حوار – ترياق نيوز : عبدالباقي جبارة
على هامش الندوة الكبرى في مبتدر تأبين استاذ الأجيال محجوب محمد صالح مساء الجمعة ١٢ ابريل ٢٠٢٤م بالقاهرة كان هذا اللقاء مع عضو الالية الاعلامية بحكومة الحرية والتغيير المنقلب عليها من قبل البرهان في ٢٥ اكتوبر ٢٠٢١م كذلك الاستاذ فايز السليك هو صحفي واعلامي معروف مناهض لنظام الانقاذ البائد بجانب أنه كاتب وروائي له منتوج فكري معروف، تطرق في هذا اللقاء للمكانة الكبيرة لاستاذ الأجيال محجوب محمد صالح ويرى بأنه من الاوجب أن يكرم داخل وطنه ولا سيما بأن سيرته تمثل هدى للأجيال، كما تطرق الحوار للراهن جراء الحرب الدائرة الان في السودان ومٱلات الاوضاع في الحاضر والمستقبل تتابعون ذلك في المساحة التالية :
استاذ فايز.. كيف تنظر لمثل هكذا فعاليات تأبين استاذنا محجوب محمد صالح أن تقام خارج وطنه أليس ذلك خسارة على الأجيال؟
_ طبعا.. مثل القامة محجوب محمد صالح توفى خارج الوطن واصلا لم يغادر وهو يعد من الأسماء النادرة جدا التي لم تغادر السودان ولم يغترب اطلاقا وخاصة في ال ٣٠ سنة الأخيرة، رغم أن كل الشخصيات المحسوبة على تيارات اليسار معظمهم غادر إلا محجوب محمد صالح ظل يناضل داخل وطنه حتى ٱخر رمق، ومن المؤسف توفى خارج السودان، والزمن الذي توفى فيه يمكن يكون متزامن مع أنهيار الدولة، أنقسام المجتمع تداعيات الحرب اللعينة وكان الأحرى مثل محجوب أن يكرم داخل السودان وتكرمه السلطات الرسمية على أعلى مستوياتها، ولكن من المؤسف السلطات الرسمية في بورتسودان ترفض حتى اقامة عزاء لاستاذ محجوب رغم أن استاذ محجوب في الفترات الأخيرة كان نهجه اصلاحي وليس ثوري ولم ينحاز لطرف ، وحتى في فترة حكومة الثورة المسؤلين كانوا بهتدوا بٱراءه ويتفاكروا معه بإعتباره شخصية وطنية أكثر من أنه شخصية محزبة أو عندها موقف مغاير ، بالطريقة الثورية اذا لم تحتمل شخص مثل محجوب يعني ذلك بأن البلد منتهية، مثل هذه التصرفات تؤدي الى نزيف العقول وفي ما يسمى بالطبقة الوسطى كما يلاحظ بأن الكتب وكل المنتوج الفكري يطبع في القاهرة وبيروت وامريكا ويظل في مكتبات تلك الدول وهنالك مئات الكتب التي صدرت لم يطلع عليها السودانيين إما فشل اصحابها في توزيعها في السودان أو منعت الرقابة توزيعها وهذه اشكالية كبيرة وهذا التصرف يمنع تواصل الاجيال ويحرم السودانيين من ميزة مهمة جدا هي تعاقب الاجيال وتواصلهم ، ولكن اذا في عزاء واحد هو الصحافة الجديدة الالكترونية التي تكسر حاجز المسافات والحدود وتخترق جدر كانت سميكة مثل هذا التأبين في القاهرة وينقل في جوبا ومختلف دول العالم لكن للاسف الخرطوم محرومة وكذلك بورتسودان .
هذه الحرب الدائرة الٱن بالتأكيد تقضي على الحياة في البشر والحيوان لكن كيف تنظر لاستهداف العقول هل هو عمل ممنهج أم جهل من الذين يديرون المشهد؟
_ هذه الحرب بالنسبة لي حرب وجودية وتعمل على إعادة خارطة الوطن بالجماجم وتعمل على إعادة ترسيم المشهد بالدماء اسبابها ونتيجتها واضحة، حرب اطرافها الاثنين غير مسؤلين على الاطلاق ومسائل كثيرة كان يمكن تحل ويا ريت لو كانوا بشوفوا ليه تأبين لاستاذ قامة معظم الناس بره الوطن ، والأمر الٱخر في كل الحروب في العالم تجد الصحافة والقنوات تبث الاحداث في غزة تل ابيب اليمن وغير ذلك الا حرب السودان هنالك شئين تشير الى غرابة هذه الحرب الا وهي غياب الاعلام والاسعاف هذا ما يؤكد بأن هذه الحرب عبثية مثلا تستهدف المتاحف، تستهدف الاذاعة، المسرح، وغير ذلك. طبعا المقاتلون في الطرفين وخاصة مقاتلي الدعم السريع تنقصهم المعرفة بقيمة مثل هذه الأشياء فهذه مصيبة كبيرة ونتمنى من قادة الدعم السريع على وجه التحديد وقف هذه الانتهاكات مثل الاغتصابات وغيرها ووقف ما يسمى بفصل الذاكرة مثل المتاحف التماثيل الرموز الوطنية هذه الانتهاكات تفصل تاريخ من تاريخ .
اذن ما هو رأيك في حالة الاستقطاب الحاد التي وصلت لشخصيات الناس بعتقدوا بأنهم مفكرين كبار اصبحوا يتحسبوا على طرف من الاطراف مثل محمد جلال هاشم ودكتور عبدالله علي ابراهيم ؟
هذا سؤال صعب بالنسبة لي خاصة بأن محمد جلال هاشم استاذي لكن صراحة مواقف كثير من مثل هؤلاء تدعو للحيرة لا يمكن انت كانسان مثقف تدعو للقتال في النهاية هذه حرب أهلية وحتى الحديث عن أن الدعم السريع غير سودانيين واجانب هذا حديث دعاية حربية أكثر من أنه حقيقة، نحن يجب أن نتحدث عن سلوك وممارسات منسوبي الدعم السريع وليس الحديث عن هويتهم لأن مثل هذا الحديث استقطابي وعنصري وأي مجموعة اثنية تمثل حواضن لهؤلاء المقاتلين مثل هذا الحديث يستفزهم، للاسف مثل هذه المواقف لم تحدث لأول مرة في الماضي كان الحديث عن مني اركو مناوي بأنه تشادي وكذلك ابراهيم محمود بأنه اريتري، انا دائما اقول لهم تحدثوا عن الافعال لذلك الناس غرقوا في وحل ما كان لهم الانزلاق فيه.
_ ما هي نقاط الضوء في هذا المشهد القاتم حسب متابعتك؟
بالتأكيد كل المؤشرات تشير بأن هذه الحرب وجودية وصعب أنها تقف، وتفقد إرادة الطرفين لايقافها.
_ هل خرجت من بدهم ام ما زالوا مسيطرين عليها؟
الى الٱن مسيطرين عليها ، هذه الحرب في الاساس اشعلتها الحركة الاسلامية باقلام صحفييها بخطابات قادتها قبل الحرب لأن الحركة الاسلامية ما قادرة تستوعب الحكمة التي تقول : ” لو دامت لغيرك ما ٱلت لك ” السلطة هذه مثل المال ” ضل ضحى ” فهم عندهم حالة انكار مرضي بأنهم فقدوا السلطة هذه الحرب خطة من الخطط لضرب ثورة ١٩ ديسمبر وهي بدأت منذ فض اعتصام القيادة العامة وانقلاب ٢٥ اكتوبر نفس الجنرالين الذين انقلبوا على الثورة حتى الوصول لهذه الحرب وهذه ليست حرب واحدة، بل عدة حروب في حرب واحدة الاسلاميين ضد القوى المدنية الاسلاميين ضد الدعم السريع الدعم السريع ضد الجيش الدعم السريع ضد المواطن و الاسلاميين ضد الجيش و الاسلاميين والبرهان ليس على قلب رجل واحد
اضافة الى أجندة اقليمية ودولية فهذه حرب متعددة الاوجه حروب داخل حرب لذلك ايقافها يحتاج الى عمل كبير جدا.
_ هل تتوقع أن يكون هنالك تدخل دولي؟
غالبا.. لأن الطرفين هذه الحرب بالنسبة لهم مصيرية..
_ التدخل الدولي ألا ترى أنه محفز للمقاومة الشعبية وبالتالي استعار الحرب؟
الان الشعب السوداني الربع منه خارج الوطن والغريبة معظم الذين يديرون عجلة هذه الحرب خارج السودان ، حتى الناس البهتفوا ” براءون يا رسول الله ” في الفيصل بالقاهرة وفي تركيا وغيرها لذلك الشعب ليس طرف في هذه الحرب.
_ بعيدا عن القراءة السياسية كيف تنظر لانحدار الخطاب الاعلامي للقادة في السودان مقارنة بلاءات الخرطوم الثلاثة في ١٩٦٧م الى لاءات البرهان الثلاث الأخيرة كيف تنظر لذلك؟
هذا الخطاب وحسب رؤية البعض يقولون لا احد يستطيع يتكهن بما يدور في عقل البرهان وفي نفس الوقت هنالك رواية تحت عنوان ” الجنرال في متاهته الأخيرة ” ولذلك البرهان غير معروف من الذي يديره، اللاءات الثلاثة التي اطلقها البرهان أولا أطلق الرصاص على رجليه لأنه يلغي المراحل الثلاثة وهو كان على رأس الثلاثة مراحل وبالتالي لغى وجوده هو نفسه وانا لو في محله وشجاع أتنحى على الفور وهذه اللاءات تعني لا للعودة الاعوام ٢٠٢٣ ، ٢٠٢١ أو ٢٠١٩م وهو على رأس هذا المشهد في كل تلك المراحل ومسؤل مسؤلية كاملة لذلك لا احد يتكهن بما يدور في عقله، في نفس الوقت البرهان يلعب بالبيضة والحجر وسائر في ذات درب الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح الذي كان يرقص على رؤوس الافاعي ايضا البرهان يرقص على رؤوس الافاعي.
هل يمكن يكون مصيره نفس مصير علي عبدالله صالح؟
_ لا استبعد ذلك، الحركة الاسلامية بالذات كثير ما تتهمه بالعميل والخائن وأي اتجاه له للسلام يمكن تكون هذه نهايته وايضا نهاية الحرب نهايته المهم سيظل يغني مع عثمان حسين ” يا ناس لا لا ” .
_ استاذ فايز ألا ترى الخطاب الاعلامي للقوى المدنية وهي الوحيدة المرتبة ومنظمة ضد الحرب لكن خطابها الاعلامي ضعيف في مواجهة الخطاب المبتذل الداعم للحرب؟
في الحقيقة خطاب تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية ” تقدم ” أو الحرية والتغيير هو أضعف الحلقات وليس اليوم فقط بل منذ عهد حكومة الحرية والتغيير، والٱلية التي عملنا فيها كان اضعف جانب فيها هو مسألة الاعلام اذا قارنته باعلام ” الفلول ” اعلام منظم، هنالك غرف متحكمة في الخطاب وهذا الكلام انا ذكرته في كتاب تحت عنوان ” مراحل الانتقال ” بمعلومات وبوثائق.. مثلا في اعلام ” الفلول ” في الثانية تجد ” هاشتاق ” واحد منشور في مائة حساب على الوسائط حيث يقومون باغراق الفضاء وهذا الخطاب قائم على الكذب والتضليل والفبركات والاشاعات واستخدام العاطفة داخل المجتمع السوداني مثلا يتحدثون عن الدعم السريع بأنهم غير سودانيين يعني غزاة وكذلك القوى المدنية هي الجناح السياسي للدعم السريع في المقابل ” تقدم ” مواقفها صحيحة لكنها فاشلة في التعبير في ظل غياب مؤسسات اعلامية، خلال الفترة الانتقالية كل القوى السياسية فشلت في اقامة أي منصة اعلامية حتى وسائل الاعلام المتعاونة معها لم تستطع توظفها مثلا قناة الشروق ٱلت لهم لم يستطيعوا تشغيلها وإدارتها، للأسف يفتقرون للحساسية تجاه الاعلام، ودائما يفتكروا بأن الاعلام هو مجرد تصريحات مثلا فلان يعمل تصريح يقول لك ” ردمتهم ” في حين ان هذا التصريح قد يستخدم ضدك لذلك تجد لدى المدنيين جسم سياسي بلا صوت بلا لسان مثل حكومة بلا صحافة أو صحافة بلا حكومة فهذه قوى سياسية منظمة بلا اعلام.
_ ألا تعتقد بأنه ٱن الاوان للاعلام المهني الحر المستقل الرافض للحرب أن يأخذ مكانه الطبيعي؟
بالتأكيد ٱن الاوان أن تكون هنالك مؤسسات اعلامية حقيقية منصات وحتى عبر الفضاء لأن الطبيعة لا تقبل الفراغ يجب أن يتنظم اعلام الثورة على اعلام القوى المدنية فلا يمكن أن نجد اعلام يشيطن شخص يقول لا للحرب ويمجد الذين يدعمون استمرار الحرب.. الان الحرب بلغت عام كامل وقبلها قالوا تنتهي خلال ستة ساعات يجب أن يواجهوا بهذه الوعود فماذا ينتظرون زيادة عدد الخسائر مثلا.. فهذا الاعلام اعلام الحركة الاسلامية يتحدث بلا سقف اخلاقي والاعلام الداعم للحرب يستخدم عاطفة الشعب ويخوض في اعراض الناس ويشيطن خصومه السياسين بلا سقف اخلاقي ويتحدث بلا أدني معايير فلا بد من اعلام مؤسس يواجه هذا الاعلام الفج..
.