X

الشاعرة اليمنية ليلى الحيمي .. تكتب .. جريمتي يمني

من أيَن أبُد يا سيدِيِ
فِقصتِي قصَة
حكَايتِي نُدرة
ولا تُعنوُن بفقرة
عن بلٍد كان أُسُمه اليمن
وزد عليه صفةٍ بأنها سعيدةٌ تلك اليمن
عن خضرةٍ كأنها جنةً
والرائيِ فيها كأنُه بذرِة
عن شعبٍ فيه تواضعٌ لا يٌوصف بكلمة
عن خيرٍ كان فيه بلا قلة
عن قهوةٍ بُنٌ تتلذها عشقاً ولو مرة
وتُعد الأيام أن تأتِي السٌفن بها ولو كرة
عن غزلٍ الصوفِ والعطرِ وبخورٍ تنفحُ للمارة
عن كل الخيرِ في بلدٍ به طرقٍ وعرة
عن صنعاءِ وبيوتها فجُمال الألوان بها حُمرة
عن عدنٍ عُروُس البحرِ أو تلك الحُدُيِدة في القصة
عن كل المدنِ بها يا سادة
هي جنةٌ الله في أرضهِ
عن حضارةٍ لا تُنُسى أو تُهُلك بالعلةِ
وسياسيٌ قديمٌ فيها كان مُحبٌ لها بالفطِرة
هذا يا سيدي أثناء وبعد تلك الوحدة
أمَا عن عام ما بعد الألفينات دعني أُحدثَك عن اليمن فيهِ بلا حرجٍ أو خلهِ
هو عامٌ الشؤم للبلدِ وأهله يا ولديِ
هو عامٌ طغت فيه الساسة قبل العامة يا صحبِي
هو عامٌ دخلت فيهِ آهاتُ الحربِ للبيتِ وأهلهِ بالساعاتِ وثوانِي الوقتِ من الزمنِ
وسَأسُرد قصةً للعلن
كنتُ بالشارعِ يا عربيِ
ولفتنِي وجه الطفل يشرِي لعبةً بفرحِ
فالكل آمنٌ هو في الشارعِ يمشيِ بلا قلقِ
حتى إن جاء صاروخٌ يقضي على الطفلِ بلا سببِ
اللعبةُ بيدهِ قد خانُتهُ في الوقعِ
الصدمة أقوى بأنَ تُدرك
فالأمٌ تصِرخُ من وجعٍ
والكل يهربُ من الموتِ
لا صوتٌ يعلوُ سِوى الأمُ
هل من معتصمٍ ينٌجِي ابنِي أو يحمينِي
كانت نبرات الصوتُ بها تعلوٌ
لا مسعفِ لا منقذ ِلا حاميِ
الكلُ مُوتى يا أمٌي
تأتي ببجاحهِ سيارةُ إسعافٍ في النهايةِ
ونجوتُ أنا وكأني معجزةٌ من ربيِ
آهٍ يا وجعي ما اٌقاساهُ من يومٍ
فوصلتُ لبيتي أتفقدُ أمُي أو أخُتِي
فرأيتُ الفاجعةَ الكبرىَ
أماهَ، حتى أنتِ قصفتكِ طائرةُ الشؤمُ
فصرختُ بنبراتٍ تعلوُ
هل من معتصمٍ ينقذُني أو يٌعطيني بذرة أملِ
أدركتُ وجع الأمِ في تلك اللحظة
ما أقاساها كانت لحظة
آه يا أمُيِ : لو كان بيِدي أن أُعيدك ليِ ولُو لِمرة
ورأيتُ بِعينيِ بيتاً تقصفهُ طائرةٌ أخرىٌ بلا رحمة
صرخات الطُفلِ تقتُلنِي
بل وجعُ الأمُ يِهدمٌنِي
عن ماذا أحدثكم يا عالم!
عن وجع مكتوب بالقلمِ أو بارود الصاروخ الملتهبِ
عن ماذا يعجز الوصفِ عن الكلمِ
عن ساسة كانوا نقمةٍ للشعبِ والوطنِ
الهم الواحد في جُعبتِهم هو مال الدوُلة والوطنِ
قسِ على ذاك يا بُني ، ساسة الوطنِ العربيِ
والقهرُ الأعظمٌ يا ولدي يبنوا قصوراً لهم في الغربِ
والشعب تركوهٌ يِحرقهُ الجوعُ واللهُبِ
آه يا ولدي قد شاب القلبُ من رؤيا القتلى واللهبِ
في وطنٍ كان أسمهُ مقترنٍ بالسعدِ والأملِ
قد صار الدمارُ هو البيت لوطنِ
بل صار الجوعُ والفقرُ هو راتبُ المواطنُ في وطنيِ
بل صار البُؤس على وجه الطفلِ قبل الأبِ أو الأمِ
بل صار الحزن يرسم على حيوانٍ خوفاً بأن يلتقطه بعض من اللهبِ في الشُهبِ
بل صار الحلم هو الأمن في وطنيِ
أين السعيدة يا ولدي؟
في الحرب لا يوجد أهلٌ أو نسبِ
لا صدقِ هناك أو أملُ
لا شيء هناك يا ولدي
آه يا ولدي! آه يا ولدي!
حتى بالغربة يا ولدي صِرتُ منبوذاً من الغربِ
ولأني يمنيٌ في الأصلِ
الكل يَكرهُني بلا فرقِ
في مرةٍ أذكرُ يا ولدي
حاولتٌ أقدمٌ لجوءً في بلدٍ غير عربيِ
لكن الشُرطيُ تأكدَ أن الهوية كانت يمني
فتأسف قائلاً: لا نقبل إرهابياً في وطنيِ
ما جُرمي يا ولدي؟
من كان السُببُ في هذا؟
هل كان الساسةُ في الغالب همُ السببُ
من جعلوا وطنيِ بلا قيمة
من جعلوا بلديِ تُؤكل خيراتهُ للغيرِ
ونموت جوعاً بالنظر
قل لي: يا ولدي
هل تعرف إجابة لسؤالي
أمَا أنك الآخرُ لا تِعي ما أقولهُ يا ولدي
واليوم أُسُائلُ نفسي : ما جُرمي في هذا العالم يا وطني!
ما جُرمي يا وطني!
ما جُرمي يا وطني !
فرأيت العالم يتحدث: أن اليمني لابد أن يُستأصل للأبدِ
ولا يُقبل في أي بلدِ
والسببُ الأقبحُ بأنَ جريمتي يمني
أمَا ماذا يا وطني!
يا ليتك تصرخ أو تعتب لي ولو بالكلم
أعلم أنك مجروح مثلي يا وطنِي
لكن لا بأس يا وطنِي
فالجرحُ دواءٌ أحياناً للعللِ
لكن بالداخل أملٌ يا وطني أن
يأتي النورُ لأنهض بك
وأفتخر بكوني يمنياً فيك
يا وطني يا وطني يا وطني.