X
    Categories: اعمدة

عبدالباقي جبارة .. يكتب .. ” فولكر ” .. شاهد شوف كل حاجة !

منذ اندلاع الحرب في ١٥ ابريل هنالك يقين راسخ لقوى الثورة بأن من يقف خلف هذا الحريق هم ” الفلول أو الكيزان ” وأن الهدف الاساسي لهم إنهاء العملية السياسية التي صممت لابعادهم من المشهد نهائيا والى الأبد ، ولذلك الحرب بالنسبة لهم أصبحت حتمية بغض النظر عن من اشعل شراراتها الاولى . والخطاب الاعلامي المرسوم لهذه الحرب هو التخلص من المليشيات المتمردة المسنودة داخليا وخارجيا وتهدف الى أن تحل محل الجيش الوطني قوات الشعب المسلحة ، ورفع شعار ” الكرامة ” لهذه الحرب لاكتسابها قدسية وضمان مساندتها من قبل الشعب وتشكيل حائط صد ضد التدخلات الاجنبية التي قد تساند الدعم السريع .. لكن الشاهد في الأمر القوى السياسية التي تقف خلف هذه الحرب لم تصبر عليها كمشروع وطني يهدف لمصلحة الجميع وخاصة الذين يؤمنون بجيش قومي واحد بعقيدة وطنية يجد كل سوداني فيه نفسه ، ولكن الاسلاميين الداعمين لهذه الحرب لم يصبروا على الخطاب الاعلامي الذي لا يعزل أي مواطن أو أنهم يرون بأن هنالك اهداف لا تتحقق الا اثناء سير المعارك مثل شيطنة احزاب الاتفاق الاطاري ودمغ قياداته بالعمالة والخيانة الوطنية واستغلال الخطاب التحذيري لاحزاب قوى اعلان الحرية والتغيير من هذه الحرب باعتباره تهديد تحول لفعل على ارض الواقع ، وبالتالي يكسب الاسلاميين نتائج هذه الحرب بربح مزدوج التخلص من خصومهم السياسين وفي نفس الوقت سيكونون هم البديل الجاهز لحكومة ما بعد الحرب ، والتي ستكون محمية بقوانين الطوارئ وادواتها اجهزة الدولة الامنية التي ستسلمهم الحكومة لقمة سايغة ، وحتى الآن يعتبرون أنهم نجحوا لحد كبير في هذا الجانب لكن امامهم تحديين كبيرين هما كيفية إنهاء هذه الحرب بهزيمة ساحقة لقوات الدعم السريع دون أن يكون لهم أي وجود ولذلك يقفون حجر عثرة أمام أي دعوة لايقاف الحرب بإتفاق يمكن أن يحقق مكاسب للدعم السريع ، ورغم أن هذه النقطة متعثرة وكل الدلائل تشير لأن هذه الحرب لن تنتهي الا بتفاوض وإن اشتد أوارها ولكنهم أي الاسلاميين متمسكين بالامل ولذلك عملوا على إزاحة عقبة كؤود في طريق تحقيق طموحهم ألا وهو المبعوث الأممي ” فولكر بيرتس ” الذي يعتبر شاهد شاف كل حاجة ومتابع لكل هذه المراحلة فوجوده قد يبدد طموح هذه الجماعة ولذلك عملت عناصرهم داخل مؤسسات الدولة على إبعاده في هذه المرحلة الحساسة ،  لكن للاسف الخطوات تمت بدون حصافة دبلوماسية وهي طبق الاصل لدبلوماسية حكومة عمر البشير التي عندما تعجز عن المساومات تلجأ للهجة تحدي المجتمع الدولي وهذا ما حصل في موضوع فولكر هذه الايام ، لكن الوضع الآن اضعف ما يكون من عهد البشير والبلاد لا تحتمل أدنى عزلة وخاصة بأن القوات المسلحة في حوجة ماسة للمساندة الدولية على الاقل للمحافظة على وحدة وسيادة هذه البلاد ووجود ممثليها في المنابر الدولية وأي حديث عن أن السودان غير محتاج للمجتمع الدولي ومقارنته بأن الاوضاع كانت ميسرة في ظل الحصار في عهد البشير فالواقع لا يشبه ذلك الواقع ، فالاصرار على انتهاج نفس النهج هو بمثابة الانتحار والانتحار ليس لجماعة سياسية محددة بقدر ما هو انتحار لوطن وشعب كامل .. فعليه تداعي كل القوة الوطنية وعدم ترك الحبل على القارب لفئة محددة تتبنى مصير هذا الوطن لصالح فئة محددة ولن تنجح في ذلك ، وبالتأكيد هذه الحقائق المرة لا تعني العمل ضد القوات المسلحة أو عدم مساندتها واكبر ما يضر الآن بالقوات المسلحة الذين يتخفون خلفها لمآربهم ويتصدرون المشهد بأنهم الدرع الواقي للقوات المسلحة ، والحقيقة اكبر داعم للقوات المسلحة هو من يدعو للحمة الوطنية دون تبني خطاب الكراهية والإقصاء حتى لو كانت هنالك اخطاء أو اختلاف رؤى لا يعني تبني خطاب الانقسام وتبني خطاب ايقاف الحرب اذا لم يفسر انهزام أو انكسار هو قمة المساندة للقوات المسلحة للمحافظة على ما تبقى لها من مقدرات وخاصة بأن مهددات هذه البلاد لن تقف على الصراع بين الجيش والدعم السريع وقد تكون هذه الحرب مدخل لما هو أخطر بكثير اذا لا قدر الله استمرت هذه الحرب أكثر من ذلك .. حفظ الله البلاد والعباد