عندما تُقدم مجموعة إدارية في واحدة من المؤسسات الرياضية، جهداً يتناسب مع تطلعاتنا وطموحاتنا في تطوير الكرة السودانية، فالتجاوب والتعبير عن الإعجاب غير مرتبط بضرورة أن اكون مشجعاً للنادي المعني على سبيل المثال، لذلك كنت معجباً ومازلت بتجربة صلاح إدريس في الهلال من قبل، لأنها كسرت الجمود والروتين الذي استمر عشرات السنين وكانت فيها إشراقات كثيرة، وكنت معجباً ببعض جوانب رحلة جمال الوالي مع المريخ والإشراقات الكثيرة فيها واجتهاد الرجل في أن يقدم الأفضل، وأعتقد جازماً أنه نجح في مجاميع أشياء في غاية وأخفق في تفاصيل دقيقة لم ينتبه لها إلا المعطونون في عشق المريخ، والمدمنين لمتابعة كل صغيرة وكبيرة فيه بإحساس دفاق من الحب.. وأعتقد أنني لست بحاجة إلى تزكية أحد في هذا المنحى، حتى لا يخرج علينا أولئك الأغبياء الذين يربطون النقد بالكراهية وقد كانت العلة وماتزال في الرافضين للتقييم المتوازن.. وأنصار الأحكام المطلقة، فهم يضعون كل التجارب بين كلمتي (أنجح _ أفشل) وهذا يتنافى مع طبيعة الأشياء والبشر..!
* لم أكتب من قبل وأعبر عن مشروع نادي الهلال في سنوات السوباط، ولكنني تابعته بحرص شديد بإعتبار أن ما قدمته هذه المجموعة في أقل تقييم محاولات جادة لإنتشال الكرة السودانية وكسر روتينها الممل، ومحاولة كذلك لتجميل صورة الإدارات التقليدية المتعاقبة في الناديين والتي أدمنت الإخفاقات وما عادت تشعر به وتخجل ابداً من نتائجه..!
* وجدت نفسي مضطراً لكتابة هذا المقال بعد أطلاعي على تصريح من إداري بالهلال قال فيه: أن مشروع السوباط او مجلسه في النادي قد فشل، وأظنه كان محبطاً وهذا الأمر طبيعي جداً، ولكن حق التقييم ليس حكراً على أعضاء مجلس السوباط، ولا عشاق الهلال، وإنما لعشاق كرة القدم والرياضة حق في ذلك وإن كانوا من المريخاب أمثالنا، وأجد نفسي مختلفاً مع من يصفون محاولاتهم تلك بالفشل، لأن هذه الكلمة وبقسوتها وخشونتها لا تتناسب مع تقييم عمل كانت فيه الكثير من التضحيات والإجتهادات والمصاعب والمتاعب والمتاريس، واستنزف ملايين الدولارات في ظرف مثل الذي يمر به الوطن، إضافة إلى أن كلمة(الفشل) هذه يستخدمها بعض المغرضين ك(سوط عنج) يلهبون به ظهور الإداريين ربما لشيء في نفس يعقوب.. فمثل هذه التجارب يجب أن تقيم بعيداً عن الغرض حتى يستفيد الناس من إيجابياتها وسلبياتها وينطلقوا منها إلى تجارب أكثر نضجاً، فالكرة السودانية في أمس الحاجة لذلك حتى تصحو وتلحق برفيقاتها.
* من وجهة نظري أن مجموعة السوباط قدمت أنضج محاولة في الكرة السودانية في العشر سنوات الأخيرة، وتابعنا فيها كثير من الجدية في التخطيط والطرح ويكفي أنهم حددوا هدفهم واجتهدوا في الوصول، وأنفقوا أموالاً طائلة في ذلك.. ورسموا شكلاً من الإستقرار المطلوب في أنديتنا الكبيرة، وحاولوا تنظيم دولاب العمل وتخلصوا بالفعل من مظاهر فوضى كبيرة كانت تضيع جهود الإدارات في السابق، وكانت ثمرة كل ذلك أن حافظ النادي على هيبته وسمعته في خارطة الكرة الأفريقية بمشاركات قوية حافظ من خلالها على موقعه بين فرق مجموعات الأبطال.. وحقق فيها أفضل نتائج الاندية السودانية وهذه حقيقة لا تحتاج للقول والإعلان، كما كان للحظ دور في عدم تقدمه، ففي لحظة من لحظات التنافس كان الفريق أمام إنجاز تأريخي ببلوغ الدور التالي على حساب الأهلي لولا ركلة جزاء لم يوفق اللاعب في تسديدها..!
* هنالك ظروف أحاطت بالكرة السودانية مؤخراً كانت خارج إرادة الجميع، وهو ما يتعلق بالمتغيرات الإجتماعية والسياسية والإقتصادية التي ألقت بظلالها على الرياضة السودانية ابتداءً بشغف الجماهير الذي تراجع كثيراً.. وقد تعاملت مجموعة السوباط مع هذه المتغيرات بأسلوب لم ينجح فيه كثيرين.. وتجاوزوا الخلافات بصورة مختلفة عن خلافات نادي المريخ _ على سبيل المثال _ والتي حولها البعض لقضية صراع عنصري وأحداث كان للإسقاطات النفسية لبعض أبطالها دور في تعقيد المشهد..!!
* هذه وجهة نظري في الأمر وقد نتفق فيه مع كثيرين ونختلف كذلك مع آخرين.. ولكن تبقى الثوابت في أنهم قدموا محاولات متميزة وجادة لتحقيق أفضل النتائج.. نجحوا في كثير.. وأخفوا في بعض الأشياء وهذا طبيعة البشر، ويجب أن نعترف كرياضيين بأن معظم الإخفاقات تعود إلى بيئتنا الرياضية في السودان عامة.. والتي تسيطر عليها المفاهيم القديمة والبالية.. وما زالت بعض مفاصل العملية الرياضية متيبسة وتحتاج للصيانة والتحديث بمراجعة تلك المفاهيم حتى تعود الحيوية والفاعلية للرياضة السودانية..!