ما الذي أيقظ ” مركز نوبل للسلام، (Nobels fredssenter) من سباته؟، لكي ينتبه الي خيط نور يبرق، يأتي من بعيد من “أرض السمر”.
رغم أن ھذا الخيط يبدو الي الآن خيطا ضئيلا خافتا، يصدر من رُكنٍ مُنزوٍ قصي، وسط ضجيج وضوضاء حرب ظالمة، أرخت بسدولھا لتحجب عن عمد شمس أعظم ثورة شعبية سلمية شھدھا العالم في العصر الحديث.
المھم فقد رشح معھد أبحاث السلام في أوسلو العاصمة النرويجية “غرف الطؤاري” السودانية، لجائزة نوبل العالمية للسلام، ضمن قائمة تضم منظمات أخري مھمة، كالأنروا، ومحكمة العدل الدولية، ومنظمة التربية والثقافة والعلوم “اليونسكو”، والمجلس الأوروبي.
إذاً فإن مصدر الإشراق قد جاء ھذه المرة من “غُرفُ الطواريء”.. وما أدراك بالطبع ما “غُرفُ الطواريء”؟.
إنھا إحدي وآخر الحلول التي انتجتھا العبقرية السودانية، لمداواة أو لتخفيف آلام ھذه الحرب الكارثية.
ھذه الحرب التي مثلت اسوأ طاريء طرأ علي حياة أھل السودان طُرا، مذ كنا، وكان ھنا، “نادوس”، أو “دوسان”، أو “سودان”.
إذ كل “السانات” ھنا أضحوا “مكنات” بالفعل تعمل بلا توقف عن الدوران من خلال “غرف الطؤاري” ھذه، لمجابھة تعدد وتنوع مآسي ھذه الحرب، التي إتسع نطاقھا وتنامت وحشيتھا، بشكل جُنونيٍ مُحزنٍ ومُذھِل، قفز فيه ھذا الجنون الي سطح الأحداث في صورة، متعطشين لإراقة كل الدماء بلا استثناء، إرتكبوا فظائع ارھابية ما أنزل الله بھا من سلطان، تَفَوَّقَ أكلة الأحشاء والأكباد فيھا، حتي علي نموذج داعش الاسوأ في العالم.
قبل أن يذھبوا مؤخرا الي نقض حياة، ذات من نذروا انفسھم لبقاء الناس من حولھم علي قيد الحياة، من متطوعين ب”غرف الطؤاري” نفسھا، بالتكايا والمطابخ الجماعية، في مدينة الحلفايا وما حولھا، بعد عبور الكتائب الجھادية الموسومة بالعنف المفرط، الجسور الي ضاحية بحري.
وللحقيقة فإن صعود نجم “غرف الطؤاري” الي ھذه الذروة العالمية السامقة، يعود لسر من أسرار ثورة ديسمبر المباركة، التي دأبت تمضي في الواقع علي طريقة سباقات التتابع طورا بعد طور، ومرحلة تلو أخري، فكما قاد “المهنيون” ھذه الثورة في طور من أطوارھا الاولي، والي أن بلغوا بها محطة إعتصام القيادة، ثم والي ان قلبوا الطاولة علي كافة الرؤوس، في اليَومِ المَشهُود ٣٠ يونيو (٢٠١٩).
قبل أن تقودھا أيضا “لجان المقاومة”، في عسرٍ ومشقةٍ بالغة، يفسرها علم الفيزياء علي قاعدة تقول: “إن المقاومة تساوي النسبة بين فرق الجهد وشدة التيار”، إذ أن مقاومة أي جسم تقاس بمقدار ما يسمح به من سريان للتيار المار به او عبره.
ھو فرق جھد، فرضه وجود عِصيِ “الثورة المضادة” داخل دواليب الحكم والدولة خلال فترة الإنتقال المُجھضة، وشِدةُ تيارٍ، رفع وتيرته منسوب الوعي العالي لدي الشارع، بأحلامه وتطلعاته الكبيرة والمشروعة بالطبع.