لا شك بأن السواد الاعظم من الشعب السوداني تشرئب اعناقهم لبشريات تنهي هذه الحرب اللعينة بأي شكل وبأي كيفية من شدة مآسيها وفظاعتها ، وبما أن النتيجة الحتمية لايقاف أي حرب هو التفاوض وبالتالي منبر جدة الذي انطلقت فيه المفاوضات بين الجيش السوداني والدعم السريع في نسختها الجديدة هو ” القشة التي يتعلق بها الغريق ” من المكتوين بنار الحرب .. بغض النظر عن ما تفرزه من واقع جديد وفرضية أن تفرز المفاوضات حالة عنف متلازمة للشعب السوداني على مدى عقود او تلاشي الدولة السودانية بحدودها المتعارف عليها لا قدر الله .. كيف ؟ ذلك ما سنتعرف عليه في المساحة التالية : اولا هنالك اجماع بأن اندلاع حرب ١٥ ابريل اسبابها سياسية بحتة وصراع على كراسي السلطة سواء اطماع العسكر من المكونين المتحاربين أو من يقف خلفهما من المدنيين أو القوى الدولية وبالتالي تشخيص المرض جاهز لكن ذهب الطبيب المداوي لعلاج الاعراض والاعراض هي الحرب وإن عظمت حيث البيان المشترك للميسرين الوسطاء في مفاوضات جدة المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الامريكية حددوا اجندة التفاوض في ايقاف الحرب وتوابعها من وضع انساني وغيره وتم ابعاد المحور السياسي بشكل قاطع ، في الحقيقة مجرد قبول هذه الاجندة يعتبر تحقيق هدف كبير من الوصول للدولة المدنية بابعاد العسكر نهائيا من لعب اي دور سياسي وهذا هو مطلب الشعب ومطلب ثورة ١٩ ديسمبر .. لكن اذا افترضنا جدلا مضت المفاوضات كما خطط لها وتم التوقيع على الاتفاق النهائي على وقف الحرب والبعد عن اي دور في السلطة من قبل المكونين العسكريين ورفع العسكر يدهم من اي مؤسسة حكومية ما عدا دورهم العسكرية وتحقق شعار العسكر للثكنات فهل المدنيين بالجاهزية التي تجعلهم تلقائيا يتولوا إدارة الدولة ؟ هذا اذا افترضنا جدلا ارتقت القوى السياسية المدنية للمسؤلية الاخلاقية وحصل بينهم توافق ولو في حده الأدنى فهل هم بالجاهزية لتولي المرحلة وخاصة اي جهاز تنفيذي لا بد له من قوة أمنية تحرسه ولذلك دور الأجهزة الامنية والعسكرية في السلطة حتما يناقش ضمن الحل السياسي اذا اردنا له أن يأتي حلا متكاملا ، وبالتالي خطة منبر جدة بتجاوز جند المحور السياسي وإن كان سيسهل التوصل لاتفاق لكنه لن يأتي بحل نهائي وشامل ينهي الحرب وعليه كان من الاوجب ان يتحلى الجميع بالشجاعة وبتم ادراج اس المشكلة الا وهو مناقشة الازمة السياسية التي قادت للحرب أو أن يكون هنالك منبر موازي لمنبر جدة يناقش الحل السياسي ويحدد شكل الحكم وآلياته في مرحلة ما بعد الحرب .. الان التفسير الاقرب بأن منبر جدة دوره ايقاف الحرب ويعالج الوضع الانساني ويبعد العسكر من إدارة شئون الدولة وببساطة شديدة يأتي المدنيين يعتلوا الكراسي بلا هدى او كتاب منير واما تحرسهم الملائكة او تأتي قوة اجنبية تحرسهم او تكون البلاد ” طلق ” أي سايبة القوي يأكل الضعيف .. عليه النظر لمآلات الوضع في السودان من أي زاوية مظلم وهذه النظرة تأتي نتيحة لتغييب المواطن السوداني كليا عن شأن دولته وحتى الاعلام الوطني مغيب ولن يستطيع أن يبصر الرأي العام بالواقع او يمهد له لواقع جديد أنظر تغييب الاعلام السوداني من منبر جدة وتغييب الاعلام السوداني في المنابر المتعددة الاخرى في اثيوبيا وجنوب السودان وغير ذلك فقط يتحصل على المعلومة بالاجتهادات الفردية او ما يريد ان يمليه علينا صاحب المنبر وحتى الاعلام الداعم للحرب حول المؤسسات العسكرية مجرد ناقل او صانع محتوى فارغ ولذلك لا يوجد تفسير للوقائع بصورة حقيقية .. فكيف نحلم بدولة آمنة ومستقرة .. الله المستعان ..