X

السودان الذي لا نعرف جغرافيته ولا سكانه: حوض «خور أربعات» الذي تصدر كوارث السودان الٱن

Oplus_0

تقرير : محمد م. راجي

 

Oplus_0

 

 

    حوض “خور أربعات”، الذي أدى انهيار سده الأسبوع الماضي إلى كارثة إنسانية وبيئية غير مسبوقة، هو المصدر الرئيس لتغذية مدينة بورتسودان بالمياه، ويتبوأ المرتبة الثانية، بعد خور بركة من حيث الايراد المائي، على مستوى ولاية البحر الأحمر، التي تعتبر الأمطار الموسمية، التي تغذي الأودية والخيران والمخزون الجوفي، هي المصدر الوحيد لمياهها.

 

 

 

 

 

ينحدر الخور، موسميًا (بين شهري مايو وأكتوبر)، من كتلة الجبال الواقعة شمال غرب مدينة بورتسودان، والتي تشمخ فيها قمتان هما؛ جبل باواتي Bawati (1726 متر فوق سطح البحر) وجبل أودا Oda (2246 مترًا فوق سطح البحر). يتدفق الخور نحو مدينة بورتسودان ليصف يصب في شمالها مكونًا دلتا صغيرة، تبلغ مساحتها نحو 55 ألف فدان وبطول 25 كلم، نحو نصفها صالحة للزراعة. ومن ذات الكتلة الجبلية ينحدر وادي اوكو Oku الذي يتجه شمالًا نحو مثلث حلايب.

 

 

 

 

 

 

وتتذبذب وتتباين كميات الأمطار والسيول من موسم لموسمٍ، لارتباطها الوثيقة بحركة الفاصل المداري، فكلما تقدم خلال فصل الصيف شمالًا، كلما زادت كمية الأمطار، وهذا ما شهده موسم هذا العام، الذي تقدم فيه الفاصل المداري شمالًا بصورة غير مسبوقة، مصحوب بأمطار رعدية عنيفة وسيول جارفة.
تبلغ المساحة التجميعية لحوض أربعات (Catchment area) 4375 كيلومتر مربع، بعمق 30 مترًا. وبمتوسط إيراد سنوي في المواسم العادية؛ 10 مليون متر مكعب. إضافة إلى مياه جوفية متاحة بالخور على عمق 10 أمتار. وتقدر التغذية السنوية للحوض الجوفي ب 13.5 مليون متر مكعب.

 

 

 

 

 

 

وإضافة إلى مياه الأمطار المتدفقة في الخور، فأن النظام يًدعم بسلسلة من الآبار الجوفية التي جرى حفرها داخله، خلال حقب مختلفة. وتاريخيًا كان سكان بورتسودان يعتمدون على هذه الآبار وعلى مياه الأمطار والسيول المتجمعة في ذات الخور. فعند إنشاء المدينة عام 1905م، اعتمدت على (خور موج) في مياه الشرب. ونسبة للتوسع في حجم الميناء والزيادة السكانية المطردة وملوحة الماء، بدأ التفكير في استغلال مياه أربعات عام 1912، ولكن لم يبدأ التنفيذ إلا في عام 1924م بحفر بئرين تنتجان يوميًا 1200 طن من المياه، المنسابة بالإنحدار الطبيعي في أنابيب إلى المدينة قاطعةً مسافة 30 كيلو مترا، وفي وقت لا حق أُضيفت لها ثلاثة آبار أخرى ليرتفع الانتاج إلى 2500 طن يوميًا. وفي عام 1928 تم توصيل البئر الأولى بالثانية بنفق فارتفع الإنتاج. ثم حفرت بئر مفتوحة عام 1941،وفي موسم 1957 ـ 1958م حُفرت 10 آبار 4 منها غير منتجة لارتفاع ملوحتها، وفي عام 1964م حُفرت 7 آبار 6 منها غير منتجة. وفي موسم 1965/1966م تم حفر 6 أخرى 3 منها غير منتجةوخلال حقبة السبعينات أُقيمت عددٌ من الحواجز الواقية على الجزء الشرقي من الدلتا.
وحضادًا رشيدًا لتلك الثروة الطبيعية من المياه وللاستفادة منها في تغذية مدينة بورتسودان، تم في عام 2003، تشييد سد أربعات، على نحو 20 كيلومترًا من مدينة بورتسودان، موفرًا بحيرة تبلغ سعتها القصوى 25 مليون متر مكعب، إلا أن أخطاء التشغيل، وسوء الصيانة، وتراكم الطمي، أدت، مع مرور السنوات، إلى خفض تلك السعة إلى أقل من 5 ملايين متر مكعب بعد تراكم الطمي.

 

 

 

 

 

 

ومنطقة أربعات هي جزء من موطن البجة، تسكنها قبيلتان منهم هما؛ “الأمرأر” و”الكميلاب”. السيادة فيها للأمرأر حيث تسكن أربع فروع منهم في وسط الدلتا، بينما يسكن “الكميلاب” في الأجزاء الشرقية المتاخمة لساحل البحر الأحمر. وخلافًا للملكية المشاعة للأرض وسط قبائل البجة حيث تكون مسؤولية التصرف فيها بيد شيوخ القبائل، فأن أراضي الدلتا مسجلة، منذ بداية ستينات القرن الماضي، باسماء العوائل التي تسكن المنطقة، والتي تضمها تسع قرى منها؛ دهراب، أسيناك، حميشدو، هندويت، وكسباي.

 

 

 

 

 

 

والجزء الشرقي من الدلتا هو الجزء الزراعي منها، وينتج الكثير من الخضروات وبخاصة البطيخ والشمام والعجوز والقرع والبامية والطماطم، وعلى حوافها القطن والدخن والذرة.