الرحيم محمد حسين، وآخرين”.
يشمل التعاون المطلوب من السلطات السودانية تنفيذ أوامر الاعتقال والاستجابة لطلبات مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية. تحتاج المحكمة الجنائية الدولية إلى الوصول إلى الوثائق، والسجلات، ومسارح الجرائم، والشهود، والأدلة الأخرى ذات الصلة بقضايا دارفور، وكذلك إمكانية السفر إلى جميع أنحاء السودان والعمل بشكل مستقل.
رغم أن السودان ليس طرفا في المحكمة الجنائية الدولية، يُلزم قرار مجلس الأمن رقم 1593، الذي أحال الوضع في دارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية، الحكومة السودانية بالتعاون معها.
في عهد الرئيس السابق البشير، امتنع السودان بشكل صارخ عن التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، وأحالت المحكمة العديد من حالات عدم التعاون إلى مجلس الأمن، بما فيها عدم تنفيذ الحكومة أوامر القبض على علي كوشيب وأحمد هارون.
وعدت الحكومة الانتقالية السودانية التي تولت السلطة في 2019، بالتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية ورحبت الحكومة الانتقالية بالمدعية العامة السابقة للمحكمة فاتو بنسودا في السودان لأول مرة في أكتوبر/تشرين الأول 2020. وقّعت السلطات أيضا اتفاقية تعاون مع المحكمة الجنائية الدولية بشأن قضية كوشيب في فبراير/شباط 2021.
في يونيو/حزيران 2021، وافق مجلس الوزراء على نقل المحتجزين الثلاثة لدى السودان إلى المحكمة الجنائية الدولية، لكن ذلك لم يحدث بعد. في أكتوبر/تشرين الأول 2021، قبيل الانقلاب الذي قام به قادة عسكريون للإطاحة بالحكومة الانتقالية، زار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، الذي تولى منصبه في يونيو/حزيران 2021، السودان لمناقشة أسس التعاون.
عاد خان إلى السودان في ديسمبر/كانون الثاني 2021. حينها أشارت السلطات السودانية إلى أن مذكرة التعاون المبرمة بين الحكومة السودانية والمحكمة الجنائية الدولية قبل الانقلاب ما تزال سارية.
شدد خان في إحاطة في يناير/كانون الثاني إلى مجلس الأمن على أن تعاون السودان السريع مع المحكمة الجنائية الدولية هو “الطريق الوحيد القابل للتطبيق لضمان العدالة التي طال انتظارها لضحايا الجرائم ضد الإنسانية في دارفور”.
7 .متى ستبدأ محاكمة كوشيب، وماذا ستشمل؟
من المقرر أن تبدأ المحاكمة في 5 أبريل/نيسان 2022، وتُفتتح بقراءة التهم والمرافعات الافتتاحية من مكتب المدعي العام ثم الدفاع. يتبع ذلك تقديم الأدلة، وخاصة استجواب الشهود. لا توجد مدة محددة مسبقا للمحاكمة، ولكن محاكمات كهذه تستمر عامين على الأقل عادة.
8.هل سيتمكن الضحايا من المشاركة في المحاكمة، أو الحصول على تعويضات؟
لدى المحكمة الجنائية الدولية نظام مبتكر لمشاركة الضحايا، يسمح لضحايا الجرائم المزعومة بالتعبير عن آرائهم ومخاوفهم للقضاة في المحاكمة من خلال ممثليهم القانونيين. هذا الأمر منفصل عن أي دور كشهود. مشاركة الضحايا إحدى الطرق لتعزيز صدى المحكمة في المجتمعات المتضررة .
في 19 أكتوبر/تشرين الأول 2021، أصدرت الدائرة الابتدائية في المحكمة قرارا يسمح لـ 151 ضحية بالمشاركة في مراحل الإجراءات التمهيدية وتأكيد التهم. بموجب قرار في 14 يناير/كانون الثاني 2022، سمح قضاة المحكمة لـ 142 ضحية بالمشاركة في مرحلة المحاكمة من الإجراءات. من بين هؤلاء 130 من الضحايا الذين شاركوا في المراحل السابقة من الإجراءات (ما تزال القرارات المتعلقة بالضحايا الـ 21 الآخرين معلقة بناء على المعلومات المتاحة)، و12 ضحية جديدة.
يمكن للوكلاء القانونيين تقديم مرافعة افتتاحية، ومذكرات شفهية، والحجج بشأن الأسس الموضوعية، واستجواب الشهود، وتقديم الأدلة في المحاكمة. في حالة الإدانة، يجوز للضحايا أيضا تقديم طلب إلى المحكمة للحصول على تعويضات، قد تكون فردية أو جماعية، ورمزية أو نقدية، ويتم تحديدها في كل حالة على حدة.
9. ما هي حقوق كوشيب كمتهم وهل سيحضر كوشيب المحاكمة؟
يحق لعلي كوشيب بمحاكمة عادلة وسريعة ونزيهة، بحسب المادتين 66 و67 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية والمعايير الدولية للمحاكمة العادلة، وتشمل الحمايات التالية:
الوقت والتسهيلات الكافية لإعداد الدفاع، مه عدم إكراهه على الشهادة ضد نفسه أو على الاعتراف بالذنب، واختيار محام من اختياره .وافتراض البراءة إلى أن تثبت إدانته، والحماية من التعذيب والمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
وسيكون كوشيب مُلزَم بأن يكون في قاعة المحكمة أثناء المحاكمة وفقا للمادة 63 من نظام روما الأساسي .
10. ما العقوبات إذا أُدين كوشيب؟
العقوبات في حالة الإدانة هي السجن لمدة أقصاها 30 عاما أو مدى الحياة وفقا للمادة 77 من نظام روما الأساسي. تشمل العقوبات الإضافية “مصادرة العائدات والممتلكات والأصول المتأتية بشكل مباشر أو غير مباشر من تلك الجريمة”. عقوبة الإعدام – التي تعارضها هيومن رايتس ووتش بسبب قسوتها المتأصلة – ليست متاحة في المحكمة الجنائية الدولية.
11. كيف سيتمكن الضحايا والمجتمعات المحلية من متابعة المحاكمة في السودان؟
توعية المحكمة الجنائية الدولية بشأن المحاكمة للمجتمعات الأكثر تضررا من الجرائم أمر مهم لجعل عمل المحكمة في متناول أكبر عدد ممكن من الناس وتوسيع تأثيرها المحلي .
تخطط المحكمة لسلسلة من أنشطة التوعية قبل بدء المحاكمة، رغم اضطرار المحكمة للحد من بعض أنشطتها، بسبب البيئة اللوجستية والأمنية الأكثر صعوبة التي سببها انقلاب أكتوبر/تشرين الأول 2021.
ستشمل الأنشطة جلسات إعلامية مختلطة مع المغتربين ووسائل الإعلام والمجتمع المدني في الخرطوم، وإذا أتاحت ذلك الظروف الأمنية، في نيالا، عاصمة جنوب دارفور، ومع قادة المجتمع الذين يعيشون في مخيمات النازحين في دارفور. سيتلقى المشاركون معلومات وستتاح لهم الفرصة لمشاهدة مقاطع فيديو حول المحاكمة، وطرح الأسئلة على موظفي المحكمة، على الأرجح من خلال اتصال افتراضي من لاهاي.
تحضّر المحكمة الجنائية الدولية فيديوهات وبرامج إذاعية ستتضمن مقابلات مع الأطراف الرئيسية في المحاكمة و”رسائل الخدمة العامة” حول هذا الموضوع. ستُبث هذه البرامج، والملخصات المرئية والمسموعة للمحاكمة، من خلال “راديو دبنقا” في دارفور، وشبكات المحطات الإذاعية والتلفزيونية المتمركزة في السودان، وعديد من المحطات الإذاعية المتاحة للّاجئين في شرق تشاد.
تحتوي وحدة التواصل على مجموعة “واتساب” لوسائل الإعلام يمكن للصحفيين الوصول إليها عبر إرسال بريد إلكتروني إلى[email protected] ، ورابط “دروب بوكس” لمعلومات محدثة عن المحاكمة، بالإضافة إلى المعلومات المنشورة على موقع المحكمة.
بسبب تحديات الموارد والمطالب اللوجستية إلى جانب الاعتبارات الأمنية، لن تنظم المحكمة وفدا محليا للسفر من السودان لحضور الافتتاح في لاهاي، ولكن قد يُنظر في وفد كهذا في مراحل لاحقة من المحاكمة، يضم نشطاء وقادة مجتمعيين محليين ووسائل إعلام محلية.
على المدى الطويل، تعتزم المحكمة إنشاء أماكن عرض واستماع لضمان استمرار إتاحة الإجراءات. ستكون هناك نقاشات وإحاطات منتظمة بشأن المحاكمة في مخيمات النازحين، والمجتمعات المحلية التي تعيش في أماكن أخرى في دارفور، وفي مخيمات اللاجئين في شرق تشاد، مع إتاحة الفرصة لطرح الأسئلة. أشارت وحدة الاتصال الخارجي إلى أنها ستخطط أيضا لاستئناف زيارات توعية الموظفين إلى السودان وتشاد في أقرب وقت ممكن عمليا.
12. كيف أصبحت المحكمة الجنائية الدولية معنية بجرائم دارفور؟
فتحت المحكمة الجنائية الدولية تحقيقا في قضية جرائم دارفور عام 2005 بعد إحالة من مجلس الأمن الدولي بموجب القرار 1593. بما أن السودان ليس عضوا في المحكمة، كانت الإحالة ضرورية لكي تحقق المحكمة في الجرائم المرتكبة في دارفور. كانت هذه أول إحالة من هذا النوع من قبل مجلس الأمن.
أحال المجلس حالة واحدة أخرى فقط إلى المحكمة الجنائية الدولية حتى اليوم، وهي الوضع في ليبيا. رغم الحاجة الملحة لإحالات أخرى نظرا لخطورة الجرائم المرتكبة في الدول التي لم تنضم بعد إلى المحكمة، مثل سوريا وميانمار، لم يتحرك المجلس لاعتبارات سياسية.
13. ما الوضع الحالي في دارفور؟
استمرت الجرائم الخطيرة في دارفور على أيدي القوات الحكومية والقوات المتحالفة معها على مر السنين، وعززها الإفلات الشديد من العقاب، بما فيه مكافأة بعض المتورطين في الجرائم.
حتى عام 2016، واصلت القوات مهاجمة سكان دارفور جوا وبرا، وشملت الجرائم بين عامي 2010 و2015 عمليات قتل كبيرة للمدنيين، واغتصاب واعتداء على النساء والفتيات. تضمنت حملتان لمكافحة التمرد في دارفور في 2014-2015، بقيادة “قوات الدعم السريع” الحكومية، هجمات متكررة على القرى وحرق المنازل ونهبها، والضرب والاغتصاب والإعدام بحق القرويين. ضمت قوات الدعم السريع بعض الأعضاء السابقين في “الجنجويد”، التي أصبحت تسمى بشكل متزايد “الميليشيات المدعومة من الحكومة”. نُفذت بعض هجمات قوات الدعم السريع بدعم من القوات المسلحة السودانية والميليشيات المدعومة من الحكومة.
ساعد وقف إطلاق النار الممدد الذي بدأ في 2017 على الحد من العنف، لكن القوات الحكومية والميليشيات التي تعمل بالوكالة عنها واصلت تنفيذ بعض الهجمات ضد المدنيين. تصاعدت الانتهاكات مرة أخرى العام 2019 على يد الجماعات المسلحة المحلية إلى حد كبير، وفي بعض الحالات تورطت قوات أمن الدولة، بعد انسحاب قوة حفظ سلام مختلطة من الأمم المتحدة و”الاتحاد الأفريقي”، ومرة أخرى مع انقلاب أكتوبر/تشرين الأول 2021.
لعبت عوامل مختلفة، غالبا محلية، دورا في تصاعد العنف مؤخرا، وساهم في تصاعد العنف وإيذاء المدنيين عدم توفير السلطات على مدى العامين الماضيين الحماية والعدالة الجادة للمدنيين عن الانتهاكات الماضية والجارية. شهد غرب دارفور خصوصا عدة موجات عنف خطيرة منذ بداية 2021، حيث قُتل المئات ونزح عشرات الآلاف، ودُمر عدد كبير من الممتلكات المدنية.
14. ما الوضع الحالي في السودان؟
العام الأول من ثلاث سنوات للانتقال إلى الحكم الديمقراطي في السودان بعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير عام 2019، اتسم باقتصاد فاشل وتوترات سياسية واستمرار الاحتجاجات الشعبية لدعم العدالة وإصلاحات أسرع وأعمق. أدت الجائحة الناتجة عن فيروس كورونا إلى تفاقم هذه المشاكل. أدخلت الحكومة بعض الإصلاحات لكنها لم تنفذ بعد معظم الإصلاحات المؤسسية والقانونية التي دعا إليها “الوثيقة الدستورية” في أغسطس/آب 2019. شاب العام الثاني للوباء عدم الاستقرار السياسي الذي أدى إلى تباطؤ وتيرة إصلاحات الحقوق وسيادة القانون، والوضع الاقتصادي السيئ الذي فاقم السخط العام.
في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، نفّذ القادة العسكريون في الحكومة الانتقالية انقلابا واعتقلوا مسؤولين مدنيين وحلوا الحكومة الانتقالية. خرج المتظاهرون إلي الشوارع رافضين الانقلاب، وردت قوات الأمن بعنف بقوة فتاكة، واعتقلت المتظاهرين والقادة السياسيين، وعطلت الإنترنت نحو ثلاثة أسابيع.
في 21 نوفمبر/تشرين الثاني، وُقع اتفاق بين رئيس الوزراء المُعاد آنذاك الدكتور عبد الله حمدوك والجيش، يسمح بإطلاق سراح رئيس الوزراء من الإقامة الجبرية وتشكيل حكومة تكنوقراط جديدة. رفض محتجون وجماعات سياسية أخرى الاتفاق. استقال حمدوك في يناير/كانون الثاني 2022. واصلت قوات الأمن اعتقال المتظاهرين والمعارضين السياسيين وآخرين في الخرطوم وخارجها.
هاجمت قوات الأمن في السودان بشكل متكرر أو استخدمت القوة المفرطة، بما فيها القوة القاتلة، ضد المتظاهرين السلميين في الخرطوم. لم يستجب الجيش لدعوات المسؤولين الإقليميين والدوليين لوقف القمع. يهدد الوضع الحالي المكاسب المهمة، وإن كانت محدودة، للحكومة الانتقالية بشأن المساءلة، بما فيه التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية. رغم أن القادة العسكريين لم يتراجعوا عن التزاماتهم السابقة، إلا أن المناخ الحالي من القمع وانعدام المساءلة لا يزال يشكل تهديدا لضحايا الجرائم في دارفور والسودان عموما .