قفز الي ذھني، وحرب السودان تكادُ تَنزلقُ الي حربٍ للكلِ ضد الكلِ، يَخلتطُ حَابلُھا بِنابِلھا، قول الشاعر الراحل محمود درويش: “سنصير شعباً حين ننسي ما تقول لنا القبيلة”.
وماذا تقول قبيلة فوق قوله سبحانه وتعالي، من جعل الناس، شعوبا وقبائل، ليتعارفوا، لا ليتقاتلوا؟.
فالقبائلُ قَابلةٌ لأن تصبح قَنابلا، وآسعة الإنفجار، متي عَبثَ عابثٌ، بإعداداتھا التعارفية، أو عمد للإخلال بضبط مصنعھا كما ينبغي أن يكون.
إذ ليس ثمة سلاح في الواقع، أبلغُ فتكا، وأشدُ إنفجارا، من “قنبلة القبائل” التي يبدو أن ھناك من يسابق الآن الزمن لنزع صاعق تفجيرھا، بوجه سكان ريفيين، أبرياء، آمنين بقري الجزيرة الوادعة.
يرمي بھا كآخر الأوراق، التي لا يملك غيرھا، لطمس آثار جريمته الكبري، جريمة إشعال فتيل ھذه الحرب.
وللحقيقة فإن ورقة “القبائل”، التي ظل يحتفظ بها في أضابيره مارد السلطان القابع ھنا، لبضع عقود بين تضاعيف وشعاب دولة “الإخوان” العميقة.
ھي ورقة جمة المخاطر، سريعة الإشتعال، يصعب التحكم، في مدى ونطاق حريقها.
وبالتالي فإن إخراج قنبلة كھذه، من مستودعها، ومحل إختراعها الأول، في تسعينات القرن الماضي، “وزارة التخطيط الاجتماعي”، للزج بھا اليوم في الحرب، يعد بحد ذاته جريمة، ربما تفوق حتي جرائم إنقلاب الثلاثين من يونيو، ومجازر الإبادة الجماعية بدارفور، وأخيرا وليس آخرا، مذبحة فض إعتصام القيادة العامة للجيش، وغيرھا، وغيرھا.. من جرائم العقود الثلاث، التي تستعصي ربما حتي علي مجرد العد والحصر.