X

عبدالباقي جبارة.. يكتب.. ” فزع الحروف ” .. قلم غريب !

  بالامس فرغت من تحقيق يتعلق بالجمارك السودانية موضوع أنظمة الكشف السينية، هذا التحقيق بدأت فيه قبل حوالي اسبوعين حينما تسربت لدي عدد من المستندات تتعلق بعرض قدمته بعض الشركات لسد ثغرة ظلت شاغرة منذ خمس سنوات، أي المعابر ونقاط الجمارك السودانية ظلت بلا وجيع منذ خمس سنوات وهذا موضوع كبير ليس موضوعنا الان.. لكن موضوع المستندات هذا قررت أن نستعيد فيه حاسة التحقيقات الاستقصائية، فهو عمل شاق ومرهق ولكن ممتع في نفس الوقت، لأنه على الاقل سيخرجني هذه الايام من اخبار الحرب المقيتة والخطاب الاعلامي الموغل في الكراهية وإن كان خلفية هذا التحقيق لا تبعد عن ذلك كثيرا ، لكن حرصت أن أمارس أقصى درجات المهنية في هذا التحقيق، ابتداءا من التحقق من المستندات والوصول لأي طرف ورد ذكره في القضية ولا اقل وصلت لكل الاطراف لكن نجحت في الوصول لاهم الاطراف، وهي التي تتعرض للاستفادة او الضرر من هذا التحقيق ولكن المستفيد الاول هو هذا الوطن المكلوم المثخن بجراح الحرب وجراح الفساد المستشري في جسد الدولة ، رغم ان هذا التحقيق بلغت عدد كلماته حوالي اربعة الاف وستمائة كلمة زائدا المستندات إلا أنه لم يكشف ٱلا عن قمة جبل الجليد في هذه القضية الشائكة، لأنه يتحمل أن تنبثق منه عدة قضايا كل قضية تستحق أن تكون تحقيق منفصل، لان دائما إفادات الاطراف في أي تحقيق قد تولد أسئلة أكثر تعقيدا ونحن واجبنا أن نوردها كما هي وبعد ذلك نخوض فيها او نتركها لغيرنا او تفتح الباب لمزيد من المعلومات والمستندات تعزز منها أو تكون ضدها كل ذلك وارد.. لكن دائما الهدف الاسمى والأنبل هو أن يستفيد متخذ القرار إذا فعلا لم يكن جزء من التجاوزات عن قصد ، لأن التحقبق يسهل مهمته لمعالجة أوجه القصور أو يمهد له الطريق لاتخاذ القرار الصائب.. صراحة هذا التحقيق جهد بشري قابل للخطأ والصواب ولكن شعرت فيه بالرضا لسببين اساسيين الاول هو تجردت من الميل لأي طرف والثاني هو سعيت للوصول لأي طرف ورد ذكره وثالثا منحت الوقت الكافي لاي طرف يطرح رؤيته ،  ثم اخترت عنوانين وصياغة مقدمة تضع الجميع امام مسؤلياته.. والاهم من ذلك نشرته في وقت واحد رغم أنه جزئين اثنين وكل جزء قد يعبر عن طرف مختلف وبما أن الانطباع الاول مهم الجزئين تم نشرهما في وقت واحد، ثم تنفست الصعداء وشعرت بأن حمل ثقيل نزل مني لانني لأ انكر انحيازي الكامل في هذه القضية لموضوع اهمية سد ثغرة المعابر والنقاط الجمركية التي ظلت بلا وجيع وهي التي ينفذ عبرها كل سموم العالم لبلادنا سواء مخدرات أو سلع فاسدة او عملات مزيفة وغيرها من مخالفات وكذلك يدخل فيها التقديرات الحقيقية لعائدات الجمارك، مثلا تدخل أجهزة ثمينة في حاوية ملابس مستعملة بدون جمارك وغيرها وبالتالي انحيازنا لقضية وطنية، وبالتالي تنفيذ هذا المشروع باعجل ما يكون ضرورة قصوى بغض النظر عن من ينفذه او من يستفيد منه ..
المهم مثل هذه التحقيقات قد لا ترضي جميع الاطراف وخاصة بأن هنالك جهات تتجنب الاعلام ولو يقول فيها شعرا ولا تؤمن بأن المعلومات حق اصيل لكافة المواطنيين ، وأن مهمة الصحفي مقدسة اذا مورست بحقها.. واغلى ما يتلقاه الصحفي هو كلمة تحفيز ، وهذا ما وجدته من بعض الزملاء من اشادة بمهنية التحقيق وكذلك اشادة من احد الاطراف قد يكون الاكثر تضررا من هذا النشر لكن فهمه عالي وعقلية متقدمة نتمنى ان نكشف عنه في وقت تحترم فيه العقول، الا واحد من زملاءنا الصحفيين وبخني وقال لي ( انت من زمن المهنية) ! وقدرت شعوره باحساسه بهذا الزمن الأغبر.. لكن الاغرب من ذلك اكثر الاطراف التي توقعتها تشيد بهذا التحقبق لاسباب كثيرة.. ارسل لي مقولة ليضعني امام امتحان الضمير وهذه الرسالة لا تعرفها مدح ولا ذم رغم انها رسالة متداولة وانا فسرتها تفسير سلبي لسبب بسيط لانها أتت بدون التحيات لله والزاكيات لله رغم انه ابتدرها بٱية قرٱنية وهي كالٱتي : (قال تعالي
ن ۚ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1)
هناك قلم يحرر …وقلم يقرر…وقلم يبرر …وقلم يحاول أن يمرر …وقلم أمير. …وقلم أجير. …وقلم أسير. ..وقلم يستفز …وقلم يفزع …وقلم يعزف …
هناك قلم مدهش … وثاني منعش ….وآخر طاهر ..
هناك قلم متطور …. وآخر متورط ….وقلم ممتع …وآخر معتم ،
وقلم يبعث الضوء …. وقلم ينفث السوء ..تعددت الأقلام ..والحبر واحد

فاحرص – على اختيار- نوع -القلم .
فكل قلم يعمل بأمر حامله ،وحامله يعمل بما يمليه عليه ضميره.) . وبعد فرغت من قراءتها ادخلتها جهاز الكشف السيني خاصتي وانا اثق فيه بأنه اكثر دقة من الاجهزة الالمانية..
لذلك بصراحة لم اجد نفسي ولا واحد من هذه الاقلام ولا حتى ( فزع ) رغم ان اسم عمودي ( فزع الحروف) وقد يرى البعض انا واحد من هذه الاقلام المذكورة وهذا شأنه، ولكن صراحة انا وجدت قلمي ( قلم غريب) في هذا الزمن الاغبر فطوبى للغرباء.. و المؤكد ليس لدي قلم للبيع بل لدي جهاز كشف سيني عالي الدقة فاليتحسس الجميع بما يقوله لي ..!