X

عثمان فضل الله.. يكتب.. محاولة اغتيال البرهان .. من اطلق المسيرة ؟

Oplus_0

   

 

 

 

    واقعة إستهداف القائد العام للجيش السوداني ليست بالحادث العادي الذي يمكن العبور عليه هكذا فهي من حيث التاريخ تعد الاولى التي يتعرض فيها قائدا للقوات المسلحة الي حادثة كهذه وفي الهواء الطلق وسط جنوده وربما لايوجد لها مثيل في الاقليم سوى حادثة اغتيال الرئيس المصري الراحل أنور السادات الذي أغتيل بواسطة التنظيمات الاسلامية في عرض عسكري شبيه وان اختلفت من ناحية تقنية وتشابهت الي حد ما في الظرف السياسي المحيط ولعل التفصيل في ذلك هذا ليس بمكانه.
البيان المقتضب للقوات المسلحة لتبيان حادثة كهذه كما اسلفنا في تدوينة سابقة فتح الباب لمزيد من الاسئلة أكثر من انه اجاب لذا بذلنا مجهودا مع بعض العسكريين والخبراء لاستبيان ارائهم حول هذه الحادثة، محاولين ان نجيب على بعض التساؤلات ونضع نقاطا على حروف ظلت مجهلة بفعل فاعل، غير ان رحلتنا في الاجابات عادنا منها بالمزيد من الاسئلة التي سنتركها مفتوحة لفطنة القارئ كما يقول اهل الصحافة.
ولنبدأ بالمكان ” معهد جبيت للمشاة” او مدرسة جبيت ” للمشاة” والتي كانت بدايتها الفعلية في العام
1925م بإسم (ضرب نار) الجيش وكان مقر قيادتها في الخرطوم واستمرت بهذه التسمية حتى العام 1930 م لتنتقل الي ام درمان وتم تغيير الاسم آن ذاك الي مركز التدريب الشمالي وتشكلت من ( جناح البندقية، جناح الفكرز).
بعد الاستقلال تمت إضافة ادارة تدريب الطلبة الحربيين ليتم نقلها في العام 1964 الي منطقة جبيت ويتم فصلها عن الكلية الحربية لتصبح قائمة بذاتها بينما اسند للمعهد مهمة تأهيل الضباط وضباط الصف في العام 1974 وخلال عهد الرئيس الاسبق جعفر نميري تم تطوير كبير جدا للمعهد من حيث البنية التحتية ويتحول الي مدرسة متكاملة للمشاة ويصبح ترقي اي ضابط في القوات المسلحة رهين باجتيازه لدورات جبيت الحتمية.
واختصارا نقول الان تنقسم مدرسة المشاة الي معهدين الاول خاص بالضباط والثاني بالجنود والمعهدين يقعان في منطقة معزولة تماما وغير مأهولة بالسكان ومحصنة من جميع جوانبها بسلسلة من الجبال، نكتفى بهذا القدر من سيرة المدرسة التاريخية والتي فيها المثير والكثير وهناك العديد من القصص التي يرويها الضباط حول هذه المدرسة وقادتها وصارامتهم وما يعانونه مع التدريب الشاق لتأهيل كل من يدخل من بواباتها.
ومما سلف نرى ان المدرسة تقع في منطقة نائية ومعزولة ويمكن مراقبة اي تحرك غريب فيها وهي في المبتدأ تحظى بحماية تصل الي درجة انها مشددة ويمنع تماما الاقتراب منها حتى للرعاة في الظرف الاعتيادي ناهيك عن ظرف مثل الذي تمر به بلادنا مضاف اليه زيارة معلنة ومجدولة لشخصية باهمية القائد العام للقوات المسلحة، مما يعني وبوضوح طبقا لعدد من الخبراء العسكريين الذي استوضحناهم عن الحادث أن هناك تقصير أمني كبير او في اقصاه تواطوء في دائرة ما من دوائر حماية القائد العام، ويلفت الخبراء الي ان احتفالا في منطقة مفتوحة كان يتوجب حمايته بعدة طرق في مقدمتها توفير أجهزة تشويس للمسيرات والصواريخ الموجهة ناهيك عن توفير حماية جوية عبر مراقبة محيط الاحتفال بطائرات مروحية وهو ما كان يتم في الاحتفالات المشابهة في العاصمة الخرطوم اذ تكون هناك مروحيات تطوف في محيط دائرة واسعة تؤمن الحدث وهو واضح انه لم يتم خلال احتفال جبيت، ويمضي الخبراء متسائلين، عن اسباب عدم تأمين الاحتفال بمضادات جوية اذ ان الصور والفديوهات ورغم بيان الجيش تحدث عن التصدي لكن تلك الفديوهات تقول بعكس ماقال البيان اذ لم يسمع ابدا اصوات لمضادات ارضية تصدت للطائرات المهاجمة الي ان سقطت في موقع الاحتفال، وذلك يعضد بشكل كبير فرضية الاهمال في حال الظن الحسن ولتاواطوء اذ اخنا بنظرية المؤامرة والحديث هنا للخبراء العسكريين أما الزميل محمد مختار وهو صحافي وصف نفسه بانه خبير في التدقيق على المعلومات كتب على صفحته قائلا ( ملاحظتي كمددق معلومات صوت المسيرة بدأ يسمع من الثانية 25 في الفيديو، وبدأ يزداد ارتفاع الصوت تدريجياً حتى ضربت هدفها. بيان الجيش يقول أم المضادات الأرضية تصدت للمسيرات والفيديو يظهر غير ذلك فقط صوت الموسيقى وأصوات بشرية وصوت المسيرة.
اذا افترضنا أن المسيرة انطلقت من مكان “قريب” أو “بعيد”. كيف عبرت حتى وصلت هدفها؟، خاصة وأن منطقة جبيت منطقة عسكرية وبها أكثر من دائرة أمنية تحيط بها، ودائرة جبلية، علاوة على رفع أهبة الاستعداد لأقصى درجة نسبة لأهمية المناسبة) _ انتهى حديث مختار_ وبذلك يكون تحليل خبراء المعلومات متطابق مع تحليل الخبراء العسكريين.
ولكي لا نهمل اي فرضية في هذه الحادثة التي نتوقع ان تكون علامة فارقة في المشهد خلال الفترة الزمنية القريبة سالنا الذكاء الاصطناعي عن المسافة بالضبط بين اقرب نقطة بين جبيت والمواقع المسيطر عليها من قبل الدعم السريع فكانت اجابته كالتالي (لا توجد معلومات دقيقة ومحدثة متاحة لي حول الوضع الحالي لسيطرة قوات الدعم السريع والمناطق التي يسيطرون عليها، حيث إن الصراع في السودان ديناميكي وقد تتغير السيطرة على المناطق بشكل متكرر. من الأفضل متابعة الأخبار المحلية والمصادر الرسمية للحصول على أحدث المعلومات حول هذا الموضوع)
فاخذنا بنصيحته ولجأنا الي المصادر المحلية التي قالت لنا ان اقرب نقطة لجبيت هي القرى المحيطة بمدينة الفاو التي يقول الدعم السريع انه يسيطر عليها وتبلغ المسافة بين تلك النقاط ومدينة جبيت حوالي 563 كيلو مترا تقريبا، لجأنا لعدة مصادر لمعرفة ان كان الدعم السريع يمتلك مسيرات بامكانها قطع تلك المسافات، اختلفت الاجابات فهناك من الخبراء من اكد ان الدعم السريع تمكن من إستجلاب مسيرات يمكنها قطع مسافات تبلغ 2000 كيلومتر وهناك من قال ان الامر مبالغ فيه، مشسرين الي ان كل المسيرات التي اسقطتها القوات المسلحة في النقاط الساخنة لم يتم العثور بينها على مسيرات متقدمة وان كل ما اسقط هي مسيرات بدائية يمكن تصنيعها بواسطة من يسمون بالهواة وان المسيرات المتقدمة معروفة الشركات التي تصنعها وعليها قيود ومراقبة كبيرة، لجأن مرة اخرى للذكاء الاصطناعي فكانت اجابته قريبة من اجابة الخبراء وان اختلفت طريقة التعبير حيث قال(نعم، تمتلك قوات الدعم السريع في السودان طائرات مسيرة، وقد تم الإبلاغ عن استخدام طائرات مسيرة في الصراع الحالي في السودان. بينما لا توجد معلومات دقيقة ومتاحة علنًا حول الأنواع المحددة للطائرات المسيرة التي تمتلكها قوات الدعم السريع، فإن معظم الطائرات المسيرة العسكرية يمكنها قطع مسافات طويلة تصل إلى عدة مئات من الكيلومترات حسب النوع والمواصفات التقنية).
وبشأن ان كان هناك اختلاف في التقنيو بين المسيرات التي يمتلكها الدعم السريع ومسيرات الجيش من الممكن الاستفادة منه في تحديد الجهة التي نفذت الهجوم على البرهان، استصعب الخبراء هذا الامر باعتبار ان الدعم السريع والجيش يستجلبان المسيرات من مصدر واحد وهي كارتيلات بيع الاسلحة بشكل غير قانوني.
ومن كل ذلك نخلص الي ان مسؤولية استهداف البرهان تحتمل كل التأويلات بان يكون الحادث اختراق من الداخل، في اطار التصدعات التي يشهدها معسكر الحرب ومعلوم ان جهتين فقط في هذا المعسكر تمتلكان مسيرات هي القوات المسلحة نفسها وكتيبة البراء بن مالك التابعة لتنظيم الاخوان المسلمين.
ومن الممكن ان يكون قام بها الدعم السريع من نقاط تواجده او عبر خلايا نائمة في منطقة قريبة وفي كل الحالات يجمع الخبراء المستطلعين على ان الامر خرق أمني كبير يستوجب المساءلة.