أمير الكعيك
جاء أحدهم في أول يوم لي بالجامعة، وطلب مني الانضمام للحركة الإسلامية، وقال :”عايزنك تكون معانا أخ مسلم”، فرددت دعوته، وأبلغته أنني “بكره السياسة، ولن أنضم لأي حزب حتى تقوم الساعة”، وذهب غير مأسوف عليه..
بعد أيام جاءني من يبلغني أنه تم تصنيفي “شيوعي”، وحينها لم أتفوه من القول سوى :”عليكم الله صنفوني كافر عديل”، وعندما لحظوا تصرفاتي وسلوكي وتعاملي مع الآخرين، وحرصي على الصلاة في مسجد الكلية، حدثني ذات الشخص بأنه تم تغيير التصنيف إلى “مُعتدل”، فضحكت، وقلت له زيدوا عليها أنني :”حار جاف صيفاً دافئ ممطر شتاءً”.
هم هكذا منذ عهود سابقة يضعون من يخالفهم الرأي في خانة “الشيوعي”؛ والذي في قاموسهم أنه إنسان “مُلحد وسفيه”، ويجب محاربته بشتى السبل، ولا تزال هذه الصورة السيئة سائدة حتى الآن وسط أتباعهم، وهو أمر مؤسف.
ومقارنة بين الفئتين حسب ما عايشنا، وهي بلا شك لا تنطبق على جُلهم، باعتبار أن لكل “قاعدة شواذ”، فالشيوعي أو الشيوعية قد يكون متحرراً – متحررة، وسفيهاً وسكيراً، لكنه في الغالب “لا يأكل أموال الناس بالباطل”، أو يسرق “مال الدولة”، أما الصنف الآخر، وأنتم تعلمونهم، يحرصون على الصلاة مع الجماعة، وزيارة بيت الله الحرام “حجاً وعمرة”، ومنهم “وليس كلهم”، من يقتلون النفس التي حرم الله “بالباطل”، ويتعاملون بالرباء ويزنون ويشربون الخمر وووو… الباقي “تموه خيال”..
ونحن معشر الصحفيين من أكثر الفئات عُرضة للظلم من الفئة الثانية، وكم من مرات أكلوا حقوقنا، رغم دخولنا معهم في محاكم، وأذكر من بينها أن مديراً عاماً لإحدى الصحف التي عملت بها كان مُداوماً على الصلاة في المسجد، لكنه “يأكل مال النبي”، وكنا نبحث عنه، بعد إغلاق الصحيفة لأبوابها، ونحمل “أمر قبض”، وفشلت كل مساعينا “إلى الآن” في الإمساك به، بعد هروبه من منزله.
وذات يوم أبلغني أحد الزملاء “يعمل في صحيفة أخرى”، أنه شاهد قبل ساعات “مديرنا الحرامي” يستمتع بما لذ وطاب من اللحوم في “سوق الناقة” بأم درمان، وقلت له :”الناقة التخنقه”.. و”عليك الله شوف زي دا”..وأمثاله كُثر..
وقياساً على تجربة (30) سنة، على الكيزان أن كانوا يحلمون بحكم السودان من جديد؛ تغيير نمط تفكيرهم وتعاملهم، ويجب عليهم احترام الآخر، لكنهم بلا شك لن تطأ “أصلابهم” كراسي السلطة عما قريب، لجهة أن الشعب “صاحي ومُفتح”، بعد أن انكشفت غمة ثلاثة عقود من الذل والفساد و”الحرمنة” باسم الدين.. وأن كل من “لف لفهم” وسار في طريقهم؛ فمصيرهم “إلى كوبر يُحبسون ثم يُحاكمون”..
أخيراً :”شيوعي عادل أفضل من كوز ظالم”